1. ثقافة
  2. أدب

أعياد الثقافة في الأردن

24 أكتوبر 2015
سيروان باران/ العراق
عامر علي الشقيريعامر علي الشقيري

حالةٌ أقرب ما تكون إلى اليأس والحيرة تنتاب المتابع لأنشطة وأعمال المنتديات الثقافية التابعة لوزارة الثقافة في الأردن. مؤخرًا، اكتشفتُ بطريق الصُّدفة البحتة أن في قريتي الصغيرة، التي يزيد عدد سكانها عن الألف نسمة بقليل، منتدى ثقافيًا قائمًا ومسجلًا في وزارة الثقافة؛ أي تُصرف له مخصصات مالية جرّاء الأنشطة الثقافية التي يقوم بها ويتولّاها، أو بالأحرى يُفترض به ذلك.

 ثمة فنان مسرحي نجح بالعبور إلى أستراليا، قبل أن ينجح بالحصول على عضوية في المنتدى الثقافي في القرية

المهم، بعد تواصلي مع عدد لا بأس به من الأصدقاء المهتمين بذات الشأن، تكشّفت الحقائق عن نتيجة مفادها أن كل قرية في بلادي لا تكاد تخلو من وجود منتدى ثقافي، يقوم على معظمها أشخاصٌ متفرغون، ولكن لا علاقة لهم بالثقافة من قريب أو بعيد. كما تبيّن لي، ومن خلال القيام بجولات ميدانية عشوائية، أنّ أعضاء الهيئة الإدارية في كثير من تلك المنتديات التي تمكّنت من الوصول إليها بالكاد "يفكّون الخطّ".

في قريتي التي أقطُنها، ثمة فنان مسرحي نجح بالعبور إلى أستراليا قبل أن ينجح بالحصول على عضوية في المنتدى الثقافي. هذا واحدٌ من مؤشرات التهميش والإقصاء والاستخفاف التي تٌمارس ضد فئة قليلة مثقفة أو مُهتمة على الأقل بالشأن الثقافي، وعلى كافة المستويات بدءًا من وزارة الثقافة الأم، وصولًا إلى منتدى صغير في قرية صغيرة ونائية.

عند الاستقصاء عن طبيعة وشكل الأنشطة التي يقوم بها المنتدى ومقارنتها مع منتديات في مجالات أخرى ومختلفة لجهة طبيعة النشاط، لم ألحظ أي فرق. كانت جميع المسمّيات المتعلقة بالأنشطة متقاربة ومترادفة: احتفال وطني، احتفال بالأعياد الوطنية، احتفال بالمناسبة الوطنية الغالية على قلوبنا، تكريم لشخصية وطنية... إلخ. هل إضافة كلمة "وطنية" تضع تلك الأنشطة الاحتفالية في هالةٍ تجعل المساس بها أمرًا مقدّسًا؟

أتساءل أيضًا، هل وزارة الثقافة الأردنية قادرة على إدارة وتنظيم شأنها الداخلي كمؤسسة، أتحدّث هنا عن عمل الوزارة فقط، حتى تُدير أو تمنح تراخيص لتلك المنتديات والتجمعات "الثقافية"؟ ثم، ما هي الآلية المتبعة في الوصول إلى رئاستها وعضوية هيئاتها الإدارية، وبالتالي التحكم بالأنشطة المطروحة؟ هل افتتاح "معرش دوالي" أو إقامة "دبكة وطنية" تُعفي تلك المنتديات من مسؤوليتها الحقيقية تجاه الفئة المثقفة والتي يفترض أن تكون حلقة وصلها مع الوزارة؟

أتركُ الإجابات معلّقة، وأدركُ أنه الخراب الذي عم كل شيء، أو بأحسن الأحوال هو انحدار الشأن الثقافي الذي عاينته عن كثب مثلًا في مشروع المدن الثقافية؛ وهو مشروع أطلقته وزارة الثقافة الأردنية عام 2006 ويتم بموجبه اختيار إحدى مدن الأردن في كل عام لتكون عاصمة الثقافة الأردنية وتتركز النشاطات والفعاليات الثقافية فيها دون سواها من المدن، حيث اللقاءات التحضيرية والفعاليات التي يرصد لها مبالغ طائلة مقارنًة بالتكلفة الحقيقية والفعلية، في حين أنها لا ترتقي للمستوى المطلوب. بل الأدهى، أن عامًا ينتهي ويحلّ عام آخر دون أن يعرف الواحد أو يسمع شيئًا عن المدينة الثقافية التي تمّ اختيارها لتكون عاصمة الثقافة الأردنية في ذلك العام.

مثلما تركتُ الإجابات مُعلقة، سأمنح نفسي الحق في أن أُعلّق سؤالًا أخيرًا ما زال يؤرّقني برسم أيّ إجابة: هل ثمة طريق أخرى يمكن أن يسلكها الكاتب سوى "الموت" من أجل أن يُحتفى به، أسوةً بأعياد الوطن والمدن والقرى؟!

اقرأ/ي أيضا:

أسرار الرقيب الأردني

لعنات النشر العربي

كلمات مفتاحية

محمد الماغوط في ذكراه الـ19: خائف لا يهدأ

لقد أدخل الماغوط أسلوبًا جديدًا في الكتابة، متنقلاً بين الإيقاع الداخلي للكلمات والصور الشعرية، ليعكس بهما حالة الفوضى والتمرد على الواقع

أكثر من هوية وأبعد من أزمة.. صراعٌ لا يُحسم في "دار خولة"



تسلط رواية "دار خولة" الضوء على أزمة المثقف العربي، وتحديدًا المرأة المثقفة، في سياق سياسي واجتماعي مفكك ومتسارع

قصة الرواية: من عرش الأدب إلى هامش الشاشة

من المحتمل أن تصبح قراءة الروايات هواية نخبوية، أقرب إلى حضور حفلة موسيقى كلاسيكية أو عرض باليه

TEST TEST TEST

test test final

image

test 3

سياق متصل

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة