أداة ذكاء اصطناعي تحدث تغييرات ثورية في عالم كرة القدم

شهدت كرة القدم تطورًا ملحوظًا على مدار العقود الماضية، ولم يعد نجاح الفرق مقتصرًا على المهارات الفردية والخطط التكتيكية، بل أصبح يعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا المتقدمة، وخاصة الذكاء الاصطناعي.

هذه التقنية، التي أحدثت ثورة في العديد من المجالات، أصبحت الآن أداة حاسمة للأندية والمدربين والمحللين الرياضيين لفهم وتحسين الأداء على أرض الملعب.

ومع تزايد أهمية البيانات في التحليل الرياضي، أصبح الذكاء الاصطناعي قادرًا على تقديم رؤى متعمقة من خلال تحليل ضخم للبيانات ومقارنتها بعدد لا يحصى من المتغيرات، حيث تلعب التكنولوجيا دورًا رئيسيًا في مجالات متعددة تشمل تحليل أداء اللاعبين، من خلال تتبع كل تحركات اللاعب داخل الملعب، من حيث التمريرات، الركض، السرعة، الضغط على المنافسين، وحتى تأثيره العام على المباراة.

رغم الفوائد الكبيرة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، لا تزال هناك مقاومة لاستخدامه في المجال الرياضي، خاصة من قبل الأندية والجماهير التي تخشى من تأثيره على الطابع العاطفي والإنساني للعبة

كذلك يشتمل دور التكنولوجيا على تحليل الفرق والمنافسين، حيث يساعد الذكاء الاصطناعي الفرق على تحليل أداء الفرق المنافسة والتخطيط لمواجهاتها بشكل أكثر دقة وفعالية. وبإمكان التكنولوجيا التنبؤ بنتائج المباريات، عبر تحليل أنماط اللعب والإحصائيات التاريخية، يمكن للذكاء الاصطناعي تقديم تنبؤات دقيقة إلى حد ما حول نتائج المباريات. وتستطيع أيضًا أن تحسن الانتقالات واختيار اللاعبين، عبر توفر الأدوات الذكية معلومات شاملة حول اللاعبين الذين يتناسبون مع أسلوب لعب الفريق واحتياجاته التكتيكية. ناهيك عن تجنب الإصابات وإدارة اللياقة البدنية، حيث تساعد التحليلات الفورية في تحديد المؤشرات الحيوية للاعبين والتنبؤ بالإصابات المحتملة لتجنب الإرهاق.

صحيفة "ماركا" الإسبانية تحدثت عن تقنية "بلايير"، والتي تعد واحدة من أبرز الأدوات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في تحليل كرة القدم، حيث تمتلك قاعدة بيانات تضم أكثر من 300,000 لاعب من أكثر من 200 دولة، وتقوم بربط مليارات نقاط البيانات لتقديم تحليلات وإحصائيات متقدمة حول الفرق واللاعبين.

كيف تعمل تقنية "PLAIER"؟

وفقًا لمؤسسها المشارك، يان ويندت، يعتمد النظام على ربط وتحليل مجموعة من المتغيرات مثل: قوة الفريق الذي يلعب فيه اللاعب.

الظروف المناخية (الحرارة، البرودة، الرطوبة).

طبيعة الملاعب (الارتفاع، سطح اللعب، الامتلاء الجماهيري).

مقارنة إحصائيات الأداء بين الدوريات المختلفة.

ويضيف ويندت: "تسجيل 15 هدفًا في دوري البطولة الإنجليزية لا يساوي تسجيل 5 أهداف في الليغا الإسبانية، الذكاء الاصطناعي يتيح مقارنة كل هذه البيانات بدقة وتقديم تقييم أكثر موضوعية حول مستوى اللاعب"، والهدف الرئيسي للأداة هو ليس فقط قياس أداء الفرق واللاعبين، ولكن التنبؤ بمستقبلهم الرياضي، مما يمنح الأندية ميزة تنافسية في سوق الانتقالات.

أهمية السرعة والدقة في التحليل

تتميز أداة "PLAIER" بقدرتها على تحليل كميات ضخمة من البيانات خلال 15 دقيقة فقط، بمستوى من الدقة يعادل تحليل أجهزة كمبيوتر عملاقة مثل تلك المستخدمة في وكالة "ناسا". وقد اعتمدت العديد من الأندية الأوروبية الرائدة هذه التقنية في عملية التقييم واتخاذ القرارات.

وأطلقت شركة "PLAIER" بالتعاون مع جامعة سانت غالن تقريرًا بعنوان "الوضع الحالي لكرة القدم: من يفوز، كيف، وبأي ثمن؟"، والذي يقدم تحليلات متعمقة لأداء الأندية الأوروبية، بما في ذلك الليغا الإسبانية.

ويعتبر الدوري الإسباني من بين أكثر الدوريات استقرارًا من الناحية الرياضية والمالية، ويقترب في مستواه من الدوري الإيطالي والألماني، رغم تفوق الدوري الإنجليزي الممتاز.

تحليل كفاءة الأندية الإسبانية وفقًا للتقنية

جيرونا: يُعد واحدًا من أكثر الأندية كفاءةً في استثمار الموارد المالية لبناء فريق قوي، ويصنف بين الأندية الأوروبية الكبرى من حيث الكفاءة الرياضية.

برشلونة: رغم كونه النادي الأكثر إنفاقًا في الليغا لموسم 2023-2024، إلا أنه لم يتمكن من تحقيق نفس الفعالية التي حققتها أندية أخرى مثل ريال مدريد، بسبب سوء الإدارة المالية وضعف العوائد الرياضية من الاستثمارات الكبيرة.

تصنيف الأندية من حيث الكفاءة الرياضية والمالية

الأفضل أداءً: جيرونا، ريال مدريد، أتلتيك بلباو.

الأضعف أداءً: برشلونة، إشبيلية، ريال بيتيس.

الأندية الأكثر استقرارًا ماليًا: ألميريا، رايو فاليكانو، ريال مايوركا، بينما جاء ريال مدريد في المرتبة الرابعة.

الأندية الأقل استقرارًا ماليًا: برشلونة، ريال بيتيس، إشبيلية، وفالنسيا.

ورغم الفوائد الكبيرة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، لا تزال هناك مقاومة لاستخدامه في المجال الرياضي، خاصة من قبل الأندية والجماهير التي تخشى من تأثيره على الطابع العاطفي والإنساني للعبة، يوضح يان ويندت أن التحدي الرئيسي هو "إنهاء الشكوك حول استخدام الذكاء الاصطناعي"، مشيرًا إلى أن الأندية التي تتبنى هذه التكنولوجيا ستحقق نجاحًا أكبر بكثير في المستقبل.

أصبح الذكاء الاصطناعي عنصرًا حيويًا في كرة القدم الحديثة، حيث يساهم في اتخاذ قرارات أكثر دقة واستدامة فيما يخص تحليل أداء اللاعبين والفرق، وكذلك في تحديد الاستراتيجيات المستقبلية للأندية. ومع تقدم التكنولوجيا، من المتوقع أن يصبح دور الذكاء الاصطناعي أكثر تأثيرًا في تشكيل مستقبل اللعبة، رغم التحديات المرتبطة بتقبله من قبل المجتمع الرياضي التقليدي.