الإفراج عن الأسيرات الفلسطينيات.. حرية ممزوجة بالحزن والتحديات
25 يناير 2025
نشرت وكالة "أسوشيتد برس" تقريرًا تناول قصص الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم من السجون الإسرائيلية ضمن اتفاق التبادل ووقف إطلاق النار في غزة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل.
يعكس التقرير معاناة الأسرى، مشاعر الفرح المشوبة بالحزن، والتأثير العميق للاعتقال الإسرائيلي على المجتمع الفلسطيني.
دانيا لم تُتهم رسميًا بأي جريمة ولم تُقدم للمحاكمة، لكنها اُحتجزت وفقًا لسياسة "الاعتقال الإداري" الإسرائيلية، التي تُتيح احتجاز الفلسطينيين دون تهم استنادًا إلى أدلة سرية
حرية بطعم المعاناة
عندما خرجت دانيا حناتشة، البالغة من العمر 22 عامًا، من السجن الإسرائيلي هذا الأسبوع، واستقبلتها حشود فلسطينية مبتهجة في رام الله، وصفت اللحظة بأنها أشبه بـ"شوهد من قبل".
فقد أُطلق سراحها مرتين في غضون أقل من عام، إذ اعتُقلت لأول مرة في تشرين الثاني/نوفمبر 2023 بعد بداية الحرب على غزة، وأُفرج عنها في إطار صفقة تبادل أسرى خلال هدنة الأولى التي استمرت أسبوعًا. لكنها اعتقلت مجددًا في أب/أغسطس من العام الماضي عندما اقتحمت القوات الإسرائيلية منزلها مستخدمةً المتفجرات.
🎥 أسير نفق الحرية #محمد_العارضة حرًا في الدفعة الثانية من صفقة التبادل. pic.twitter.com/46e1Dj3XeH
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 25, 2025
لم تُتهم دانيا رسميًا بأي جريمة ولم تُقدم للمحاكمة، لكنها احتجزت وفقًا لسياسة "الاعتقال الإداري" الإسرائيلية، التي تُتيح احتجاز الفلسطينيين دون تهم استنادًا إلى أدلة سرية. تقول دانية: "العائلات الفلسطينية مستعدة دائمًا لاعتقالات مفاجئة. تشعر بالعجز وكأنك لا تستطيع حماية نفسك".
شروط الصفقة وواقع الأسرى
تُعد دانيا واحدة من 90 امرأة ومراهقًا فلسطينيًا أطلق سراحهم خلال المرحلة الأولى من اتفاق التبادل ووقف إطلاق النار في غزة، الذي يتضمن إطلاق سراح حوالي 2000 أسير فلسطيني مقابل الإفراج عن 33 محتجزًا إسرائيليًا، وإدخال المساعدات الإنسانية والوقود إلى غزة. وبينما تشمل قائمة الأسرى المُفرج عنهم من أُلقي القبض عليهم بتهم بسيطة كإلقاء الحجارة أو الزجاجات الحارقة، هناك آخرون أُدينوا بتنفيذ هجمات أودت بحياة إسرائيليين.
وفقًا لشروط الصفقة، لا يمكن إعادة اعتقال الأسرى الفلسطينيين المُفرج عنهم على نفس التهم. ومع ذلك، تعيش عائلات الأسرى قلقًا دائمًا من احتمال الاعتقال مجددًا، أو عدم استكمال المراحل التالية من الصفقة.
#خاص | مشاهد من استقبال محرري الدفعة الثانية من المرحلة الأولى في صفقة التبادل، بمدينة رام الله. pic.twitter.com/LrYTrS7Vqy
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) January 25, 2025
سياسات الاعتقال القاسية
منذ بداية الحرب على غزة قبل 15 شهرًا، تضاعف عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ليصل إلى أكثر من 10,000 أسير، بينهم معتقلون من الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية. يُشير التقرير إلى تدهور أوضاع السجون بشكل ملحوظ منذ بداية الحرب. فقد وصف بعض الأسرى المُفرج عنهم الزنازين بأنها مكتظة وغير صحية، مع نقص في الغذاء والرعاية الطبية، فضلًا عن التعرض للضرب ورشهم بالغاز المسيل للدموع.
قصص من الأسرى المحررين
خالدة جرار، إحدى أبرز الشخصيات الفلسطينية المفرج عنها والقيادية البارزة في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، تحدثت عن معاناة الأسرى داخل السجون الإسرائيلية، إذ يحرم السجناء من زيارات عائلاتهم ويُعاملون بشكل غير إنساني. وكانت قد اعتُقلت عدة مرات، آخرها في أواخر عام 2023، حيث اتهمتها إسرائيل بالانتماء لفصيل مسلح.
في فعالية استقبال الأسرى في رام الله، استقبلت جرار المهنئين بابتسامة، لكنها لم تُخف قلقها من مصير الأسرى الآخرين الذين لم يُفرج عنهم بعد. بعض العائلات الفلسطينية تعيش أملًا هشًا بأن الهدنة ستستمر بما يكفي لتحرير مزيد من الأسرى.
المفاوضات ومراحل الاتفاق
وبحسب التقرير، تشمل المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار الإفراج عن محتجزين إسرائيليين في غزة مقابل أسرى فلسطينيين. ومن المقرر أن تبدأ المفاوضات بشأن المرحلة الثانية في اليوم السادس عشر من الهدنة. المرحلة المقبلة قد تتضمن إطلاق سراح مزيد من الأسرى الفلسطينيين، وانسحابًا إسرائيليًا كاملًا من غزة، وضمان "هدوء مستدام" في المنطقة.
فرحة منقوصة لعائلات الأسرى
بالنسبة لعائلة ياسر سعدات، كان الإفراج عن والدته، عبلة، لحظة فرح ممزوجة بالحزن. اعتقلت والدته في أيلول/سبتمبر 2024، أُفرج عنها خلال الصفقة. لكن والد ياسر، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، لا يزال يقضي عقوبة بالسجن لمدة 30 عامًا بعد إدانته في المشاركة في التخطيط لعملية اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي عام 2001. يقول ياسر: "لا نعرف ما إذا كان سيتم إطلاق سراحه، لكننا لا نفقد الأمل".
وفقًا لشروط الاتفاق، فإن الأسرى المُدانين بعمليات قتل سيتم إبعادهم إلى غزة أو الخارج ولن يُسمح لهم بالعودة إلى الضفة الغربية.
فيديو | الأسرى المفرج عنهم في صفقة التبادل بعد وصولهم إلى رام الله pic.twitter.com/szNuoxbdgC
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) January 25, 2025
انتقادات إسرائيلية للصفقة
على الجانب الإسرائيلي، أثارت الصفقة استياءً كبيرًا بين العائلات التي قتل أبناءها، إذ اعتبروا إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين "تهديدًا أمنيًا".
ميخا أفني، الذي قُتل والده في هجوم فلسطيني عام 2015، قال: "هذه الصفقات تأتي بتكلفة باهظة.. المزيد من القتلى سيُسقطهم هؤلاء المُفرج عنهم".
ختام وأمل
رغم الانتقادات والخلافات، يرى البعض أن هذه الصفقات تسلط الضوء على الممارسات الإسرائيلية غير العادلة، مثل الاعتقال الإداري. بالنسبة لأسرى مثل أمل شجاعية، التي اُتهمت بالمشاركة في فعاليات مؤيدة لفلسطين في جامعتها والمشاركة في بودكاست يتحدث عن الحرب في غزة، فإن الإفراج عنها كان لحظة فرح غامرة. قالت أمل، البالغة من العمر 21 عامًا: "اليوم، أنا بين أهلي وأحبتي. شعور الحرية لا يوصف".