الإيكونوميست: أوكرانيا تسعى للاعتماد على نفسها في تطوير الصواريخ
27 ديسمبر 2024
تواجه أوكرانيا تحدي البحث عن بدائل تعزز صمودها، في حال قررت الولايات المتحدة وقف دعمها العسكري الذي اعتمدت عليه كييف منذ عام 2022 في مواجهتها ضد روسيا، خاصةً أنّ عودة ترامب أحدثت حالة من الغموض بشأن مصير تلك المساعدات في حال لم يلبّ الأوكرانيون دعوته لإنهاء الحرب.
وفي هذا الصدد تعمل أوكرانيا، حسب مجلة الإيكونوميست البريطانية، على إعادة إحياء برامجها لصناعة الصواريخ من جهة، كما تستثمر من جهة ثانية الخلاف الأوروبي مع مساعي ترامب لإنهاء الحرب في ضمان استمرار تدفق المساعدات الأوروبية.
وبحسب المعلومات التي أوردتها إيكونوميست، بدأت أوكرانيًا فعليًا إنتاج صاروخ أطلقت عليه اسم "ترمبيتا أو البوق الألبي الأوكراني". وتنقل مجلة إيكونوميست عن رئيس طاقم المشرفين على تصنيع الصاروخ سيرجي بيروكوف قوله: "قد نخطئ هدفنا، لكننا سنحلق به (على ارتفاع منخفض فوق الخنادق التي يحتمي فيها الروس لنجعل فرائصهم ترتعد رعبًا" وفق تعبيره.
تطمح أوكرانيا لإحياء صناعة الصواريخ بعدما تخلصت منها عام 1994
وقدّمت إيكونوميست تفاصيل عن مواصفات الصاروخ الأوكراني الجديد، قائلةً إنّ "محركه النفاث النبضي الطويل يحدث دويا هائلا يُجفل من قوته كل من في داخل المرآب"، وأضافت إيكونوميست أنّ محرك صاروخ ترمبيتا "حديث تبلغ سرعة انطلاقه 400 كلم بالساعة لمسافة 200 كلم"، وأكّدت المجلة البريطانية أنّ الأوكرانيين بدؤوا بإجراء "تطوير نسخة أكبر وأقوى تستطيع الوصول إلى موسكو".
وترى إيكونوميست أنّ مشروع "ترمبيتا نابع من رغبة الأوكرانيين "في عدم التعويل على المساعدات العسكرية الأجنبية الضخمة"، مؤكدة أنّ هذا المشروع هو واحد فقط "من عدة مشاريع صواريخ، تأمل أوكرانيا في أن ينعش صناعتها المحلية".
إلى جانب صاروخ "ترمبيتا" توجد لدى أوكرانيا مشاريع "صواريخ هجينة جديدة إلى جانب طائرات مسيرة جاهزة للطيران بالفعل"، وعدّدت إيكونوميست من بين تلك المشاريع صاروخ "نيبتون" بعيد المدى، وهو معدل من السلاح المضاد للسفن الذي أغرق، في عام 2022، الطراد "موسكفا" الذي يعد أسطورة أسطول البحر الأسود الروسي، وصاروخ "هريم 2" الباليستي التكتيكي، وهو قيد التطوير في مصنع بيفدنماش في دنيبرو جنوب شرقي أوكرانيا.
ونوّهت الإيكونوميست إلى أنّ أوكرانيا كانت رائدة عالميًا، أثناء الحقبة السوفييتية، في مجالات الابتكارات الخاصة بالصواريخ والفضاء. قبل أن تتوقف تلك الريادة عام 1994 إثر صدور اتفاق بودابست التي تخلت بموجبه كييف "عن صواريخها الباليستية النووية العابرة للقارات مقابل ما تبين بعدها أنها ضمانات أمنية عديمة الجدوى" وفقًا للإيكونوميست، في إشارة إلى عودة روسيا لاحتلال أراضي أوكرانية بعد ذلك التاريخ بأقل من عقدين، دون أن يفيدها الدعم والضمانات الغربية كثيرًا.
وخلال الحرب الحالية ركّزت روسيا جانبًا كبيرا من قصفها على منشآت تصنيع الصواريخ، حيث قتلت وأصابت العديد من العاملين في هذا المجال، ولذلك تُخضع أوكرانيا مشاريعها الصاروخية لسرية وحراسة مشددة.
سلاح #أوكرانيا الجديد.. ماذا نعرف عن "مسيّرات التنين" التي تستخدمها ضد روسيا؟
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) September 10, 2024
اقرأ أكثر في التقرير: https://t.co/JBDKe0zBcn pic.twitter.com/xCGFxKQac2
تحديات تواجه التطلعات الأوكرانية
سبق لأوكرانيا أن حاولت استعادة ريادتها في الصناعات الصاروخية وصناعات الفضاء عمومًا، لكن مساعيها تلك كانت تتحطّم دائما على صخرة "الفسا تارةً وإفلاس الحكومة، وتسلل الروس، والافتقار إلى الإرادة السياسية، تارات أخرى".
ويعدّ الحصول حاليًا على التمويلات الضرورية لهذه الصناعات التحدي الأبرز للأوكرانيين، "فعلى الرغم من أنّا لحكومة الأوكرانية تدعم إنتاج أي صاروخ أثبت قدرته على الطيران، وتقدم للمصنعين من القطاع الخاص نفس هامش الربح الأقصى البالغ 25% الذي تمنحه لمنتجي الطائرات المسيرة، إلّا أنّ عدم مخاطرة المصنعين باستثمار مبالغ كبيرة من أموالهم الخاصة لانطلاق تلك المشاريع وتوسيعها يقف حجر عثرة أمام المجهود التصنيعي الصاروخي".
وتعتقد الإيكونوميست أنّ "المهمة الأصعب اليوم بالنسبة لأوكرانيا، تتمثل في التوسع في الإنتاج الصناعي، بجمع الأموال اللازمة، وشراء المعدات الحساسة من الخارج وتوفير الأمن"، فهذا وحده ما قد يضمن لها اللحاق بالركب، في خضم الحرب التي تخوضها ضد الروس. خاصةً أن أوكرانيا لا تمتلك سوى مخزون محدود من صواريخ "أتاكمز الأميركية التكتيكية بعيدة المدى، وصواريخ ظل العاصفة Storm Shadow جو-أرض البريطانية-الفرنسية البعيدة المدى، فإنها استطاعت.
وبسبب القيود الأميركية والأوروبية على استخدام تلك الصواريخ، وجدت روسيا مستوًى من الأمان في "العمل على بعد 30 كلم خلف الجبهة، بينما كانت تقصف أوكرانيا بأكملها بصواريخ من إنتاج مصانعها، التي تأتي في المرتبة الثانية بعد تلك التي تنتجها أميركا وربما الصين" وفقًا للإيكونوميست.