الجنائية الدولية تستعد لإصدار مذكرات اعتقال بحق مرتكبي الجرائم في دارفور
28 يناير 2025
يستعد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، لطلب إصدار مذكرات توقيف للمتهمين بارتكاب جرائم في شمال دارفور في السودان، وذلك خلال الإحاطة التي قدمها لمجلس الأمن الدولي، الإثنين 27 يناير/كانون الثاني 2025، والتي تأتي بعيد أيام من سقوط عشرات القتلى جراء استهداف قوات الدعم السريع بطائرة مسيرة للمستشفى السعودي في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان.
وكان حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، قد أعلن الإثنين أن أكثر من 70 قتيلًا سقطوا عقب استهداف قوات الدعم السريع للمستشفى السعودي في الفاشر، لافتًا إلى أن مسيرة للدعم السريع استهدفت "قسم الحوادث" في المستشفى، وأن الهجوم "أباد جميع المرضي الذين كانوا بداخله"، بحسب تقرير للتلفزيون العربي.
وفي إحاطته التي يقدمها كل ستة أشهر أمام مجلس الأمن الدولي، قال خان إنه: "من الواضح بالنسبة إلى مكتبي (…) أنه بينما نتحدث، يتم ارتكاب جرائم دولية في دارفور"، وتابع مؤكدًا "هذا ليس تقييمًا مبنيًا على معلومات غير مؤكدة. إنه تحليل مفصل أجراه مكتبي، بناءً على أدلة ومعلومات تم جمعها والتحقق منها"، وفقًا لما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية.
أكد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن مكتبه يتخذ الإجراءات اللازمة لتقديم طلبات لإصدار مذكرات توقيف في ما يتعلق بالجرائم، التي نعتقد أنها تُرتكب وارتُكبت في غرب دارفور
ومضى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بالقول موضحًا: "يمكنني أن أؤكد اليوم أن مكتبي يتخذ الإجراءات اللازمة لتقديم طلبات لإصدار مذكرات توقيف في ما يتعلق بالجرائم، التي نعتقد أنها تُرتكب وارتُكبت في غرب دارفور". ولفت خان إلى أنه منذ تقريره الأخير دخلت السودان في "المعاناة والبؤس" بشكل كبير، معيدًا التذكير بالمجاعة التي تهدد آلاف الأطفال، فضلًا عن حالات العنف الجنسي التي تستهدف النساء والفتيات بشكل ممنهج.
وربط خان الانتهاكات التي يواجهها المدنيون في درافور بالقضية التي أثارها مجلس الأمن الدولي قبل 20 عامًا، معتبرًا أن "النماذج الإجرامية" ذاتها تعيد استهداف "المجموعات ذاتها"، وشدد خان في إحاطته على أن “جيلًا جديدًا يعاني الجحيم نفسه الذي عانت منه أجيال في دارفور"، معربًا عن أسفه لهذا الارتباط "المأساوي والذي يمكن تجنّبه بين الماضي والحاضر".
ونوه خان في إحاطته إلى أنه "بعد 20 عامًا، وفي غياب تنفيذ أوامر الاعتقال الصادرة عن القاضي، نرى خطر زعزعة استقرار دارفور، ومزيدًا من المعاناة بالنسبة إلى السكان". وتابع مضيفًا أن مكتبه يعتقد أنه يعرف مكان وجود الوزير السابق، أحمد هارون، المطلوب منذ العام 2007 بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، موضحًا أنه أبلغ السودان بهذا الشأن.
وكان مجلس الأمن الدولي قد أحال في العام 2005 القضية المتعلقة بالحرب الأهلية التي أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن 300 ألف قتيل. ومع ذلك، لم يتم إلقاء القبض على العديد من الأشخاص الصادرة بحقهم مذكرات اعتقال من قبل المحكمة الجنائية الدولية، كما لم يتم تسليمهم إلى المحكمة، بحسب ما أفادت الوكالة الفرنسية.
من جانبه، قال مندوب السودان في الأمم المتحدة، الحارث إدريس، إن الحكومة السودانية لم تستجب لطلبات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بتسليم المطلوبين "لأن المعلومات والأدلة المطلوبة دمرتها مليشيا الدعم السريع، وشمل ذلك وثائق وزارتي الدفاع والداخلية ولجنة الأمن"، لافتًا إلى أن "قوات الدعم السريع جلبت مرتزقة لقتال الجيش السوداني من 13 دولة"، وفقًا لما نقل موقع الترا سودان.
مقتل 20 شخصًا وإصابة 21 آخرين إثر هجمات نفذتها قوات "الدعم السريع" في مناطق مختلفة بالسودان.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 21, 2025
اقرأ أكثر: https://t.co/sa1mMIv0Hy pic.twitter.com/ur6oGmmN3O
وأضاف إدريس أن 95 بالمئة من الجرائم ارتكبتها الدعم السريع، فضلًا عن تجنيدها 26 ألف طفل قسرًا، وأوضح مندوب السودان أن حجم الخسائر والقتلى في الجنينة بلغ نحو خمسة آلاف شخص، بالإضافة إلى إصابة ثمانية آلاف آخرين، إلى جانب المحتجزين تعسفيًا. ووفقًا لإدريس، فإن الدعم السريع نهبت 26 بنكًا، وأطلقت سراح 19 ألف سجين من السجون العامة، من بين 31 ألف سجين، موضحًا أنه جرى تقييد 38 ألف دعوى جنائية واعتقال 1329 متهمًا، وإحالة 1200 دعوى جنائية تم الفصل في 400 منها ضد مدانين على صلة بالدعم السريع.
في غضون ذلك، أدان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في بيان خطي استهداف المستشفى السعودي في الفاشر، لافتًا إلى أن "الهجوم المروع استهدف المستشفى الوحيد العامل في دارفور". وأكد المسؤول الأممي على "وجوب احترام القانون الإنساني الدولي"، محذرًا في الوقت نفسه من أن الهجمات على المرافق الصحية "قد تشكل جرائم حرب"، داعيًا جميع الأطراف إلى إنهاء الصراع، واتخاذ خطوات لتحقيق السلام الدائم في السودان.
وكانت مديرة منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، كاثرين راسل، قد قالت في منشور على منصة "إكس"، الأحد الماضي، إن "ما لا يقل عن 65 شخصًا، بينهم أطفال، قتلوا أو أصيبوا في هجوم على المستشفى السعودي في الفاشر"، مؤكدةً أن الهجوم يشكل "انتهاكًا جسيمًا، يعرض حياة الأطفال للخطر، ويعيق وصولهم إلى الرعاية الصحية"، وأضافت المسؤولة الأممية أنه "تم توثيق أكثر من 90 هجومًا على المستشفيات والمدارس في السودان خلال عام 2024".