"الدراعة" ممنوعة مدارس موريتانيا!
18 ديسمبر 2015
أعلنت السلطات الموريتانية، من خلال تعميم وزعته وزارة التهذيب الوطني (التربية) في موريتانيا، في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، قرارًا بحظر ارتداء الملابس التقليدية الرجالية المسماة "الدراعة" في مؤسسات التعليم، وأكدت ذلك في مذكرة أصدرتها وبعثت بها إلى محافظات ومدن الداخل الموريتاني تقضي بمنع ارتداء "الدراعة" بشكل عام في تلك المؤسسات.
رأت وزارة التهذيب (التربية) الموريتانية أن ارتداء "الدراعة" "لا يتوافق وطبيعة النشاط العملي والدراسي"
ورغم ما خلفه هذا القرار من جدل، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب تمسك الموريتانيين الشديد بزيهم التقليدي، فإن الوزارة بدت أكثر إصرارًا في قرارها الذي رآه كثيرون "غير مسبوق وبعيد عن الشعارات المعهودة حول قيمة كون المعلم أو الأستاذ قدوة من حيث ارتداء الدراعة أمام الطلبة ليحتذوا به في تمسكهم بالزي". وحسب وزارة التهذيب الموريتانية فإن هذا النهج الجديد الذي اتخذته "يهدف إلى إضفاء صبغة علمية على عمل الموظفين بمجال التعليم بشكل أكثر مدنية وأقرب إلى السيطرة على القيام بمناحي العمل"، بدلًا من ارتداء "الدراعة" التي رأت أنها "لا توافق طبيعة النشاط العملي والدراسي".
ويشمل القرار الذي أصدرته وزارة التهذيب كلا من مؤسسات التعليم ذات الصبغة الابتدائية والإعدادية بالإضافة إلى الثانوية، بينما لم يفرض هذا التعميم على المعاهد والجامعات ومؤسسات التعليم الديني، إلا أن التعميم تجاوز المعلمين والأساتذة ليشمل قرار الحظر المديرين والمساعدين والمراقبين وعمال المؤسسات بالإضافة إلى الطلبة.
ويكثر الجدل في الساحة التعليمية الموريتانية حول السبب في اعتبار "الدراعة" زيًا تقليديًا واعتبار غيرها من الملابس وخاصة تركيبة القميص والبنطال "زيًا رسميًا". يقول الخبير القانوني الموريتاني أحمد ولد عبد الله، في مقال نشره بعد إثارة الجدل "إن تسمية الأزياء العصرية الغربية في الأصل بـ"الزي الرسمي" لا يحمل معنى قانونيًا بالنسبة لما عليه الأمر في موريتانيا، كما أن تسمية الدراعة بـ"الزي التقليدي" لا يحمل أيضًا دلالة قانونية"، مؤكدًا أن "هذه التسمية تخالف مقتضيات قانونية تنص على أنها زي رسمي لبعض كبار موظفي الدولة في مناسبات كبيرة، تحاط بمراسيم بروتوكولية دقيقة".
يضيف ولد عبد الله أن "بعض الأسلاك العسكرية والمدنية تم تحديد زي خاص بها في السابق، يختلف عن أي زي آخر متداول"، مشيرًا إلى "أنه خارج تلك الحالات لا علم له بنص قانوني من أي مستوى يحدد زيًا رسميًا للموظفين العموميين في قطاعات الدولة الأخرى، كما لا علم له بنص قانوني يحدد زيًا بعينه على أنه زي رسمي عام في موريتانيا، حتى يجوز تسمية غيره بـ"الزي التقليدي".
ورغم أن التعميم الذي صدر في شكل قرار إداري من السلطة المختصة يلزم الموظفين الخاضعين لتلك السلطة، يبقى هناك لغط متزايد حول تحديد قوانين بعينها تحدد الزي الرسمي لبعض الأسلاك، وسكوت القانون العام للوظيفة العمومية عن ذلك بالنسبة لبقية الأسلاك الوظيفية.
أشار بعض الموريتانيين في سخرية إلى إمكانية وجود خلفية تجارية لقرار منع الدراعة بالمؤسسات التعليمية
الجدل الدائر على الإنترنت وفي مجالس المعلمين والمثقفين حول منع "الدراعة"، أرجعه الكثيرون إلى أن "المستويات المتدنية للطلبة والتلاميذ جاءت بسبب تراخي الطاقم التربوي في وظيفته الأساسية وهي التعليم والتنشئة"، إلا أن البعض الآخر استغرب العلاقة بين تدني المستويات و"الدراعة".
الكاتب الصحفي الموريتاني محمد محمود أبو المعالي تساءل في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" عن علاقة المستويات المتدنية بـ"دراعة" الأستاذ والمعلم؟، مشيرًا بسخرية إلى إمكانية وجود خلفية تجارية للتعميم الوزاري: "قرار حظر ارتداء "الدراعة" على المعلمين والأساتذة أثناء الدوام.. قرار تجاري أكثر من كونه تربويًا، لعل أحد تجار الملابس المستعملة له يد في القرار".
"الدراعة" أو "الفضفاضة" كما يصفها البعض بسبب اتساعها، هي اللباس الشعبي للرجال في قوميتي العرب والزنوج بموريتانيا، ولعل اسمها العربي الموجود في المعاجم يردها إلى أنها كانت تستخدم في العصور العربية القديمة وهو ما يربطها أكثر بالبداوة وحياة الصحراء، إلا أنها، حسب كثيرين، تبدو أقل ملاءمة لحياة المدينة هذه الأيام وخصوصًا داخل المكاتب والفصول الدراسية، ويتطلبه من مرونة وسرعة تحرك.
وترتبط الدراعة عند الموريتانيين بالأريحية والنبل حيث تستخدم بشكل لافت في المناسبات الاجتماعية والاجتماعات الأهلية، وسط تراجع الأجيال الجديدة عن ارتدائها مع دخول المدنية وغزو عوالم الاتصال بيوتهم والتي تنقل لهم آخر موضات وأزياء الغرب المستحدثة.
اقرأ/ي أيضًا: