إسرائيل تعتمد على الولايات المتحدة في حربها الاستخباراتية بغزة
14 يونيو 2024
أفادت وسائل إعلام أميركية أن وكالات الاستخبارات الأميركية قدمت دعمًا استخباراتيًا غير مسبوق لنظرائها الإسرائيليين، مما ساهم في اكتشاف موقع المحتجزين في غزة. ومع ذلك، أثار هذا الدعم مخاوف من استخدام المعلومات الحساسة بطريقة غير ملائمة.
وكشفت صحيفة "الواشنطن بوست" أنّ عملية انقاذ الرهائن التي جرت، السبت الماضي، في مخيم النصيرات، اعتمدت على عملية ضخمة لجمع المعلومات الاستخبارية كانت الولايات المتحدة أهم شريك فيها مع إسرائيل.
ومنذ عملية طوفان الأقصى، كثفت الولايات المتحدة من جمع المعلومات الاستخبارية عن مجموعات المقاومة في غزة، وشاركت كمية "ضخمة" من المعلومات من خلال لقطات أخذتها طائرات بدون طيار وصور أقمار صناعية واعتراض اتصالات وتحليل بيانات باستخدام برامج متقدمة، بعضها مدعوم بالذكاء الاصطناعي، وفقًا لإفادات قدمها مسؤولين استخباراتيين أميركيين وإسرائيليين حاليين وسابقين.
وعبر مسؤولون إسرائيليون عبروا، خلال مقابلات أجروها، عن امتنانهم للمساعدة الأميركية، والتي أعطت في بعض الحالات للإسرائيليين قدرات كانوا يفتقرون لها قبل هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر. لكنهم في نفس الوقت حاولوا الدفاع عن أنفسهم بشأن "براعتهم" في عمليات التجسس، وأصروا على أنّ الولايات المتحدة، في الغالب، لم تمنحهم أي شيء لا يمكنهم الحصول عليه بأنفسهم.
تلفت "الواشنطن بوست" إلى أنّ الشراكة بين الولايات المتحدة وإسرائيل متوترة في بعض الأحيان. فقد شعر بعض المسؤولين الأميركيين بالإحباط بسبب طلبات الإسرائيليين المتزايدة بشأن المعلومات الاستخباراتية، والتي قالوا إنها لا تتوقف، بل أنّ إسرائيل تضع أحيانًا افتراضات بأن الولايات المتحدة قد تحجب بعض المعلومات عنها.
وفي إحاطة مع الصحفيين في البيت الأبيض الشهر الماضي، قال مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، ردًا على تقرير سابق لـ "الواشنطن بوست" عن تقديم الولايات معلومات استخباراتية حساسة لمساعدة الجيش الإسرائيلي على تحديد مواقع قادة حماس والعثور على الأنفاق في رفح، إنّ "المعلومات التي نقدمها غير مشروطة وغير محدودة"، وأضاف: "نحن نقدم كل ما نقدر عليه".
منذ عملية طوفان الأقصى، زادت الولايات المتحدة جهودها في جمع المعلومات الاستخبارية عن مجموعات المقاومة في غزة
بالمقابل، يشعر مسؤولون آخرون، بما في ذلك المشرعون في الكونغرس، بالقلق من أن المعلومات الاستخبارية التي تقدمها الولايات المتحدة يمكن أن تشق طريقها إلى قاعدة بيانات تستخدمها القوات الإسرائيلية للقيام بغارات جوية أو عمليات عسكرية أخرى، وأن واشنطن ليس لديها وسائل فعالة لمراقبة كيفية استخدام إسرائيل للمعلومات الأميركية.
وتقول إدارة بايدن إنّ المعلومات الاستخباراتية التي تقدمها الولايات المتحدة ستستخدم فقط لتحديد موقع الرهائن، ثمانية منهم يحملون الجنسية الأميركية، فضلًا عن قيادة حماس العليا لحماس، بما في ذلك يحيى السنوار، مهندس عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر، وقائد الجناح العسكري لحركة حماس محمد ضيف. وتم تأكيد مقتل ثلاثة من الرهائن الأميركيين الثمانية، ولا تزال جثثهم محتجزة في غزة، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين.
وفي الأسابيع الأولى من الحرب، طلب المسؤولون الإسرائيليون من الولايات المتحدة المساعدة في تحديد مكان المحتجزين في قطاع غزة، لسد الثغرات في المعلومات التي بحوزتهم من مصادرهم الخاصة، بحسب ما صرح به مسؤولون أميركيون والإسرائيليون حاليون وسابقون.
وشمل ذلك معلومات محددة، بالإضافة إلى التقنيات والخبرات لتحليل كميات كبيرة من الصور وتراكيب صور مختلفة لإنشاء صور أكثر تفصيلًا، بما في ذلك صور ثلاثة الأبعاد لتضاريس غزة.
وقال أحد كبار المسؤولين الإسرائيليين، الذي رفض تقديم التفاصيل، إنهم "قدموا لنا بعض القدرات التي لم تكن لدينا قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر"، وأشار مسؤول إسرائيلي كبير أخر إلى أنّ الولايات المتحدة "قدمت صورًا فضائية مفصلة للغاية تفتقر إليها إسرائيل".
وبعد عملية تحرير الرهائن في النصيرات، أكد سوليفان، أنّ القوات الأميركية لم تشارك في مهمة إنقاذ الرهائن الأربعة". وقال في حديث لشبكة "سي إن إن": "لم نشارك عسكريًا في هذه العملية، لكننا قدمنا الدعم بشكل عام إلى الجيش الإسرائيلي حتى يتمكن من إعادة جميع الرهائن إلى منازلهم، بما في ذلك الرهائن الأميركيين الذين لا يزالون محتجزين".
بالإضافة إلى المعلومات الاستخبارات، توجد قوة نخبة خاصة يطلق عليها " JSOC"، ولديها خبرة عميقة في عمليات إنقاذ الرهائن. وقال مسؤولون أميركيون إنّ أعضاء المجموعة يعملون في إسرائيل، بالشراكة مع ضباط المخابرات الأميركية، منذ فترة وجيزة بعد بدء الحرب.
وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، كانت قوات من " JSOC" بالمنطقة ومستعدة للانتشار في غزة لإنقاذ الأميركيين الذين تحتجزهم حماس، وفق مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين على دراية بالتخطيط لما كان يمكن أن تكون "مهمة خطيرة بشكل استثنائي".
وقال أحد المسؤولين: "إذا تمكنا من الحصول على معلومات من جانب واحد يمكننا التصرف بناءً عليها، واعتقدنا أنه يمكننا بالفعل إخراج المواطنين الأميركيين على قيد الحياة"، لكنه أشار إلى أنّ المعلومات قليلة جدًا على وجه التحديد حول المحتجزين الأميركيين.
واعتمد إنقاذ الرهائن الأسبوع الماضي على معلومات دقيقة حول موقعهم. وبحسب الصحيفة الأميركية هذا "المستوى من المعلومات هو ما افتقرت إليه إسرائيل لسنوات في غزة، بسبب الاعتماد المفرط على التكنولوجيا والفشل في بناء شبكة من الجواسيس على الأرض".
وقال المسؤولون الحاليون والسابقون إنّ ندرة المعلومات الاستخباراتية التي يقدمها الأفراد، كانت جزئيًا مسؤولة عن فشل إسرائيل في اكتشاف وفهم تخطيط حماس لهجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر.