اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وسوريا يثير حفيظة اليونان
25 ديسمبر 2024
أثار الإعلان التركي بأن أنقرة تتجه إلى بدء مفاوضات مع الحكومة السورية الجديدة لترسيم الحدود البحرية في البحر المتوسط حفيظة اليونان، والتي عبّرت بشكلٍ قاطع عن رفضها هذا التوجه، متذرّعةً بأن الحكومة السورية الجديدة هي مجرد سلطة انتقالية، وبالتالي فإنّ هذا الوضع لا يخوّلها، حسب أثينا، المقدرة على توقيع "اتفاقيات صحيحة من الناحية القانونية".
وجاء بيان الرفض الحكومي اليوناني، أمس الأربعاء، ردًّا على التصريحات التي أدلى بها وزير النقل التركي عبد القادر أورال الثلاثاء الماضي، والتي أعلن فيها أنّ أنقرة "تعتزم بدء مباحثات مع سوريا لترسيم الحدود البحرية".
ونقلت قناة دويتشه فيله الألمانية عن مصادر دبلوماسية يونانية قولها "إن الوضع في سوريا انتقالي، ولا يضفي الشرعية على مثل هذه الاتفاقات"، وأضافت تلك المصادر "نراقب التطورات عن كثب، وإننا على اتصال دائم مع قبرص والدول المجاورة والاتحاد الأوروبي".
أعلنت أنقرة أنها تعتزم بدء مباحثات مع الحكومة السورية الجديدة لترسيم الحدود البحرية
ويحذّر المسؤولون اليونانيون، حسب وكالة الأنباء الألمانية من أنّ الاتفاق البحري الذي تعتزم تركيا توقيعه مع الحكومة السورية الجديدة التي تتمتع بعلاقات قوية مع أنقرة، "قد يقوض الحقوق السيادية لليونان، ويشكل سابقة تتحدى الحقوق البحرية لجزر مثل كريت وقبرص" وفق تعبيرهم.
يشار في المقابل إلى أنّ وزير النقل التركي أكّد أنّ أي اتفاق في المستقبل ستبرمه أنقرة مع دمشق "سيكون متوافقا مع القانون الدولي"، مضيفًا أنّ مثل هذا الاتفاق سيمكن تركيا وسوريا من "زيادة منطقة نفوذهما في استكشاف الطاقة"، مردفًا القول "بالطبع يجب إقامة سلطة هناك أولًا... سيكون الأمر على جدول أعمالنا بالتأكيد، لكن من الصعب القول إنه على جدول الأعمال الحالي" وفق تعبيره.
وتجدر الإشارة إلى أنّ تركيا سبق وأن وقعت اتفاقية مماثلة مع حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عام 2019، وأدى ذلك الاتفاق البحري حينها أيضًا إلى "تصعيد التوترات بين الحكومة التركية ونظيرتها اليونانية، بشأن استكشاف الطاقة في البحر المتوسط".
يذكر أنّ تركيا ترفض حتى اللحظة، "التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، التي تعدّ المرجعية القانونية الرئيسة في ترسيم الحدود البحرية، وهي الاتفاقية التي تمنح الجزر اليونانية الحق في مناطق اقتصادية كاملة، شأنها شأن الدول، بما فيها الكتل الصخرية غير المأهولة التي تبعد كيلومترات عدة فقط عن تركيا ونحو 500كم عن أثينا".
ويقدّر المسح الجيولوجي الأميركي الذي تمّ إنجازه عام 2010 أنّ "إجمالي مقدّرات منطقة حوض الشام من البحر المتوسط والتي تطل عليها مصر، ولبنان، وسوريا، وفلسطين، وتركيا وإسرائيل، تقدّر بـ3450 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي و1.7 مليار برميل من النفط"، الأمر الذي زاد من وتيرة اهتمام تلك الدول بالتوسع في مجال الاكتشافات البحرية للطاقة في المنطقة من جهة، وزاد أيضًا وتيرة التوترات بينها من جهة ثانية بسبب الاختلاف في رسم الحدود البحرية.
منتدى غاز شرق المتوسط:
أعاقت الخلافات والتجاذبات السياسية القائمة بين دول حوض المتوسّط عملية الوصول إلى تفاهمات مُرضية حول ثرواته الطبيعية، خصوصًا وأنّ الخلافات ذاتها وظِّفت في خدمة هذا الصراع الذي بدأ رسميًا في الـ 14 من كانون الثاني/يناير 2019، عندما أعلنت مصر واليونان وقبرص اليونانية ودولة الاحتلال الإسرائيليّ والأردن وإيطاليا بالإضافة إلى السلطة الفلسطينية، تأسيس ما يُعرف بـ "منتدى غاز شرق المتوسّط"، الذي أثار مخاوف الدول غير المنضمة إلى الحلف رغم إطلالتها على المتوسّط، مثل لبنان وسوريا وتركيا التي رأت هذه الخطوة تهديدًا لأمنها القوميّ ومصالحها الاقتصادية، ومُحاولةً قائمة على دوافع سياسية لإخراجها من معادلة الطاقة في منطقة شرق المتوسّط، من خلال حصرها في سواحلها دون أخذ مصالحها ومصالح القبارصة الشماليين وحقوقهم، في ما يختزنه باطن شرق المتوسّط.