استئناف الحرب التجارية.. رسوم أميركية جديدة تردّ عليها الصين وكندا بالمثل
4 يمشي 2025
استأنف دونالد ترامب حربه التجارية عبر فرض رسوم جمركية جديدة على الصين وكندا والمكسيك. ردًا على القرار الأميركي، فرضت بكين وأوتاوا رسومًا جمركية مماثلة على الواردات الأميركية، في خطوة يرى المتابعون أنها ستؤثر على الاقتصاد العالمي على المدى المتوسط والبعيد.
الرسوم الأميركية الجديدة
وقع دونالد ترامب، اليوم الثلاثاء، أمرًا تنفيذيًا جديدًا يقضي برفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية بنسبة تتراوح بين 10 و20 %. وكانت إدارته قد اتخذت خطوة مماثلة في شباط/فبراير الماضي، ردّت عليها الصين حينها بحذر، في محاولة لاحتواء الأزمة. إلا أن ترامب صرح بعدها بأن "التوصل إلى اتفاق تجاري مع بكين هو أمر وارد وممكن". لكنه عاد اليوم ليفرض رسومًا جمركية إضافية، مما نسف جهود التهدئة بين البلدين، وفضّل نهج سياسة الضغوط القصوى لإجبار الصين على رفع قيمة عملتها وتشديد إجراءاتها ضد الاتجار بمخدر الفنتانيل، الذي يؤدي إلى وفاة 75 ألف أميركي سنويًا، وفقًا لمعطيات رسمية.
في المقابل، ترى واشنطن أن مواصلة بكين وطوكيو خفض عملتيهما يمثل إجحافًا بحق الدولار الأميركي. وفي هذا الصدد، قال وزير المالية الياباني كاتسونوبو كاتو، اليوم الثلاثاء، إن بلاده "لا تتبنى سياسات تهدف بشكل مباشر إلى إضعاف الين".من جهته، صرح وزير الاقتصاد الياباني ريوسي أكازاوا، خلال مؤتمر صحفي منفصل، بأن "الحكومة اليابانية تتدخل في سوق العملة فقط عندما يكون هناك تلاعب مضاربي واضح في حركة الين".
كصدًى مباشر لتأثير سياسات الرسوم العقابية المتبادلة، عرفت أسهم أميركية وعالمية عملاقة اليوم الثلاثاء، انخفاضًا ملحوظًا، إذْ أنهى مؤشر داو جونز الصناعي الأميركي تداولاته اليوم منخفضًا بنسبة 1.4%، وهبط مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 1.75%، كما هبط مؤشر ناسداك بنسبة 2.6%.
أعربت الصين عن استيائها الشديد من الإجراء الأميركي، واتخذت إجراءات مضادة بهدف ما وصفته بـ"حماية الحقوق والمصالح الصينية". وفي هذا السياق، أصدرت وزارة التجارة الصينية بيانًا اعتبرت فيه أن "الولايات المتحدة تستخدم مشكلاتها مع مخدر الفنتانيل ذريعةً لفرض الرسوم الجمركية"، داعية واشنطن إلى "سحب إجراءاتها الجمركية الأحادية وغير المبررة، والتي لا تستند إلى أي أسس قانونية، وتضر بالأطراف كافة".
نصيب المكسيك وكندا من رسوم ترامب:
لم تقتصر الرسوم الجمركية الجديدة على الصين، بل شملت كندا والمكسيك أيضًا. فقد فرضت إدارة ترامب رسومًا بنسبة 25% على الصادرات الصناعية الكندية إلى الولايات المتحدة. وفي معرض دفاعه عن هذه الخطوة، قال ترامب إن على كندا والمكسيك "بناء مصانعهما داخل الولايات المتحدة إذا أرادتا تجنب هذه التعريفات".
وأضاف ترامب أن عائدات الرسوم الجمركية المرتفعة ستُستخدم لإعادة التوازن إلى الميزان التجاري الأميركي، وتمويل خفض الضرائب على المواطنين الأميركيين، وتعزيز احترام شركاء الولايات المتحدة"، وفق تعبيره.
الصين ترد بفرض رسوم جديدة علة على الواردات الأميركية:
جاء الرد الصيني سريعًا، إذ أعلنت وزارة المالية الصينية، اليوم الثلاثاء، عن فرض رسوم إضافية على السلع الأميركية تتراوح نسبتها بين 10 و15%. ومن المقرر أن تدخل هذه الرسوم حيز التنفيذ اعتبارًا من العاشر من آذار/مارس الجاري، مما يضيف تصعيدًا جديدًا على النزاع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم.
وأوضحت الوزارة أن الرسوم الجديدة لن يتم تخفيضها أو إعفاء المنتجات الأميركية منها. وتشمل هذه الرسوم واردات الدجاج، والقمح، والذرة، والقطن بنسبة 15%، بالإضافة إلى رسوم بنسبة 10% على المنتجات الأميركية من اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان.
الرد الكندي على الرسوم الأميركية:
أعلنت الحكومة الكندية، اليوم الثلاثاء، أنها ستفرض رسومًا جمركية بنسبة 25% على منتجات أميركية تبلغ قيمتها الإجمالية حوالي 30 مليار دولار كندي، على أن تدخل هذه الإجراءات حيز التنفيذ في نفس اليوم الذي تبدأ فيه الرسوم الأميركية.
كما كشفت السلطات الكندية عن نية فرض تعريفات إضافية على سلع أميركية أخرى تصل قيمتها إلى 155 مليار دولار كندي (107 مليارات دولار أميركي) خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة. وأكدت أن هذه الرسوم ستظل سارية المفعول إلى حين تراجع الإدارة الأميركية عن إجراءاتها العقابية ضد كندا.
آثار وتداعيات عالمية:
لا تقتصر الآثار السلبية للرسوم الجمركية العقابية على الدول المعنية فقط، بل تمتد إلى الاقتصاد العالمي، حيث يتوقع أن تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم وتعقيد حركة التجارة العالمية. وقد انعكست هذه السياسات بالفعل على الأسواق المالية العالمية، حيث سجلت البورصات الأميركية والعالمية انخفاضًا ملحوظًا، اليوم الثلاثاء.
أنهى مؤشر داو جونز الصناعي الأميركي تداولاته منخفضًا بنسبة 1.4%، بينما تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 1.75%، وسجل مؤشر ناسداك انخفاضًا حادًا بلغ 2.6%.
تأثير الرسوم على الاقتصادين الأميركي والصيني
من المتوقع أن تؤثر الرسوم الأميركية على ديناميكية التصنيع في الصين، مما قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وانخفاض أسعار النفط عالميًا، نظرًا إلى أن الاقتصاد الصيني يعد أحد المحركات الرئيسية للنمو العالمي.
أما في الولايات المتحدة، فقد ركزت التعريفات الصينية بشكل أساسي على القطاعات الزراعية، وهو ما قد يضع المزارعين الأميركيين أمام تحديات كبيرة في البحث عن أسواق بديلة، خاصة أن الصين تعد أكبر مستورد للمنتجات الزراعية الأميركية، وعلى رأسها فول الصويا.
ومن المتوقع أن تواجه الشركات الزراعية خسائر كبيرة، وهو ما قد يخلق توترات داخلية، لا سيما أن ملاك هذه الشركات كانوا من أبرز مؤيدي ترامب خلال حملته الانتخابية.
يُذكر أنّ مجلس نواب الشعب الصيني، اتّهم واشنطن بانتهاك قواعد منظمة التجارة العالمية، وأعلن معارضته لتسييس القضايا التجارية وتعميم مفهوم الأمن القومي ليشمل مسائل غير ذات صلة مباشرة به. معربًا عن أمله، في الوقت نفسه، بحلّ وتسوية النزاعات التجارية عبر الحوار والديبلوماسية.