اغتصاب الطفولة في حرب السودان.. يونسيف توثّق تعرّض عشرات الأطفال للاغتصاب

يعيش أطفال السودان واقعًا صعبًا، بسبب الحرب المستمرة في البلد منذ الـ15 من نيسان/إبريل 2022 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وبحسب تقارير أممية صادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، فقد تعرض أطفال السودان لانتهاكات مروعة، لم تقتصر على الجوع والتهجير والتجنيد، وإنما شملت العنف الجنسي بمختلف أشكاله.

وفي هذا السياق، كشف تقرير جديد صادر عن الأمم المتحدة عن تسجيل 221 حالة اغتصاب ضدّ الأطفال في السودان منذ بداية عام 2024. وشملت الضحايا أطفالًا رُضّع لا تتجاوز أعمارهم سنة واحدة، وفقًا للمنظمة الأممية المختصة بحماية الطفولة

لا تعكس الأرقام المتداولة حجم تفشي ظاهرة اغتصاب الأطفال في السودان، لأن الناجين وأسرهم غالبًا ما يترددون أو يعجزون عن الإبلاغ عن هذه الحالات بسبب الخوف من الوصم والانتقام وصعوبات الوصول إلى الخدمات والعاملين في الخطوط الأمامية

صورة مؤلمة للأزمة:

أفادت تقارير تحصلت عليها "اليونسيف" من "مقدّمي خدمات العنف القائم على النوع"، بوقوع عشرات الحالات من اغتصاب الأطفال في السودان، من طرف مسلحين ملثّمين، لم تحدد المنظمة انتماءاتهم. وأكّدت المنظمة أنّ الرقم الذي كشفت عنه، وهو 221 حالة اغتصاب منذ 2024، بمثابة الشجرة التي تخفي الغابة. إذ لا يمثل هذا الرقم، حسب "اليونيسف" "سوى جزء يسير من إجمالي الحالات، لأن الناجين وأسرهم غالبًا ما يترددون أو يعجزون عن الإبلاغ عن هذه الحالات بسبب صعوبات الوصول إلى الخدمات والعاملين في الخطوط الأمامية، والخوف من الوصم الذي قد يواجهونه أو الخوف من الرفض من أسرهم أو مجتمعهم ومن الانتقام من الجماعات المسلحة أو الخوف من الانتهاكات المتعلقة بسرية المعلومات" وفقًا للمنظمة الأممية.

وفي تعليقها على هذه الحالات الصادمة قالت المديرة التنفيذية لليونيسف، كاثرين راسل: "ا إنّ غتصاب رجال مسلحين لأطفال لا تتجاوز أعمارهم السنة يجب أن يصدم أي شخص في صميمه ويحفز على اتخاذ إجراء فوري"، مضيفةً القول إنّ "ملايين الأطفال في السودان معرضون لخطر الاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي، التي تستخدم كأسلوب حرب. هذا انتهاك شنيع للقانون الدولي وقد يشكل جريمة حرب. ويجب أن يتوقف".

وكشف التقرير الأممي، أنّ الحالات المسجّلة، بوصفها تعرضت للاغتصاب، تتوزع على النحو الآتي: 147 طفلة، أي نسبة 66 % من الضحايا، بينما يمثل الأطفال الذكور 53 أي بنسبة 33 %. وبات هؤلاء، حسب المنظمة الأممية "معرضون للوصم، وتحديات فريدة في الإبلاغ وطلب المساعدة والوصول إلى الخدمات".

ومن الأمور الباعثة على الصدمة، حسب التقرير، أنّ 16 من الحالات المسجلة، تعود لأطفال تقل أعمارهم عن 5 سنوات، ومن بينهم 4 أطفال لا يبلغون من العمر إلا سنة واحدة.

وقد تمّ الإبلاغ عن جميع الحالات المذكورة في تسع ولايات من أنحاء السودان، ما يعني أنّ الظاهرة منتشرة، وليست محصورة في مكان دون آخر. وأشار التقرير  إلى أنّه جرى الإبلاغ عن 77 حالة إضافية من حالات الاعتداء الجنسي على الأطفالـ جلّها صنّفت على أنها "محاولة اغتصاب".

تفشي العنف الجنسي في السودان:

أكّدت المديرة العامة لـ"اليونيسف"، كاثرين راسل، أن تفشي العنف الجنسي في السودان "زرع الرعب في نفوس الناس، وخاصة الأطفال"، مشددةً على ضرورة أن تبذل أطراف النزاع، ومن لهم نفوذ عليهم، أقصى الجهود لوضع حد لهذه الانتهاكات الخطيرة ضد الأطفال.

كما لفتت النظر إلى أن "الندوب الناجمة عن هذه الحرب لا يمكن حصرها، وهي طويلة الأمد". وسابقًا، دقّت الأمم المتحدة ناقوس الخطر بشأن الانتهاكات الجنسية التي تستخدمها أطراف الصراع كسلاح حرب، مؤكدةً أن "الواقع الوحشي لهذا العنف، والخوف من الوقوع ضحيته، يدفعان النساء والفتيات إلى ترك منازلهن وأسرهن والفرار إلى مدن أخرى، حيث ينتهي بهن المطاف غالبًا في مواقع نزوح غير رسمية أو في مجتمعات تعاني من شح الموارد.

كما أن خطر العنف الجنسي يظل مرتفعًا داخل هذه المجتمعات، لا سيما ضد الأطفال النازحين داخليًا". ولا يخفى أن وقائع الاغتصاب والعنف الجنسي تخلّف تأثيرات نفسية هائلة على الناجين، إذ يواجهون في بعض الأحيان "العزلة القسرية" وقد يتعرضون "للرفض الأسري"، خاصةً في الحالات التي ينتج عنها حمل أو أمراض منقولة جنسيًا، مما يتطلب توفير خدمات طبية ونفسية واجتماعية لمعالجة آثار الصدمة الناجمة عن هذه الاعتداءات.

16 من الحالات المسجلة للأطفال المغتصَبين، تعود لأطفال تقل أعمارهم عن 5 سنوات، ومن بينهم 4 أطفال لا يبلغون من العمر إلا سنة واحدة.

مطالب عاجلة:

دعت الأمم المتحدة واليونسيف الحكومة السودانية وباقي أطراف الأزمة إلى احترام التزاماتها "بموجب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان لحماية المدنيين، وخاصة الأطفال".

واعتبرت المنظمة الأممية أنّ "العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك العنف الجنسي بوصفه أسلوب حرب، يجب أن يتوقف فورًا"، كما أكدت أنه "يجب حماية البنية التحتية للخدمات الأساسية ومقدمي الخدمات حتى يتمكنوا من مواصلة عملهم المنقذ للحياة"، وأضافت أيضًا أنه "يجب أن يتمكن العاملون في المجال الإنساني من تقديم المساعدات والخدمات المنقذة للحياة بأمان، ويجب أن تتمكن الأسر من الوصول بأمان إلى الدعم الذي تحتاجه".

ونبّهت الأمم المتحدة إلى أنه "يجب إعطاء الأولوية لأنظمة البيانات الآمنة والأخلاقية، سواءً للمساعدة في تعزيز الاستجابة الإنسانية أو كجزء من جهود أوسع لمحاسبة الجناة".

ودعت المنظمة الأممية المانحين إلى "التعامل مع برامج العنف القائم على النوع الاجتماعي على أنها منقذة للحياة".