التعذيب الممنهج.. إرث النازيين في خدمة نظام عائلة الأسد
15 ديسمبر 2024
كشفت عملية فتح السجون في سوريا وتحرير السجناء من أماكن الاحتجاز عن فصول مروعة من التعذيب، حيث أبانت الصور القادمة من سجن صيدنايا وغيره عن مشاهد فظيعة لأشخاص أخذ منهم الوهن والضعف مأخذًا كبيرًا بسبب التجويع، وآخرون عاجزون عن الحركة بسبب الأضرار التي لحقت بأبدانهم جرّاء التعذيب والإهمال، فيما تضررت الصحة العقلية والنفسية للبعض الآخر بشكلٍ بالغ بسبب ظلام السجن وعنف السجّان، كما عُثر على عشرات الجثث لأشخاص قضوا تحت التعذيب.
وفي هذا الصدد، تفيد معطيات منظمة العفو الدولية بإعدام ما يصل إلى 15 ألف شخص من دون محاكمات قضائية داخل سجن صيدنايا لوحده، خلال الفترة بين أيلول/سبتمبر 2011 وكانون الأول/ديسمبر 2015.
وبحسب قناة دويتشه فيله الألمانية فإن مشاهد المعذبين وأوضاع سجون نظام الأسد تسلط الضوء على العلاقة المباشرة بين أساليب النظام السوري المطاح به وأساليب التعذيب لدى النازيين في ألمانيا، حيث استفاد نظام البعث في فترة مبكرة من خدمات جلّادين من ألمانيا النازية، على رأسهم النقيب في قوات الحماية الخاصة (SS) النازية ألويز برونر، الذي هرب إلى سوريا في عام 1945، مع الإشارة إلى أنّ هذا النقيب، كان "من أهم العاملين مع أدولف أيشمان، المسؤول عن اضطهاد وتشريد وترحيل ستة ملايين يهودي".
أقام نظام الأسد علاقات مع قادة نازيين هاربين تولوا تدريب أجهزة المخابرات السورية
وأكّدت القناة الألمانية، أنّ الأرشيف الألماني، يكشف كيف قام القادة السوريين، أثناء حكم نظام آل الأسد، بإقامة علاقات مع نازيين هاربين وكذلك مع جهاز أمن الدولة (شتازي) في ألمانيا الشرقية، وقد أثرت تجاربهم في أجهزة المخابرات السورية.
وبحسب الباحثة الألمانية من جامعة إفورت نورا شالاتي، التي أجرت أبحاثًا حول العلاقة بين جهاز أمن الدولة (شتازي) في جمهورية ألمانيا الشرقية والمخابرات السورية، فإن: "الكثيرين من قوات الحماية الخاصة أو الجيش النازي (فيرماخت) قد تم توظيفهم مباشرة لدى هيئة الأركان العامة السورية بعقود مدتها عام واحد وكانوا يخدمون كمستشارين في الجيش والاستخبارات العسكرية".
وبحسب الباحثة ذاتها، فإنّ هيئة الأركان العامة السورية كانت مهتمة بأولئك الضباط بشكل خاص: "لأنَّهم لم تعد لديهم تبعية لدولة، وأصلهم من بلد يفترض أنَّه لا يوجد لديه تاريخ استعماري - وطبعًا لأنَّ لديهم خبرات حربية نشطة، كانت تشمل أيضًا أساليب الإبادة الجماعية. لقد كانوا يقدِّرونهم بسبب خبراتهم العملية".
وتكشف المعلومات أنّ النقيب النازي ألويز برونو أجرى دورات تدريبية لضباط المخابرات السورية، وكان من الذين شاركوا في دوراته التدريبية: "رؤساء المخابرات السورية سيئي السمعة، مثل الجنرال علي حيدر، الذي عمل 26 عامًا رئيسًا للقوات الخاصة السورية؛ وكذلك علي دوبا، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، بالإضافة إلى مصطفى طلاس، وزير دفاع نظام الأسد والمسؤول عن سحق انتفاضة حماة عام 1982، والتي راح ضحيتها ما يصل إلى 30 ألف قتيل".
أدوات تعذيب ألمانية نازية في السجون السورية
لوقتٍ قريب، كان الكرسي الألماني أحد أدوات التعذيب المستخدمة لدى نظام الأسد، وفي هذا الكرسي: "يتم كسر عمود الضحايا الفقري من خلال تمديد الظهر وتقويسه إلى الخلف بشكل مفرط".
وأظهرت الصور القادمة من صيدنايا وجود أحد أبشع الأجهزة، وهو "مكبس الأجساد"، حيث يستخدم هذا الجهاز لكبس الجثث وسحقها حتى يتقلص وزنها ويسهل إخفاء وطمس الأدلة الدالة عليها، كما أظهرت الصور وجود غرف لتقطيع وإذابة جثث المعتقلين.
وتشير تقديرات إلى أن عدد الضحايا وصل إلى 620 ألفًا، وهو رقم كبير بالنسبة لبلد بلغ عدد سكانه قبل الحرب 22 مليون نسمة.
ووفقًا للشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن نظام بشار الأسد "متهمٌ بقتل ما لا يقل عن 202 ألف مدني سوري، بينهم 15 ألفًا قتلوا تحت التعذيب، وإخفاء 96 ألفًا آخرين، وتشريد قسري لقرابة 13 مليون مواطن سوري، إضافة إلى انتهاكات فظيعة أخرى، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية".
وعلى هذا الأساس، دعت الشبكة "روسيا إلى تسليم بشار الأسد لمحاكمته في سوريا بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بحق الشعب السوري". كما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه "لا راحة قبل محاسبة بشار وماهر الأسد ورموز النظام على الإجرام وقتل السوريين"، معتبرًا أن "المحاكمة هي طريق المصالحة".
بحلول شهر آذار/مارس، وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان أسماء 507,567 شخصًا لقوا حتفهم في سوريا منذ عام 2011. وقالت المنظمة المستقلة، التي يديرها سوريون وتتخذ من بريطانيا مقرًا لها وتجمع المعلومات من مصادر متعددة، إنها تحققت من 110,343 حالة وفاة أخرى لأشخاص لم يتم ذكر أسمائهم، مما يرفع إجمالي عدد المدنيين والمقاتلين الذين قُتلوا طوال الحرب إلى 617,910.