التخلي عن الدولار خط أحمر.. ترامب يحذّر تكتّل بريكس
2 ديسمبر 2024
يُراهن الرئيس المُنتخب، دونالد ترامب، على سيف الرسوم الجمركية في مواجهة الحلفاء والأعداء، وإرغام الجميع على الامتثال لمطالبه، ففي آخر تهديدٍ لوّح فيه بسيف الرسوم الجمركية حذّر دول بريكس قائلًا إنه سيرفع التعريفات الجمركية على بضائعها ووارداتها بنسبة 100% إذا واصلت مساعيها لطرح عملة بديلة عن الدولار في معاملاتها التجارية والاقتصادية البينية أو دعمت التعاملات بعملة غير الدولار.
واختار ترامب منصّته الاجتماعية "تروث سوشيال" لإرسال تهديداته إلى الدول الأعضاء في بريكس قائلًا في منشور كتبه على المنصّة الاجتماعية "انتهت فكرة أن تحاول دول بريكس الابتعاد عن الدولار بينما نقف مكتوفي الأيدي ونراقب.. نطالب هذه الدول بالالتزام بعدم إنشاء عملة جديدة لبريكس، أو دعم أي عملة أخرى لتحل محل الدولار الأميركي العظيم، وإلا فإنها ستواجه تعريفات جمركية بنسبة 100%، ويجب أن تتوقع وداعًا للبيع بالاقتصاد الأميركي الرائع".
وكان ترامب قد تعهّد أثناء حملته الانتخابية بتشديد الخناق على أي دولة أو تجمع اقتصادي تسوّل له نفسه الابتعاد عن الدولار، ويعدّ تذكير ترامب بهذا الوعد وهو على وشك الدخول للبيت الأبيض لممارسة سياساته كرئيس للولايات المتحدة مدة 4 سنوات مؤشرًا على أهمية استراتيجية الحرب التجارية في مشروع ترامب الاقتصادي، ففي ظلّ مساعيه للتخلص من حوالي 11 مليون مهاجر دخلوا الولايات المتحدة بشكلٍ غير نظامي، وما يعنيه ذلك من تداعيات اقتصادية، لن يكون بمقدور ترامب التساهل مع أي تهديد اقتصادي من مصدر خارجي.
تعهّد ترامب أثناء حملته الانتخابية بتشديد الخناق على أي دولة أو تجمع اقتصادي تسوّل له نفسه الابتعاد عن الدولار
ووفقًا لوكالة "بلومبيرغ" فقد قام ترامب ومستشاروه ببحث "سبل معاقبة الحلفاء والخصوم على حد سواء الذين يسعون إلى الانخراط في تجارة ثنائية بعملات أخرى غير الدولار"، ومن بين التدابير التي شاركها ترامب وفريقه "ضوابط التصدير ورسوم التلاعب بالعملة والرسوم على التجارة".
قوة أم ارتباك؟
تنقل "بلومبيرغ" عن مايكل بيتيس، وهو زميل مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، قوله "إن تحذير الرئيس المنتخب ضد أعضاء بريكس يشير إلى مدى ارتباك الإدارة القادمة بشأن التجارة العالمية ونظام رأس المال"، ويضيف بيتيس أنّ الولايات المتحدة "لا تستطيع خفض عجزها التجاري وزيادة الهيمنة العالمية للدولار لأن هذا يفرض شروطًا متعارضة تمامًا".
ومقابل الارتباك الأميركي، يرى موقع "ناشيونال إنترست" أنّ دول بريكس "تعمل على تخفيف التوترات الثنائية فيما بينها، وذلك في وقتٍ تنأى فيه دول الجنوب العالمي عن الاعتماد على مساعدات واشنطن"، وبدلًا من أن تحاول واشنطن التكيف مع هذه التحولات الجيوسياسية، فإنها تعمد إلى التلميح بسياسة العصا، الأمر الذي سيزيد من مستوى التوتر في علاقاتها التجارية والاقتصادية مع دول الجنوب، بل قد يسري ذلك على أوروبا، فهي الأخرى مستهدفة بسياسة رفع الرسوم الجمركية.
ومن شأن تلويح ترامب بالعقوبات أن يعزز ما يدّعيه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من أنّ تكتّل بريكس "يمثل ملاذًا للدول المتضررة من الاستخدام العقابي للدولار من قبل واشنطن"، ويعترف بوتين أن "روسيا لوحدها لا تستطيع تأسيس نظام مالي بديل" ومن شأن سياسة ترامب الترهيبية بفرض العقوبات أن تدفع "دول الجنوب للتعاون مع روسيا لإنشاء نظام مالي بديل" سيؤثّر بلا شك على مكانة الولايات المتحدة الاقتصادية عالميًا.
وفي القمة الأخيرة لبريكس شدد بوتين على فكرة أنّ "أنظمة الدفع عبر الحدود، المعتمدة على العملات المحلية، تمثل الحل الأمثل لتحرر دول بريكس من النظام المالي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة، كما أنها تُعد أداة حاسمة لتأسيس قنوات تتيح للدول الأعضاء تنفيذ تعاملاتها المالية بعيدًا عن أي تدخل أميركي".
وعلى الرغم من أنّ اعتماد دول بريكس لعملة موحدة يعدّ أمرًا بعيد المنال، نظرا للمصالح المتباينة بين الدول المشكلة له مثل: الهند وروسيا والصين والبرازيل وجنوب أفريقيا، وإيران والإمارات ومصر وإثيوبيا، إلّا أنّ ضغوط ترامب قد تدفع بعض الدول للاقتناع بفكرة بوتين، وربّما اعتماد عملاتها المحلية في التداول الثنائي البيني على الأقل، خاصةً أنّ موسكو لجأت بالعفل إلى "اعتماد المدفوعات بالروبل والذهب كوسيلة للتخفيف من وطأة العقوبات الغربية والخروج من أنظمة الدفع الدولية مثل: سويفت"، كما وسّعت الصين "خطوط مقايضة الدفع مع دول مثل الأرجنتين لتفعيل التداول المباشر باليوانن الصيني بينما أتاحت العملة الرقمية الصينية "إي-سي إن واي فرصًا إضافية لإزاحة الدولار من المشهد المالي العالمي" حسب موقع "ناشيونال إنترست".
يشار إلى أن الدولار يمثل حوالي 60% من احتياطات صندوق النقد الدولي، كما يهيمن على 80% من التعاملات التجارية العابرة للحدود، ويعدّ عملة مدفوعات في معظم دول العالم إلى جانب العملة الوطنية.