أمر تنفيذي يستهدف المؤسسات الثقافية الأميركية.. ترامب يعزز نهجه المحافظ
28 يمشي 2025
في خطوة جديدة لتعزيز نهجه المحافظ في إعادة تشكيل المؤسسات الثقافية والفكرية في الولايات المتحدة، أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يدعو إلى استعادة "النُصب التذكارية، والتماثيل، والمعالم التاريخية" التي أُزيلت خلال السنوات الخمس الماضية.
وجاء في نص الأمر التنفيذي: "على مدار العقد الماضي، شهد الأميركيون جهدًا متعمدًا واسع النطاق لإعادة كتابة تاريخ أمتنا، واستبدال الحقائق الموضوعية بسرد مشوّه تحرّكه الأيديولوجيا بدلًا من الحقيقة. يسعى هذا التيار التنقيحي إلى تقويض الإنجازات الاستثنائية للولايات المتحدة من خلال تصوير مبادئها التأسيسية ومعالمها التاريخية بصورة سلبية".
بموجب الأمر التنفيذي، تم تكليف نائب الرئيس جي دي فانس، الذي يشغل عضوية مجلس أمناء مؤسسة "سميثسونيان"، بالإشراف على مراجعة جميع مرافق المؤسسة، بما في ذلك المتاحف، المراكز البحثية، البرامج التعليمية، وحتى حديقة الحيوان الوطنية
ويستهدف القرار بشكل خاص أحد أحدث المتاحف التابعة لمؤسسة "سميثسونيان" للفنون الأميركية، وهو المتحف الوطني لتاريخ وثقافة الأميركيين الأفارقة، الذي افتُتح عام 2016 وأسسه المؤرخ لوني جي. بنش الثالث، الذي أصبح أول أميركي من أصول أفريقية يتولى منصب مدير مؤسسة "سميثسونيان".
اتهام بإعادة كتابة التاريخ الأميركي
برر ترامب هذه الخطوة بالإشارة إلى وجود "جهود منظمة وواسعة النطاق" خلال العقد الماضي لإعادة كتابة التاريخ الأميركي، واستبدال "الحقائق الموضوعية" بـ"سرد مشوه تحركه الأيديولوجيا بدلًا من الحقيقة". وأضاف أن هذه السرديات تصور "المبادئ المؤسسة" للولايات المتحدة بصورة سلبية، وهو ما يرفضه بشدة.
📌 أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب موجة من القرارات والإجراءات المثيرة للجدل التي تتوافق مع وعوده الانتخابية.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 27, 2025
📌 تضمنت هذه القرارات إعادة تفسير التعديل الرابع عشر لإنهاء منح الجنسية بالولادة، نشر قوات عسكرية على الحدود مع المكسيك للقيام بعمليات ترحيل جماعي، إغلاق مكاتب التنوع… pic.twitter.com/HO5Dn7Ftgq
يصف ترامب نهج المتحف في السرد التاريخي بأنه "إعادة بناء للتاريخ تتسم بالعنصرية والتمييز على أساس الجنس والقمع، أو أنها معيبة بشكل لا يمكن إصلاحه". وقال: "لطالما كانت مؤسسة سميثسونيان تحظى بالاحترام عالميًا كرمز للتميز الأميركي والإنجاز الثقافي، لكنها في السنوات الأخيرة خضعت لتأثير أيديولوجيا قائمة على الانقسام العرقي"، معتبرًا أنها تروج لـ"سرديات تقسيمية" و"أيديولوجيا غير لائقة". ويعكس هذا القرار استمرار ترامب في مواجهة المؤسسات التي يعتبرها منحازة ضد القيم المحافظة الأميركية.
إشراف مباشر من نائب الرئيس
بموجب الأمر التنفيذي، تم تكليف نائب الرئيس جي دي فانس، الذي يشغل عضوية مجلس أمناء مؤسسة "سميثسونيان"، بالإشراف على مراجعة جميع مرافق المؤسسة، بما في ذلك المتاحف، المراكز البحثية، البرامج التعليمية، وحتى حديقة الحيوان الوطنية.
وتشمل هذه المراجعة فحص المعروضات والمحتوى التعليمي والتاريخي لضمان خلوها مما وصفه ترامب بـ"الأيديولوجيا غير اللائقة" أو "السرديات التقسيمية"، مع إمكانية تعديل أو إزالة أي مواد لا تتماشى مع التوجهات الجديدة التي حددها الأمر التنفيذي.
كما يمنح الأمر التنفيذي نائب الرئيس جي دي فانس، صلاحية العمل مع مكتب الميزانية في البيت الأبيض لضمان عدم توجيه التمويل المستقبلي لبرامج "تقوّض القيم الأميركية المشتركة، أو تقسّم الأميركيين على أساس العرق، أو تروّج لأيديولوجيات غير متسقة مع القانون والسياسة الفيدرالية".
إعادة التماثيل والآثار التي أزيلت منذ 2020
يتضمن الأمر التنفيذي أيضًا طلبًا من وزير الداخلية بإعادة نصب التماثيل والآثار التي ترمز إلى الكونفدرالية وقادتها، والتي كانت تُعتبر رموزًا للعنصرية أو الاستعمار، وتمت إزالتها أو نقلها من الأماكن العامة بعد مقتل جورج فلويد عام 2020. وكان هذا الحدث قد أطلق موجة من الاحتجاجات وحملات لإزالة الرموز المرتبطة بتاريخ العبودية في الولايات المتحدة.
📌 شنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك حملة انتقادات لاذعة ضد وكالة "رويترز" للأنباء، زاعمين أنها تلقت تمويلًا حكوميًا بشكل غير قانوني عبر عقود مع وزارة الدفاع الأميركية.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 14, 2025
📌 الشركة التابعة لمجموعة "Thomson Reuters" نفت هذه الاتهامات، مؤكدة أن الوكالة الصحفية… pic.twitter.com/CsQoEtNolw
ويعكس هذا البند موقف ترامب الرافض لحركة "حياة السود مهمة"، التي طالما انتقدها واعتبرها عاملاً في تأجيج الانقسامات داخل المجتمع الأميركي.
واعتبر ترامب أن إزالتها تهدف إلى "إعادة بناء مزيف للتاريخ الأميركي"، أو "تقليل قيمة أحداث أو شخصيات تاريخية معينة"، أو "تضمين أي أيديولوجيا حزبية غير مناسبة".
كما ينص الأمر التنفيذي أيضًا على إجراء تحسينات على قاعة الاستقلال في فيلادلفيا بحلول الرابع من تموز/يوليو عام 2026، تزامنًا مع الذكرى الـ250 لتوقيع إعلان الاستقلال الأميركي.
استهداف المؤسسات الثقافية والفكرية
يأتي هذا القرار ضمن سلسلة من الإجراءات التي تستهدف المؤسسات الثقافية والفكرية التي يراها ترامب منحازة ضد التيار المحافظ. فقد قام مؤخرًا بتنصيب نفسه رئيسًا لمركز "جون إف كينيدي" للفنون المسرحية، بهدف إحداث تغييرات جذرية في برامجه، بما في ذلك جوائز مركز كينيدي السنوية. كما فرضت إدارته تغييرات على جامعة كولومبيا عبر التهديد بقطع مئات الملايين من الدولارات من التمويل الفيدرالي.
متاحف مستهدفة بالانتقاد
لم يُخفِ ترامب انتقاده لبعض المتاحف بعينها، فإلى جانبالمتحف الوطني لتاريخ وثقافة الأميركيين الأفارقة، وجّه انتقادات لمتحف تاريخ النساء الذي لا يزال قيد التطوير، ومتحف الفن الأميركي. وقال: "يجب أن تكون المتاحف في عاصمة أمتنا أماكن للتعلم، لا منصات للدعاية الأيديولوجية أو السرديات التقسيمية التي تشوّه تاريخنا المشترك."
وشدد الأمر التنفيذي أيضًا على ضرورة أن يحتفي متحف تاريخ النساء بالنساء فقط، مع فرض قيود على أي محتوى يعترف بـ"الرجال كنساء بأي شكل من الأشكال"، في إشارة إلى الجدل الدائر حول مشاركة الرياضيين المتحولين جنسيًا في المنافسات النسائية.
الذكرى 250 للاستقلال
علاوة على ذلك، في كانون الثاني/يناير 2025، وقّع ترامب أمرًا تنفيذيًا للتخطيط للاحتفال بالذكرى الـ250 لاستقلال الولايات المتحدة في 4 تموز/يوليو 2026. يتضمن هذا الأمر إنشاء "حديقة وطنية لأبطال أميركا" تضم تماثيل لـ250 شخصية تاريخية، وإعادة فرض عقوبات صارمة على من يتلفون التماثيل والمعالم التاريخية.
الملياردير إيلون ماسك قال إن ترامب وافق على إغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، بعد أيام من التكهنات حول مستقبل الوكالة.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 4, 2025
اقرأ أكثر: https://t.co/dfrcxezSjH pic.twitter.com/bUSNOSxIJF
إدارة سميثسونيان تلتزم الصمت
لم تصدر مؤسسة "سميثسونيان" تعليقًا رسميًا على الأمر التنفيذي، حيث اكتفت المتحدثة باسمها، ليندا سانت توماس، بالقول: "ليس لدينا تعليق في الوقت الحالي".
تُعد مؤسسة "سميثسونيان" أكبر مجمع متحفي وبحثي وتعليمي في العالم، حيث تضم 21 متحفًا ومعرضًا، إلى جانب حديقة الحيوانات الوطنية، وتحتوي على أكثر من 157 مليون قطعة في مقتنياتها. تأسست المؤسسة في 10 أب/أغسطس 1846 بموجب قانون أصدره الكونغرس الأميركي، وتعتمد في تمويلها على مخصصات فيدرالية سنوية تُقدّر بحوالي مليار دولار، إضافةً إلى الهبات والتبرعات وإيرادات أنشطتها المختلفة.
تقع معظم متاحف المؤسسة في واشنطن العاصمة، مع وجود بعض المرافق البحثية في فرجينيا ونيويورك. تأسست المؤسسة بفضل تبرع من العالم البريطاني جيمس سميثسون، الذي أوصى بترك ثروته للولايات المتحدة لإنشاء مؤسسة تُعنى بـ"نشر المعرفة وتطويرها" في العاصمة واشنطن.
وتُدار المؤسسة من قبل مجلس أمناء، الذي يضم تسعة مواطنين، وستة أعضاء من الكونغرس، ورئيس المحكمة العليا جون جي. روبرتس، بالإضافة إلى نائب الرئيس جي دي فانس.
تداعيات القرار
من المرجح أن يثير هذا القرار ردود فعل واسعة داخل الأوساط الثقافية والأكاديمية، خاصة في ظل استمرار التوترات بين إدارة ترامب والتيارات الليبرالية التي تسيطر على العديد من المؤسسات الثقافية والتعليمية في البلاد. وقد يصبح هذا الأمر التنفيذي جزءًا من الجدل السياسي الأكبر حول مستقبل الهوية الثقافية الأميركية وسياسات الذاكرة الوطنية.