اعتقال عمر الراضي يختم 2019.. حصاد سنة "صعبة" على الصحافة في المغرب
28 ديسمبر 2019
الترا صوت - فريق التحرير
هي أيام قليلة قبل نهاية 2019 التي ما ودعت المغرب إلا وصحفي آخر خلف القضبان، بعد قرار محكمة البلد متابعة الصحفي عمر الراضي في حالة اعتقال، بسبب تغريدة على تويتر انتقد فيها الراضي محاكمة نشطاء حراك الريف.
ما ودعت سنة 2019 المغربَ إلا وصحفي آخر خلف القضبان، ضمن سلسلة جعلت أوضاع حرية الصحافة في المغرب مصنفة بـ"الصعبة"
سنة يعتبر العاملون في المجال الصحفي والإعلامي بالمغرب، أنها "صعبة" عليهم، وهو ما تؤكده التقارير الدولية التي صنفت المغرب في اللون الأحمر إشارة إلى وضعية "صعبة" للصحافة في البلاد، الأمر الذي لا تنفيه بدورها النقابة الوطنية للصحافة، التي رصدت "عودة قوية للإدانات والغرامات الثقيلة" و"فرض واقع يمس بحرية النشر والتعبير".
اقرأ/ي أيضًا: قوانين الجرائم الإلكترونية في المغرب.. حماية علنية للفساد
عمر الراضي خلف القضبان بسبب تغريدة
يوم الأربعاء الماضي، 25 كانون الأول/ديسمبر، نشر الصحفي المغربي عمر الراضي صورة لاستدعاء وصله من الفرقة الوطنية للشرطة القضائية المغربية، للمثول أمامها.
وقال الراضي: "تم استدعائي مجددًا من طرف ضابط في الفرقة الوطنية للشرطة القضائية للمثول أمامها صباح غد، وللمرة الثانية في سنة 2019. حقيقة لا أعرف سبب الاستدعاء هذه المرة، عكس المرة الأولى التي كانت متعلقة بتغريدة لي حول الأحكام التي طالت نشطاء حراك الريف".
لاحقًا سيتأكد أن سبب الاستدعاء هو التغريدة نفسها، إلا أنه في هذه المرة سيتابع في حالة اعتقال كما قررت ذلك المحكمة، موجهة له تهمة "إهانة القضاء"، كما صرح بذلك لموقع اليوم 24، قائلًا إن "الأمر يتعلق باستمرار تحقيق سابق حول تدوينة كان قد كتبها على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي".
ورفضت هيئة الحكم بالمحكمة الابتدائية في مدينة الدار البيضاء، ملتمس السراح المؤقت الذي تقدم به دفاع الصحفي عمر الراضي عصر يوم الخميس الماضي، 26 كانون الأول/ديسمبر الجاري، بعدما أعلنت ذات الهيئة تأجيل النظر في الملف إلى الثاني من كانون الثاني/يناير المقبل، وذلك بحسب ما صرحت به هيئة دفاع الصحفي.
وقال محامي عمر الراضي، إن "قرار المحكمة برفض تمتيع عمر الراضي بالسراح المؤقت جاء بالرغم من الدفوعات التي تقدمنا بها، والتي ضمت ملفًا طبيًا حول الحالة الصحية لعمر الراضي".
وأضاف: "واعتراضنا على الاعتقال الاحتياطي بالنظر إلى كونه يخص فقط الحالات الإستثنائية، بالاضافة إلى دفوعات أخرى تتعلق بقرينة البراءة وإمكانية اللجوء إلى تدابير قضائية أخرى بديلة للاعتقال الاحتياطي من أجل المحاكمة العادلة".
وفي نيسان/أبريل الماضي، استدعي الراضي للتحقيق أول مرة، بسبب تغريدته المذكورة. واستمع له أمام قسم الجرائم الإلكترونية لدى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، إذ تركز الاستجواب حول ما تم اعتباره "إهانة" لشخص القاضي الذي ترأس جلسات الاستئناف والنطق بالأحكام في حق معتقلي الحراك.
ويُعرض الراضي بنشاطه السياسي السابق ضمن حركة "20 فبراير" في 2011. وكذا بمشاركته في حلقات برنامج "ملحمة العدميين"، البرنامج المثير للجدل الذي احتضنته جمعية "جذور". وهو البرنامج الذي أصدرت بسببه محكمة الدار البيضاء قرارًا بحل الجمعية، في حكم ابتدائي تأكد في الاستئناف.
تضامن واسع مع الراضي
ما حدث مع الراضي، أطلق حملة تضامن واسعة معه وإدانة لاعتقاله، قادتها فعاليات إعلامية وحقوقية وسياسية، مغربية ودولية، من بينها حزب الاشتراكي الموحد، وشبيبة اليسار الديمقراطي والتي تنضوي تحتها القطاعات الشبابية لخمس أحزاب يسارية مغربية.
ونشرت شبيبة اليسار الديمقراطي بيانًا نددت فيه بـ"حملة الاعتقالات التي تطال المناضلين والمناضلات، لا لشيء إلا لتعبيرهم عن رأيهم عبر وسائط التواصل الاجتماعي"، مطالبة بإطلاق السراح الفوري لكل "المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم معتقلي حراك الريف والصحفي عمر الراضي".
فيما غرّدت سميرة سيطايل، الصحفية المغربية ومديرة القناة الثانية 2M، عبر حسابها على تويتر، قائلة: "السخط الذي أحسه عمر الراضي أصابنا جميعًا"، في إشارة إلى ردة الفعل على الأحكام التي طالت نشطاء حراك الريف. وأضافت سيطايل: "إذا كان هذا الاحساس ينتهي بعمر داخل السجن، فقط اسجنونا جميعًا".
وفي تفاعل آخر مع القضية، غرد الفنان المغربي وعضو فرقة هوبا هوبا سبيريت الموسيقية، رضا علالي: "ليس هناك تهديد أخطر لاستقرار البلاد من توزيع الإحباط بكرم".
ومنذ اعتقال عمر الراضي، تداول العديد من مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب وسم "#الحرية_لعمر_الراضي" مرفوقًا التضامن مع الصحفي المعتقل. كما أنشأ نشطاء حقوقيون صفحة على فيسبوك وحسابًا على تويتر للمطالبة بإطلاق سراح الراضي.
دعا الناشط المغربي، عبد الله عيد، إلى إطلاق حملة على شاكلة "خارجة عن القانون"، للدفاع عن الحريات العامة في المغرب، قائلًا إن ما يقع "لا يمكن السكوت عنه لساعة أخرى أو دقيقة بل يجب فضحه في كل المنابر وبكل الوسائل الممكنة!".
حصيلة سنة صعبة على الصحافة في المغرب
عرفت سنة 2019 العديد من القضايا التي طالت حرية الصحافة في المملكة المغربية. كان أبرزها قضية الصحفية هاجر الريسوني وخطيبها الحقوقي السوداني رفعت الأمين، اللذين أدينا في جريمة "إجهاض غير مرخص" قبل أن يطلق سراحهما بعفو ملكي، فيما يؤكد نشطاء وحقوقيون أن السبب الحقيقي في التوقيف هو مقالات الريسوني ومجمل عملها الصحفي.
وبالتزامن مع ذلك، عزز القضاء المغربي الحكم الابتدائي في حق الصحفي توفيق بوعشرين، رئيس تحرير جريدة أخبار اليوم، بالسجن 12 سنة نافذة.
كما أدين أربعة صحفيين آخرين بالسجن ستة أشهر موقوفة التنفيذ، وغرامة مالية تعادل ألف دولار، فيما بات يعرف إعلاميًا بقضية "نشر أخبار صحيحة"، والتي توبع فيها كل من الصحفين محمد أحداد، عبد الحق بلشكر، عبد الإله سخير وكوثر زكي، لـ"نشر معطيات سرية " تتعلق بأعمال لجنة تقصي الحقائق (برلمانية) حول التدقيق بصندوق التقاعد، في كانون الأول/ديسمبر 2017.
وفي تفاعل مع الحدث، نشرت النقابة الوطنية للصحافة المغربية بيانًا افتتحته بالتعبير عن "خيبة أمل" الأوساط الصحفية، قائلة: "كنا نأمل بأن يصحح هذا الحكم، وتبرئة الزملاء من تهم تثير السخرية والاشمئزاز، إلا أن كل ذلك تبخر"، طارحة علامات استفهام كبيرة حول "مدى تعزيز الحماية القانونية للصحافيين في قضايا النشر لتجاوز التأويلات المتعسفة وفتح صفحة تعامل متفهم لخصوصيات المهنة وتزكية منافذ التعامل السليم والإيجابي مع قضايا النشر".
في 2019 جاء المغرب في المركز 135 ضمن 180 دولة، في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، متراجعًا مركزين عن 2018
هذا وصنف القرير السنوي لمؤسسة مراسلون بلا حدود أوضاع حرية النشر والتعبير في المغرب بـ"الصعبة". وقد احتل المغرب، حسب تصنيف مراسلون بلا حدود، المركز 135 ضمن 180 دولة، متراجعًا مركزين عن العام الماضي.
اقرأ/ي أيضًا:
محاكمة 4 صحفيين في المغرب بتهمة "نشر أخبار صحيحة"
في المغرب.. التدوين على فيسبوك قد يدفع بك إلى السجن بتهمة "الإرهاب"!