أوكرانيا ستعوض الولايات المتحدة: تفاصيل مسودة اتفاق المعادن بين ترامب وزيلنسكي
25 فبراير 2025
من المنتظر أن يصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال هذا الأسبوع أو الأسبوع الذي يليه إلى العاصمة الأميركية واشنطن، لتوقيع اتفاقية المعادن بين بلاده والولايات المتحدة، كجزء من صفقة السلام المرتقبة مع روسيا.
وقد أثارت صفقة المعادن جدلًا واسعًا، وأدّت إلى ملاسنات بين ترامب وزيلينسكي، حيث طالب ترامب أوكرانيا بتأمين 500 مليار دولار من المعادن النادرة كتعويض عن الدعم الأميركي لكييف خلال الحرب، وهو ما رفضه زيلينسكي في البداية، نافيًا أن تكون المساعدات الأميركية المقدمة لبلاده بذلك الحجم، ومؤكدًا أن أوكرانيا ليست للبيع.
لكنّ مفاوضات الساعات الأخيرة بين الأوكرانيين والأميركيين نجحت -على ما يبدو- في حلحلة بعض المشكلات المتعلقة بالصفقة، كما ساهمت التدخلات الأوروبية، وآخرها اللقاء الذي جمع ماكرون بنظيره ترامب، في إذابة جبل الجليد القائم بين ترامب وزيلينسكي، حيث تولى ماكرون شخصيًا الإعلان عن زيارة زيلينسكي للبيت الأبيض "قريبًا".
تمتلك أوكرانيا، حسب تقديرات اقتصادية لوكالة بلومبيرغ، ما قيمته حوالي 10 تريليونات دولار من المعادن النادرة. وبذلك تصنف في المركز الرابع عالميًا على مستوى احتياطات المعادن النادرة بعد الصين وأميركا وأستراليا.
يشار إلى أن ترامب، خلال لقائه بماكرون أمس الإثنين، ادّعى أن أوروبا "تقرض أوكرانيا الأموال وستستردّها"، على عكس ما يُشاع، لكن ماكرون قاطعه قائلًا: "لا، في الواقع، نحن دفعنا أموالًا بشكل فعلي، وساهمنا بـ60% من الجهد الإجمالي، وأبدينا انفتاحًا على إمكانية استخدام الأرصدة الروسية المجمدة في أوروبا لتعويض أوكرانيا، لأن روسيا هي المسؤولة عن كل الدمار"، ليرد ترامب على ماكرون بالقول: "إذا كنت تصدق ذلك، فلا بأس بالنسبة لي"، مجدّدًا مزاعمه بأن "الولايات المتحدة أنفقت أكثر بكثير من أوروبا على حرب أوكرانيا، حيث أنفقنا أكثر من 300 مليار دولار، بينما أنفقت أوروبا 100 مليار دولار، ونحن نستحق استعادة هذه الأموال".
وبغضّ النظر عن لغة الأرقام، ومن دفع أكثر من الآخر، فإن الطرفين يضعان نصب أعينهما خطة لتعويض ما دفعاه، لكن ترامب، وبدلًا من أن يطالب موسكو بالتعويض، يطلب ذلك من الأوكرانيين.
تفاصيل صفقة المعادن النادرة
في هذا السياق، نشر موقع "أكسيوس" الإخباري الأميركي تفاصيل مسودة اتفاقية المعادن بين أوكرانيا والولايات المتحدة، التي تنتظر فقط توقيع الرئيسين ترامب وزيلينسكي عليها لتصبح اتفاقية رسمية. مع الإشارة إلى أن زيلينسكي نبّه في وقت سابق إلى أن الوثيقة التي اقتُرحت عليه لم تتضمن ذكرًا لأي ضمانات أمنية لأوكرانيا، وإن كانت مسودة الاتفاق، التي عرضها أكسيوس، تتحدث في نهايتها عن أن الولايات المتحدة ستعبّر بموجب هذه الصفقة عن "رغبتها في إبقاء أوكرانيا حرة وذات سيادة وآمنة".
ويجب التنبيه هنا إلى أن الحديث هو عن "رغبة" وليس عن "التزام"، كما يطالب بذلك الأوكرانيون والأوروبيون. لكن ترامب كان صريحًا أمس في مؤتمره الصحفي مع ماكرون عندما قال إن "الولايات المتحدة لن تشارك في قوات حفظ السلام التي قد يتم نشرها في أوكرانيا"، وبشأن استعادة أوكرانيا لكامل أراضيها التي تخضع للسيطرة الروسية، اكتفى بالقول: "حسنًا، سنرى".
بموجب مسودة الاتفاق، ستقوم أوكرانيا والولايات المتحدة بإنشاء صندوق استثمار لإعادة الإعمار والبناء وتحقيق السلام الدائم في أوكرانيا، وستتولى الحكومتان الأميركية والأوكرانية مسؤولية إدارة الصندوق بشكل مشترك، وذلك بغرض "تعزيز قيمته الاقتصادية المرتبطة بموارد أوكرانيا الطبيعية". فمن خلال تلك الموارد، سيتم تمويل الصندوق بالكامل.
ومن المقرر، وفقًا لمسودة الصفقة، أن تُوجّه أموال الصندوق "للاستثمار في مشاريع في أوكرانيا، بما في ذلك الموارد المعدنية والطاقوية من نفط وغاز، بالإضافة إلى البنية التحتية للموانئ، وجذب الاستثمارات، وبالتالي الدفع بعجلة النمو الاقتصادي".
كما تنصّ المسودة على أن تدفع أوكرانيا للصندوق 50% من عائداتها من الموارد المستخرجة، ومن بينها بالطبع المعادن والغاز والنفط، حتى تصل إلى 500 مليار دولار، وهو المبلغ الذي طالب به ترامب الأوكرانيين كتعويض. بالإضافة إلى ذلك، ستقوم الحكومة الأوكرانية بدفع مساهمة للصندوق تعادل ضعف المساهمة الأميركية بعد تاريخ توقيع الاتفاقية.
ومن المتوقع، في المقابل، أن تستردّ الولايات المتحدة قسطًا كبيرًا من مدفوعاتها التي قدمتها لدعم أوكرانيا، مع ضمان إعادة الناتج المحلي الأوكراني إلى مستواه ما قبل الحرب التي اندلعت في شباط/فبراير 2022.
وفي هذا الصدد، تنصّ المسودة على أنّ الولايات المتحدة ستقدم لأوكرانيا التزامًا ماليًا طويل المدة "من أجل تنمية أوكرانيا مستقرة ومزدهرة اقتصاديًا".
من المقرر أن تدفع أوكرانيا لصندوق الاستثمار المشترك مع الولايات المتحدة 50% من عائداتها من الموارد المستخرجة
ثروة أوكرانيا من المعادن النادرة:
تمتلك أوكرانيا، وفقًا لتقديرات اقتصادية لوكالة "بلومبيرغ"، ما قيمته حوالي 10 تريليونات دولار من المعادن النادرة، ما يجعلها تحتل المرتبة الرابعة عالميًا من حيث احتياطات هذه المعادن بعد الصين وأميركا وأستراليا.
ورغم أن هذه الثروة كفيلة بإثارة اهتمام كبرى القوى الاقتصادية، فإن استخراجها والاستفادة منها يواجهان تحديات وتعقيدات عدة، من بينها أن بعض المناطق الغنية بهذه الموارد تخضع للسيطرة الروسية، فضلًا عن أن معظم احتياطات أوكرانيا من المعادن لم يُتحقق بعد من جدواها الاقتصادية، نظرًا لكونها غالبًا "منتجات ثانوية لاستخراج الفوسفات".
ومع ذلك، تشير بلومبيرغ إلى أن الأراضي الأوكرانية تحتوي على 22 معدنًا نادرًا من أصل 30 معدنًا تُستخدم في أوروبا، كما تضم 50 معدنًا من المعادن التي تصنّفها الولايات المتحدة الأميركية على أنها "بالغة الأهمية"، نظرًا لاستخدامها في الصناعات الدفاعية المتطورة والتكنولوجيا الحيوية ومراكز الذكاء الاصطناعي.