اتهامات بالتمييز.. مجلس الشيوخ الفرنسي يقر قانون حظر الرموز الدينية في الرياضة
19 فبراير 2025
وافق مجلس الشيوخ الفرنسي، أمس الثلاثاء، على مشروع قانون يهدف إلى حظر ارتداء الحجاب والرموز الدينية الأخرى في المنافسات الرياضية.
جاء ذلك بعد تصويت جرى في المجلس، حيث حظي المشروع بتأييد 210 نائبًا، مقابل رفض 81، وامتناع 38 عن التصويت، فيما لم يشارك 19 نائبًا في التصويت.
يتضمن مشروع القانون، الذي قدمه السيناتور ميشيل سافين من حزب الجمهوريين اليميني، فرض حظر على ارتداء الرموز والملابس الدينية، بما في ذلك الحجاب، في جميع الفعاليات الرياضية التي تنظمها الاتحادات الرياضية وهيئاتها اللامركزية والدوريات المهنية والجمعيات التابعة لها، بالإضافة إلى منع ارتداء "البوركيني" في المسابح العامة. كما يتضمن الحظر منع إقامة الصلاة الجماعية في المرافق الرياضية العامة، وإخضاع المدربين لتحقيقات إدارية قبل إصدار تراخيصهم المهنية.
يتضمن مشروع القانون، الذي قدمه السيناتور ميشيل سافين من حزب الجمهوريين اليميني، فرض حظر على ارتداء الرموز والملابس الدينية، بما في ذلك الحجاب
ودافع سافين عن مشروع القانون الذي تقدم به، قائلًا: "هذا القانون يسد فراغًا قانونيًا. الفاعلون في قطاع الرياضة يتفقون على ضرورة تعزيز بيئة رياضية ديمقراطية هادئة وخالية من التوترات الدينية".
صرّح الوزير فرانسوا-نويل بوفيه، المنتمي أيضًا لحزب الجمهوريين والمقرّب من وزير الداخلية برونو ريتايو، بأن هذا المشروع، الذي تدعمه الحكومة بقوة، يمثل إضافة مرحبًا بها إلى البناء الذي يجب أن نقيمه معًا منذ سنوات لمواجهة جميع أشكال الانفصالية"، وفق قوله.
وقد أثار مشروع القانون جدلًا واسعًا داخل المجلس، حيث اتهم نواب من اليسار زملاءهم من حزب الجمهوريين، باستهداف النساء المسلمات بشكل خاص.
في هذا السياق، خاطب رئيس مجموعة أعضاء مجلس الشيوخ الاشتراكيين، باتريك كانير، زملائه من حزب الجمهوريين، قائلًا: "باستخدامكم لهذا المبدأ التأسيسي لخدمة سرديتكم المعادية للمسلمين، فإنكم لا تفعلون سوى تغذية الالتباسات والتعميمات والصور النمطية".
وصرحت السيناتورة الاشتراكية سيلفي روبرت بأن القضايا التي يختار حزب الجمهوريين مناقشتها تؤدي إلى "انقسام المجتمع"، معتبرة أن مشروع القانون "يستهدف دينًا معينًا تحت ذريعة العلمانية".
وجّهت "منظمة العفو الدولية" انتقاداتٍ شديدة لـ #فرنسا على خلفية منع المسلمات من ارتداء الحجاب في #الألعاب_الأولمبية التي تستضيفها #باريس. pic.twitter.com/B9G6KwsQNE
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) July 17, 2024
بدوره، رد السيناتور الاشتراكي جان جاك لوزاش بأن "الاتحادات الرياضية لم تطالب بمثل هذا القانون، ولم تواجه مشاكل حقيقية تتطلب فرض حظر شامل".
من جانبها، اتهمت النائبة البيئية ماتيلد أوليفييه، اليمين باستهداف النساء المسلمات في فرنسا بشكل مباشر، صريح، وجبان، بهدف إقصائهن من ممارسة الرياضة.
في المقابل، رد النواب عن حزب الجمهوريين واليمين المتطرف على هذه الاتهامات. وقال السيناتور، ماكس بريسون: "نحن لا نمارس التمييز ضد الفتيات المسلمات، بل نحاول حمايتهن. أنتم في حالة إنكار للواقع".
أما السيناتورة، جاكلين أويستاش برينيو، فقالت إن "فرنسا 2025 تواجه اختراقًا من قبل الإخوان المسلمين"، وأضافت: "نحن لا نميز ضد أحد، ولكننا نرفض أن تكون العلمانية في خطر بسبب مطالب دينية"، وأضافت: "بين الحجاب والبوركيني والرياضة، يجب الاختيار".
كما دافع السيناتور ستيفان بيدنوار عن القانون قائلاً: "نحن لا نريد أن تتوقف مباريات كرة القدم بسبب صلاة في غرف الملابس أو حتى على أرض الملعب".
فيما اتهم السيناتور والعضو السابق في حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، ستيفان رافير، اليسار بأنه "يغازل الناخبين العرب والمسلمين"، مما أثار احتجاجات واسعة في القاعة.
تمييز وتشهير وكراهية.. ارتفاع صادم في شكاوى #الإسلاموفوبيا في #الولايات_المتحدة. pic.twitter.com/3Cb1iV0bCK
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 1, 2024
من المقرر أن يُعرض مشروع القانون على الجمعية الوطنية (الغرفة الثانية في البرلمان الفرنسي) في وقت لاحق لمناقشته والتصويت عليه. يُذكر أن هذا المشروع ليس الأول من نوعه؛ ففي أب/ أغسطس 2023، قرر وزير التعليم الفرنسي، غابريال أتال، حظر ارتداء الحجاب في المدارس، معتبرًا إياها "زيًا إسلاميًا ينتهك قواعد ونظم الدولة". وقد أثارت هذه القرارات المتتالية انتقادات من قبل المسلمين في فرنسا، الذين يرون فيها تضييقًا على حرياتهم الدينية.
يُشار إلى أن بعض الاتحادات الرياضية في فرنسا، مثل اتحادي كرة القدم والرغبي، قد فرضت بالفعل حظرًا على ارتداء الحجاب في المنافسات، مستندة إلى مبدأ "الحيادية" في الملاعب. ومع ذلك، يرى منتقدو هذه القوانين أنها تعزز مناخًا عدائيًا تجاه المسلمين وتحد من حرياتهم الدينية.
وفي هذا السياق، أثارت قضية العداءة الفرنسية سونكامبا سيلا جدلًا واسعًا خلال أولمبياد باريس 2024، حيث مُنعت من ارتداء الحجاب خلال حفل الافتتاح، مما دفعها لارتداء قبعة بيسبول كحل وسط. وقد سلطت هذه الحادثة الضوء على التحديات التي تواجهها الرياضيات المسلمات في فرنسا بسبب هذه القوانين.
يُذكر أنه في عام 2021، تبنّى مجلس الشيوخ تعديلات لتعزيز "الحياد" في الرياضة ضمن قانون مكافحة "الانفصالية"، إلا أن البند الذي يحظر ارتداء الحجاب في المسابقات الرياضية لم يُدرج في النسخة النهائية من القانون.
وفي عام 2022، حاول السيناتور ميشيل سافين مجددًا دمج هذا البند في قانون يهدف إلى "دمقرطة الرياضة في فرنسا" وفق قوله، لكنه قوبل بالرفض. في ذلك الوقت، وصفت وزيرة الرياضة آنذاك روكسانا ماراسينيانو، إصرار اليمين على هذه المسألة بأنه "هوس غير مبرر".
يبقى مستقبل هذا المشروع غير مؤكد، حيث يتطلب تمريره موافقة الجمعية الوطنية، وسط انقسامات حادة بين القوى السياسية في البلاد.