الخطة المصرية لمستقبل غزة: رؤية غامضة وسط تعقيدات الواقع
4 يمشي 2025
حصل "التلفزيون العربي" على مسودة البيان الختامي للقمة العربية التي تضمنت ترحيبًا بعقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة في القاهرة خلال الشهر الجاري، إلى جانب اعتماد الخطة المصرية كمقترح أساسي لمستقبل القطاع.
كما كشفت مصادر دبلوماسية لـ"التلفزيون العربي" أن البيان الختامي الذي جرى التوافق عليه يؤكد التمسك بالمبادئ العامة تجاه غزة والقضية الفلسطينية، حيث شدد على رفض تهجير الفلسطينيين باعتباره خطًا أحمر لا يمكن المساس به، إلى جانب رفض مخططات ضم الضفة الغربية التي تمثل تهديدًا مباشرًا لحقوق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة. كما أكد البيان على ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع دون قيود، لضمان تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان المتضررين من الحرب، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية داخل غزة.
القمة الطارئة
عقدت في العاصمة المصرية القاهرة، اليوم الثلاثاء، القمة العربية الطارئة لمناقشة تطورات القضية الفلسطينية والتحديات المرتبطة بمرحلة ما بعد الحرب في غزة، في ظل المقترح الأميركي الذي طرحه الرئيس دونالد ترامب، والداعي إلى تهجير سكان القطاع وتحويله إلى منطقة سياحية تحت إشراف أميركي.
وقد أثار هذا المقترح غضبًا واسعًا بين الفلسطينيين والدول العربية، حيث اعتُبر انحرافًا عن السياسة الأميركية التقليدية التي تدعم حل الدولتين.
تظل مسألة حكم غزة بعد الحرب من أكثر القضايا تعقيدًا في المفاوضات الجارية
الخطة المصرية: محاولة لإعادة ترتيب المشهد
في هذا السياق، تقدمت مصر بمقترح بديل سيتم عرضه خلال القمة، ويهدف إلى إقصاء حركة حماس من الحكم في غزة واستبدالها بهيئات مؤقتة تخضع لإشراف دول عربية، إسلامية، وغربية. ووفقًا لمسودة حصلت عليها وكالة "رويترز"، فإن الخطة المصرية لا توضح ما إذا كان من المقرر تنفيذها قبل أو بعد التوصل إلى اتفاق دائم لإنهاء الحرب، ما يجعلها رؤية غير مكتملة بعد، خاصة مع التحديات المرتبطة بإعادة الإعمار وترتيب الأوضاع السياسية والأمنية في غزة.
إدارة غزة بعد الحرب: أسئلة بلا إجابات واضحة
تظل مسألة حكم غزة بعد الحرب من أكثر القضايا تعقيدًا في المفاوضات الجارية، حيث ترفض حركة حماس أي خطة تُفرض من الخارج، ما يجعل تنفيذ هذه المبادرة المصرية رهينًا بقبول داخلي فلسطيني وتوافق إقليمي ودولي.
📌 أثار قرار الحكومة الإسرائيلية بمنع دخول المساعدات إلى #غزة استنكارًا واسعًا من قبل المنظمات الحقوقية والإنسانية، التي وصفته بأنه "عقاب جماعي محظور بموجب القانون الدولي".
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) March 3, 2025
📌 في هذا السياق علّقت مديرة منظمة "بلان إنترناشيونال" بالمملكة المتحدة، كاثلين سبنسر تشابمان، على تداعيات… pic.twitter.com/f1imvbpSsE
إلى جانب ذلك، فإن أحد أكثر الأمور تعقيدًا يتمثل في كيفية التعامل مع حماس في حال رفضت التخلي عن السلطة أو تسليم أسلحتها، لا سيما مع استمرارها كقوة رئيسية لها نفوذها السياسي والعسكري والأمني في القطاع، بحسب "رويترز".
تمويل إعادة الإعمار: عقبة رئيسية أمام التنفيذ
أحد البنود الرئيسية في الخطة المصرية، وفقًا لما نقلته "رويترز"، هو غياب التمويل الإقليمي والدولي لإعادة إعمار غزة طالما بقيت حماس القوة المسيطرة، ما يضع تحديًا كبيرًا أمام إعادة تأهيل القطاع المدمر. كما أن غموض الخطة بشأن كيفية إدارة غزة عمليًا، خاصة في ظل عدم وجود آلية واضحة لنقل السلطة وإدارة الأمن، يثير تساؤلات حول مدى فاعلية هذا المقترح وقدرته على الصمود أمام الحقائق السياسية والميدانية.
إذ أن الخطة لا تقدم تفاصيل حول الجهة التي ستتولى إدارة مهمة الحوكمة، لكنها أشارت إلى أنها ستعتمد على خبرات الفلسطينيين داخل غزة وخارجها للمساهمة في إعادة إعمار القطاع والتعافي في أسرع وقت ممكن.
يشار إلى أن الخطة المصرية تعد من المقترحات العربية، حيث تعمل مصر والأردن ودول الخليج العربي منذ نحو شهر على "صياغة خطة دبلوماسية لمواجهة خطة دونالد ترامب".
خلافات عربية
في الوقت ذاته، لا تزال هناك خلافات عربية بشأن مستقبل غزة ظهرت بوضوح في موقف بعض القادة العرب، حيث أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عدم مشاركته في القمة، مبررًا ذلك بتفرد بعض الدول باتخاذ القرارات دون إشراك الجميع. ووفقًا لما نقلته وكالة "الأنباء الجزائرية"، فإن تبون انتقد الطريقة التي يتم بها التحضير لمخرجات القمة، معتبرًا أن دعم القضية الفلسطينية لا يجب أن يكون حكرًا على بعض الدول دون غيرها. وقد كلف وزير الخارجية أحمد عطاف بتمثيل الجزائر في القمة.
📌 نتنياهو يعلن رفضه القاطع لوقف دائم لإطلاق النار في #غزة، في تطور خطير يعكس نوايا إسرائيل مواصلة التصعيد العسكري في القطاع.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) March 3, 2025
📌 حيث كشفت تقارير إعلامية عبرية عن خطة جديدة تستهدف تكثيف الضغوط على حركة حماس عبر إجراءات غير مسبوقة للقبول بتمديد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار،… pic.twitter.com/KVJ6vKPLBu
كما أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد عدم مشاركته في القمة، وكلف وزير الخارجية محمد علي النفطي برئاسة الوفد التونسي، مما يعكس وجود تباينات في المواقف العربية بشأن المبادرات المطروحة لمستقبل غزة.
جهود عربية لتوحيد الموقف
من جهة أخرى، أشار تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" إلى أن الزعماء العرب أمضوا الأسابيع الماضية في محاولة لتطوير رؤية موحدة لمرحلة ما بعد الحرب، إلا أن الاجتماع المغلق الذي ضم مسؤولين من مصر والأردن وقطر والسعودية والإمارات في الرياض الشهر الماضي، فشل في التوصل إلى موقف موحد. وهذا يعكس مدى تعقيد المشهد السياسي في المنطقة، ويكشف عن تباين في وجهات النظر بخصوص مستقبل غزة.
ما الذي يحمله المستقبل لغزة؟
وسط هذه التحديات، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن للخطة المصرية أن تشكل خريطة طريق قابلة للتنفيذ، أم أنها ستظل مجرد مقترح نظري لم يُختبر على أرض الواقع؟ وبينما تسعى بعض الدول العربية والغربية إلى دعم المقترح، فإن نجاح أي خطة مرهون بتوافق فلسطيني داخلي وتنسيق إقليمي ودولي دقيق، وهو ما يبدو بعيد المنال حتى اللحظة.