1. سياسة
  2. سياق متصل

أزمة مصرف ليبيا المركزي.. من يتحمل مسؤوليتها وما تداعياتها؟

4 سبتمبر 2024
بات مصرف ليبيا المركزي ساحة صراع سياسي (رويترز)
الترا صوتالترا صوت

تُلقي أزمة مصرف ليبيا المركزي بظلالٍ قاتمة على المشهد الليبي، حيث أدت الأزمة إلى توقف تدفق النفط الذي يعدّ عصب حياة الاقتصاد الليبي، كما تتضرر بتوقفه مصالح جهات خارجية كثيرة، ولعلّ ذلك ما حدا بالأمم المتحدة إلى التوسط ورعاية مباحثات انطلقت الإثنين، وما تزال مستمرةً لحين إعداد هذا التقرير بين فرقاء الأزمة لحلّ الإشكالات المتعلقة بمصرف ليبيا المركزي واستئناف إنتاج النفط، حيث تربط حكومة شرق ليبيا غير المعترف بها دوليًا ومجلس النواب الليبي رفع الحجر عن الإنتاج في حقول النفط والغاز بعودة محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، إلى منصبه الذي عزله منه المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي.

أدّت إقالة محافظ مصرف ليبيا المركزي من طرف المجلس الرئاسي إلى انفجار الأزمة الحالية، فبمجرد صدور قرار العزل تحركت فصائل مسلحة بعضها محسوب على المجلس الرئاسي، وبعضها ضدّ عزل المحافظ، صوب مقر مصرف ليبيا المركزي، الأمر الذي كاد يؤدي إلى مواجهات مسلحة في العاصمة طرابلس.

واجه مجلس النواب الليبي وحكومة شرق ليبيا قرار المجلس الرئاسي بإعلان الحكومة المكلفة من مجلس النواب والتي يرأسها أسامة حماد "حالة القوة القاهرة على قطاع النفط ووقف إنتاج الخام وتصديره".

يعدّ مصرف ليبيا المركزي شريان الحياة الاقتصادية في البلاد وأهم مؤسسة سيادية لم يطلها الانقسام

وبنى مجلس النواب وحكومة شرق ليبيا اعتراضهما على أن تعيين محافظ البنك المركزي ليس من اختصاص المجلس الرئاسي، "بل هو اختصاصٌ أصيل لمجلس النواب بالتشاور مع مجلس الدولة وفق الاتفاق السياسي الليبي الموقع بمدينة الصخيرات المغربية عام 2015"، في حين برر المجلس الرئاسي قرار تعيين مجلس إدارة جديد لمصرف ليبيا المركزي، بأنه "يأتي لتعزيز قدرة المصرف على القيام بمهامه بكفاءة وفاعلية، بما يضمن استمرارية تقديم الخدمات المالية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي".

الصراع على مصرف ليبيا المركزي

ترى كلوديا غازيني، وهي خبيرة في الشؤون الليبية بمجموعة الأزمات الدولية، أنّ "وقف تصدير النفط الذي أمرت به الحكومة المتحالفة مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر هو رد فعل للنزاع من أجل السيطرة على البنك المركزي".

وتوضح غازيني ما حدث في ليبيا مؤخرًا بالقول: "منذ سقوط الرئيس الليبي معمر القذافي كان منصب محافظ البنك المركزي الليبي يشغله الصديق الكبير الذي تمكن من تجاوز جميع التغيرات في المشهد السياسي الليبي، بما في ذلك كونه معارضًا شديدًا للسلطات في الشرق وحفتر، حتى أصبح الآن يمول مشروعات إعادة الإعمار الخاصة ببلقاسم حفتر وأشياء أخرى".

ليس ذلك فحسب، أي التقارب مع محور حفتر، بل تطور الأمر إلى أن ساءت العلاقة بين محافظ البنك المركزي ورئيس الحكومة المعترف بها دوليًا عبد الحميد الدبيبة، وبدأ مسار تدهور العلاقات بين حكومة الدبيبة ومحافظ مصرف ليبيا المركزي منذ نحو عامٍ ونصف، بعد أن شكا الدبيبة من "أنه لم يكن يتلقى أموالًا من البنك المركزي، وأصبح محرومًا من تمويله".

وبحسب المتابعين للشأن الليبي، فإن الأزمة أعمق وأعقد من "الخلاف حول الشخصية التي تتولى إدارة سياسة صرف أموال العائدات الليبية وتمويل مشاريع البنى التحتية والتنمية".

وفي هذا الصدد يقول مدير مركز بيان للدراسات نزار كريكش: "إن ما يحدث في ليبيا اليوم هو نتيجة مجموعة من التناقضات والأخطاء في بنية الاتفاقيات السياسية السابقة، وكان الجميع يحاول أن يغطي عليها تحت ذريعة تسوية النزاع، وغض النظر عما يرتبط بذلك من قضايا تمس نفسية المتنازعين ومصالحهم، فيكون المهم هو إيقاف الحرب، من دون معرفة كيف نوقف هذه الحرب".
ويضيف: "إنّ ما حدث في هذه المرحلة كان نتيجة عدم وجود تنظيم حقيقي لنتائج اتفاق جنيف عام 2021 برعاية الأمم المتحدة، ولم تكن نتائجه مرضية لكافة الأطراف، وبدأ بينها تنازع شخصي، خاصةً بعد استمرار هذا النظام الذي كان يريد أن يعطي فترة سماح لهذه الأطراف كلها لتكوين نظام سياسي متعدد يسمح بإجراء انتخابات شرعية".

وعندما كانت علاقات الصديق الكبير "سمنًا على عسل" مع حكومة الدبيبة، استفاد الأخير من تمويل مصرف ليبيا المركزي لمشروعه التنموي الذي أطلقه تحت مسمى "عودة الحياة"، وهو مشروعٌ يهدف من خلاله الدبيبة كطرفٍ سياسي إلى كسب معركة الرأي العام، وموّله محافظ البنك المركزي الصديق الكبير ضاربًا عرض الحائط بمسألة "اعتماد الميزانية من البرلمان".

لكنّ المحافظ الصديق الكبير الذي كان معارضًا شرسا لحفتر توجه في الآونة الأخيرة لتمويل مشاريع كبيرة لصالح حفتر، من بينها مشروع "إعادة الإعمار بعد مأساة الفيضان في درنة" الذي أشرف عليه بلقاسم حفتر، وذلك أيضًا خارج أطر القانون والرقابة، وازداد الطين بلةً بحرمان المحافظ حكومة الدبيبة من التمويل، في توجه فُهم منه الانحياز لمعسكر حفتر.

هذا التوجه الجديد لمحافظ البنك المركزي قرأ فيه محور طرابلس تهديدًا وجوديًا، فمن دون المال تتعطل إمكانية الفعل والإنجاز، آخذًا في الاعتبار أنّ عائدات النفط كلها يتم توجيهها لمصرف ليبيا المركزي ليعيد توزيعها بالتناصف بين شرق ليبيا وغربها.

أمام هذا الوضع لم يعد أمام المجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة إلا التخلص من المحافظ والمجيء بإدارة جديدة، لكن هذا المسعى ليس بذلك اليُسر، فمع أول قرارٍ بتغيير إدارة البنك ردّت حكومة الشرق بتعطيل الإنتاج في حقول النفط التي يوجد معظمها في المنطقة الشرقية.

تداعيات لا تحتملها ليبيا

ليس من المبالغة، حسب المتابعين، القول إنّ أزمة مصرف ليبيا المركزي هي أزمة وجودية بالنسبة للدولة الليبية، فمن غير عمل هذه المنشأة المالية والاقتصادية الحيوية، تتوقف عجلة التنمية في البلاد. بل أكثر من ذلك من شأن التداعيات أن تنعكس على الوضع الإنساني في البلاد، "لأن البنك المركزي ينظم جميع المعاملات ويدفع الرواتب ويوافق على خطابات الاعتماد لاستيراد البضائع، إذ إن ليبيا تعتمد بشكل كبير على الاستيراد، سواء للبناء أو الطعام أو الحصول على العملة الأجنبية" وفق غازيني الخبيرة في الشأن الليبي.

كلمات مفتاحية

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة

image

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة

أول مئة يوم من حكم ترامب الجديد.. ارتباك داخلي واضطراب في النظام العالمي

تسبب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منذ مجيئه إلى البيت الأبيض 20 كانون الثاني/يناير في ولاية رئاسية ثانية، بحالة من الإرباك والفوضى كادت تقلب النظام العالمي رأسًا على عقب

TEST TEST TEST

test test final

image

test 3

سياق متصل

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة