الشتاء يضاعف معاناة النازحين في غزة.. خيام متهالكة وبرد لا يرحم
21 فبراير 2025
يعاني سكان غزة للعام الثاني على التوالي من أوضاع إنسانية مأساوية، تتفاقم مع قدوم فصل الشتاء، بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، حيثُ أدى المنخفض الجوي الذي ضرب القطاع، أمس الخميس واليوم الجمعة، إلى تضرر مئات الخيام التي تؤوي النازحين، نتيجة غرقها وتسرب المياه إليها، فضلًا عن تلف الثياب والأغطية والفرش، في الوقت الذي يواصل فيه جيش الاحتلال منع دخول المنازل البلاستيكية والخيام إلى القطاع.
"نكسة حقيقية"
يوضح المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة، محمود بصل، في حديثه لوكالة "الأناضول"، أن "مناشدات من مواطنين وصلت جراء تساقط الأمطار أو البرودة الشديدة، تطالب بتوفير بدائل من الأغطية والملابس، لكن الظروف صعبة جدًا"، مشددًا على أن "العيش في الخيام في ظل الانخفاض الشديد في درجات الحرارة، وسط ظروف إنسانية قاسية، هو أمر لا ينسجم مع طبيعة الإنسان".
ويشير بصل في حديثه إلى أن "الفلسطينيين الذين لم تُدمر منازلهم خلال حرب الإبادة يعانون من البرد القارس داخل المنازل"، قبل أن يضيف متسائلًا: "فما بالكم بسكان الخيام!"، واصفًا خسارة النازحين لأمتعتهم وأغطيتهم بأنها "نكسة حقيقية".
أدى المنخفض الجوي الذي ضرب القطاع، أمس الخميس واليوم الجمعة، إلى تضرر مئات الخيام التي تؤوي النازحين، نتيجة غرقها أو تسرب المياه إليها، فضلًا عن تلف الثياب والأغطية والفرش
وختم بصل حديثه لـ"الأناضول" بالقول: "اليوم، في ظل هذه الظروف، أصبح أكبر همٍّ للمواطن الفلسطيني في غزة توفير الحد الأدنى من الملابس والأفرشة، التي يندر توفرها في الأسواق"، مؤكدًا أن "غرقها وتلفها في حال اختلاطها بالطين يشكل نكسة كبيرة لهم".
وبحسب مراسل "التلفزيون العربي" في دير البلح، عبد الله مقداد، فإن بضع ساعات من هطول الأمطار كانت "كفيلة بتضرر الخيام التي غمرتها المياه، وهو ما يعني استمرارًا لمعاناة النازحين". بينما وصف أحد النازحين الذين تضررت خيامهم أوضاعهم في ظل الأحوال الجوية السيئة بأنها "صعبة ومأساوية جدًا"، لافتًا إلى وجود نقص في الشوادر التي تُستخدم لمنع تسرب المياه إلى داخل الخيام.
280 ألف وحدة سكنية غير صالحة للسكن
وكان تقرير للبنك الدولي، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، قد خلص إلى أن تقديرات الأضرار المادية في غزة بلغت 29.9 مليار دولار، بينما وصلت الخسائر الاقتصادية والاجتماعية إلى 19.1 مليار دولار، ما يجعل إجمالي الأثر الاقتصادي للعدوان 49 مليار دولار، فيما تُقدر إجمالي احتياجات التعافي وإعادة الإعمار بنحو 53.2 مليار دولار، لافتًا إلى أن الاحتياجات خلال السنوات الثلاث الأولى تبلغ نحو 20 مليار دولار. وكان قطاع الإسكان الأكثر تضررًا، حيث سجل خسائر بقيمة 15.2 مليار دولار.
ووفقًا لتقديرات وزارة الأشغال العامة والإسكان، فإن عدد الوحدات السكنية المدمرة كليًا أو جزئيًا بلغ 280 ألف وحدة سكنية، مشيرةً إلى أن عدد الوحدات السكنية المدمرة كليًا بلغ 170 ألف وحدة، مقابل 80 ألف وحدة غير صالحة للسكن.
دخول 12 منزلًا متنقلًا
وفي هذا السياق، قال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، سلامة معروف: "دخل صباح اليوم (الجمعة) عدد محدود من البيوت المتنقلة (12 كرفانًا)"، مضيفًا أن القطاع بحاجة إلى ما لا يقل عن 60 ألف بيت متنقل، و200 ألف خيمة، لتوفير مأوى مؤقت لمئات الآلاف من الأسر التي فقدت منازلها جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع، بحسب ما أفاد موقع "الترا فلسطين".
دخول 5 شاحنات تحمل بيوت متنقلة من مصر إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم. pic.twitter.com/PCEzMhMlTr
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) February 21, 2025
وأوضح معروف في تصريح صحفي أن "ما وصل للإيواء حتى اللحظة هو أقل من نصف احتياجنا من الخيام، دون وصول أي بيوت متنقلة، ما يجعلها نقطة في بحر الاحتياج"، مشددًا على أن "سلوك الاحتلال لا يزال يتسم بالمماطلة والتلكؤ، ويسعى للتنصل من تعهداته في الشق الإنساني من الاتفاق، غير مكترث بالكارثة الإنسانية التي خلفتها حرب الإبادة على شعبنا في قطاع غزة".
من جانبه، نقل موقع "الترا فلسطين" عن مصادر محلية أنه تم إدخال خمس شاحنات تحمل عشرة بيوت متنقلة من مصر، عبر معبر كرم أبو سالم إلى قطاع غزة صباح اليوم الجمعة، مضيفًا أن جيش الاحتلال لا يزال يمنع، منذ الليلة الماضية، دخول شاحنات المساعدات والبضائع عبر معبر كرم أبو سالم تمهيدًا لدخولها إلى قطاع غزة.
وكان رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، قد منع قبل أيام دخول المنازل المتنقلة ومعدات البناء الثقيلة، التي كان من المفترض أن تدخل إلى القطاع لإيواء النازحين، كجزء من المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، حيثُ لا تزال المساعدات عالقة على الحدود المصرية مع غزة.