اغتيالات وفوضى أمنية في اللاذقية.. من يقف وراءها وما هدفها؟
29 ديسمبر 2024
تشهد محافظة اللاذقية غربي سوريا منذ أيام حالة فوضى أمنية رغم وصول تعزيزات عسكرية كبيرة لإدارة العمليات والأمن العام ، حيث سجل مقتل ستة أشخاص خلال يوم السبت، على يد مجهولين.
وعثر أهالي مدينة جبلة يوم السبت على جثتي شابين ينتميان لإدارة العمليات، إثر كمين يعتقد أنه نفذ من فلول النظام في منشأة كانت تسيطر عليها مليشيات إيرانية سابقًا، في منطقة البحيص بريف جبلة.
تشهد محافظة اللاذقية غربي سوريا منذ أيام فوضى أمنية رغم وصول تعزيزات عسكرية كبيرة لإدارة العمليات والأمن العام
كما عثر على جثث أربع أشخاص قتلوا على يد مجهولين في قرية عين الشرقية بريف جبلة، حيث حضرت قوات الأمن العام للمنطقة للتحقيق، وقال سكان من المنطقة إن القتلى من عائلة واحدة والمعلومات الأولية تشير أن من قام بهذا الفعل بسبب ثأر شخصي، في حين فقد الاتصال بشخص آخر من نفس المنطقة وسط ترجيحات باختطافه على يد مسلحين مجهولين. وفق ما أفاد بع مراسل "الترا صوت".
وإزاء هذه التطورات وصلت، اليوم الأحد، تعزيزات عسكرية ضخمة من إدارة الأمن العام إلى مدينة جبلة، وصدر تعميم في المنطقة بإعطاء مهلة حتى الساعة السادسة من اليوم الأحد، لتسليم السلاح تحت طائلة المحاسبة.
من المسؤول عن الهجمات؟
وحول الجهة التي تقف وراء عمليات الاغتيال في ريف جبلة الجنوبي، قال علاء وهو من أفراد إدارة العمليات في مدينة جبلة لموقع "الترا صوت" إن هناك مجموعات مسلحة بكثافة منتشرة من منطقة الفيض باتجاه عرب الملك، وهي فلول تتبع للضابط في الفرقة "25" سهيل الحسن. وأحد متزعميها يدعى "أبو شمس"، وهي مسؤولة عن الكثير من عمليات الاجرام في سوريا، وتضم هذه الميليشيا مجموعة كبيرة من اللصوص والمهربين وقطاع الطرق وليست من طائفة واحدة، وهي مسؤولة عن حرق مؤسسات حكومية وسرقتها، من بينها المجمع الحكومي في المدينة، وفرع الأمن السياسي في جبلة.
وأضاف علاء لـ"الترا صوت" أن هذه الميليشيا تسعى لإذكاء التوترات الطائفية في المنطقة من خلال أعمال قتل تطال الجهتين، للإيحاء بأنها عمليات قتل ذات صبغة طائفية، مشيرًا أن هذه الاغتيالات وعمليات التصفية جاءت بعد يوم واحد من مظاهرة في مدينة جبلة، نادت بنبذ الطائفية والتآخي ومحاسبة المجرمين من مختلف الطوائف.
من جانبه قال علي جنيد، وهو من سكان قرية عين الشرقية بريف جبلة لموقع "الترا صوت" إن عدة قتلى سقطوا خلال الأيام الأخيرة في ظروف غامضة، وبعضهم في مناطق لا تتواجد فيها أي قوات من مقاتلي إدارة العمليات. موضحًا أن بعض الجرائم يمكن أن تعزى إلى خلافات وثأر شخصي، حيث يستغل مرتكبوها الانفلات الأمني وانتشار السلاح الكثير، فيما لا يمكن استبعاد وجود مخطط لجر المنطقة إلى صراع طائفي.
وأكد جنيد أن الوضع الأمني يتجه نحو الأسوأ منذ عدة أيام، مع زيادة حالات الاختطاف والقتل، موضحًا أن أحد طلاب كلية الطب قتل قبل يومين برصاص مجهولين، خلال توجهه للجامعة، ودون أي ذنب. وختم بالقول: "هذا الوضع أثر كثيرًا على سكان القرى، وباتت حركة التنقل إلى المدينة ضعيفة، الجميع يشعر بالخوف، هناك موظفون وطلاب وأهالي يريدون التوجه لأعمالهم والتبضع، لكن فعليًا الأمور مجمدة".
خيارات لوقف العنف
وحول خيارات الأمن العام للتعامل مع فلول النظام والميليشيات، رأى المحامي مهند عجيل في اللاذقية، أن هناك عشوائية لازالت في طريقة التعاطي مع الملف الأمني، ولا يزال يعتمد على ردود الفعل أكثر من كونه يخضع لخطة.
وأكد عجيل في حديثه لموقع "الترا صوت" أن هناك ضرورة لإصدار نشرة مطلوبين، تشمل المسؤولين عن الجرائم من جميع الأطراف، لأن هناك تساؤلات بدأت تطرح عن مصير من أجرى التسوية، وعلى أي أساس تقوم الاعتقالات طالما أن القضاء لم يعمل بعد.
ورأى المحامي أن تخفيف الاستعراضات العسكرية، وترك الأمر لجهاز الشرطة أو الأمن العام مع التدخل عند الحاجة، وإعادة جهاز الشرطة المحلية للعمل ممن لم يرتكب أي جرائم، وأن يكون ممثلا لجميع الأطراف، كل ذلك يمكن أن يساهم في تحسن الأوضاع.
مبادرات لامتصاص الخطاب الطائفي
وأمام الخطاب التحريضي الواضح من بعض الجهات، والأزمة التي خلقتها المظاهرات والمظاهرات المضادة، برزت عدة مبادرات لتهدئة الأوضاع.
حيث التقى وجهاء في مدينة جبلة وقراها في مسجد السلطان إبراهيم ابن الأدهم، واتفقوا على وقف أي مظاهرات تحريضية، وتشجيع الخطاب الوطني ومكافحة أي تفلت أمني، والتواصل بشكل دائم لحل أي مشكلة في وقتها. كما أقامت عشرات النساء في ريف جبلة مجلس عزاء لضحايا سجون النظام، وقدموا عزاء رمزيًا للضحايا، وأرسلوا رسائل تضامن لذويهم في كل المحافظات السورية.
وبرز ناشطون ومحامون من جبلة وريفها عبر لقاءات بثت مباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، دعوا فيها إلى عدم الانجرار إلى مخططات خارجية، واحترام السلم الأهلي وتعايش أهل المنطقة مع بعضهم منذ مئات السنين.