آفي شلايم: إسرائيل أصبحت أخطر الأماكن على اليهود
17 فبراير 2025
في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، شنت المقاومة الفلسطينية واحدة من أكبر وأعنف الهجمات على إسرائيل في تاريخها، وخلال الهجوم قامت المقاومة باحتجاز 251 إسرائيليًا في غزة، كان من بينهم شلومو منتسور، البالغ من العمر 86 عامًا.
رغم أن الرواية الصهيونية تضع منتسور "ضحية لمعاداة السامية"، فإن الحقيقة أكثر تعقيدًا، حيث يوضح المؤرخ الإسرائيلي آفي شلايم في مقاله المنشور في صحيفة "هآرتس"، أن الحركة الصهيونية لعبت دورًا في مآسيه، أولًا بوضعه في خطر خلال ترحيله من العراق عام 1951، وثانيًا بعدم حمايته في مستوطنة كيسوفيم.
يؤكد شلايم أن شلومو منتسور لم يكن سوى واحدًا من آلاف اليهود الذين تم التلاعب بهم من قبل المشروع الصهيوني، حيث تم ترحيلهم قسرًا ليصبحوا جزءًا من دولة لم يكن لديهم خيار في الانتماء إليها
الهجرة القسرية من العراق إلى إسرائيل
وُلد شلومو منتسور في العراق عام 1938، وشهد حوادث "الفرهود"، وهي حوادث نهب واعتداء التي تعرّض لها اليهود العراقيون في بغداد في شهر حزيران / يونيو 1941. غالبًا ما تُستخدم من قبل المؤرخين الصهاينة كدليل على عداء العرب لليهود، لكن شلايم يقول إنها كانت استثناءً ولم تكن القاعدة.
بعد ذلك، استؤنفت حياة اليهود في العراق بشكل طبيعي، لكن التغير الجذري جاء بعد نكبة عام 1948، عندما تحول اليهود إلى هدف بعد الهزيمة العربية أمام إسرائيل. في تحليله لهذه الفترة، يشير المؤرخ الإسرائيلي إلى أن الرواية الصهيونية حاولت تضخيم "معاداة السامية" لخدمة مشروع الهجرة الجماعية إلى إسرائيل.
الواقع هو عجز الاحتلال عن تحقيق أي من الأهداف العسكرية الأساسية، "تحرير الرهائن" أو الإجهاز على أي من القادة أو السيطرة المطلقة على مجالات حضرية في قلب #غزة أو ضرب شبكة الأنفاق الاستراتيجية.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) November 24, 2023
اقرأ مقال @t_kahlaoui : https://t.co/TmZjmcRQY2 pic.twitter.com/pGLXTN07hi
في عام 1950، سمحت الحكومة العراقية لليهود بمغادرة البلاد بشكل قانوني، بشرط التنازل عن جنسيتهم. كانت هذه الهجرة جزءًا من مخطط صهيوني أوسع، حيث تم تنظيم رحلات جوية إلى إسرائيل، مما أدى إلى ترحيل 125 ألف يهودي من العراق إلى إسرائيل، ليجدوا أنفسهم في معسكرات عبور فقيرة، حيث عانوا من التهميش وسوء المعاملة على يد النخبة الأشكنازية الحاكمة.
تفجيرات بغداد ودور الموساد
تشير أدلة تاريخية عديدة، استعرضها شلايم، إلى تورط الموساد في تفجيرات بغداد بين عامي 1950 و1951، التي استهدفت منشآت يهودية وخلقت ذعرًا أدى إلى تسريع الهجرة الجماعية. أحد الشخصيات الرئيسية في هذه العمليات كان يوسف إبراهيم بصري، وهو عضو في التنظيمات الصهيونية السرية، والذي قُبض عليه وأُعدم لاحقًا في العراق. كشفت الوثائق التي درسها المؤرخ الإسرائيلي أن بصري كان يعمل تحت إشراف ضابط المخابرات الإسرائيلي ماكس بينيت، الذي لعب لاحقًا دورًا مماثلًا في فضيحة لافون في مصر عام 1954، حيث تم تنفيذ هجمات بهدف تأليب الغرب ضد الرئيس جمال عبد الناصر.
شلومو منتسور: ضحية الصهيونية مرتين
في تحليله، يؤكد شلايم أن شلومو منتسور لم يكن سوى واحدًا من آلاف اليهود الذين تم التلاعب بهم من قبل المشروع الصهيوني، حيث تم ترحيلهم قسرًا ليصبحوا جزءًا من دولة لم يكن لديهم خيار في الانتماء إليها. لكن مأساته لم تنتهِ هنا، حيث تُرك دون حماية عندما هاجمت حركة حماس مستوطنة كيسوفيم في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، حيث تم أسره ليعلن عن مقتله لاحقًا في غزة، ولم يتم استعادة جثته حتى الآن.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب: "إذا لم يتم الإفراج عن جميع الرهائن بحلول السبت، اتفاق وقف إطلاق النار سيُلغى، وسيندلع الجحيم".
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 11, 2025
اقرأ أكثر: https://t.co/hEHNCvXBDE pic.twitter.com/vtfdjDp3Ws
إسرائيل: بين الأمن ومعاداة السامية
تدّعي الحكومة الإسرائيلية أن إسرائيل هي المكان الأكثر أمانًا لليهود، لكن الواقع يعكس صورة مختلفة تمامًا. يوضح شلايم في مقاله بـ"هآرتس"، أن سياسات الاحتلال والقمع الإسرائيلي للفلسطينيين هي السبب الرئيسي في تصاعد معاداة السامية عالميًا. ويشير إلى أن حكومة نتنياهو الحالية تعزز معاداة السامية عبر تحالفاتها مع أنظمة يمينية متطرفة مثل حكومة فيكتور أوربان في المجر.
المفارقة الكبرى التي يبرزها شلايم أن إسرائيل، التي تُقدم نفسها كـ"ملاذ آمن لليهود"، باتت اليوم أحد أخطر الأماكن عليهم، بسبب سياساتها العدوانية تجاه الفلسطينيين، والتي تؤدي إلى تصاعد العداء تجاه اليهود في العالم.
ومع ذلك، تستمر الحكومة الإسرائيلية في استغلال "معاداة السامية" كذريعة لتبرير سياساتها التوسعية وقمع الفلسطينيين، في تكرار مستمر لنفس الأخطاء التي دفعت يهود العراق، ومن بينهم شلومو منتسور، إلى المجهول.