1. قول

الصين وأوروبا: تقارب اضطراري في ظل فوضى ترامب

27 يمشي 2025
محمد يحي حسنيمحمد يحي حسني

تسعى الصين إلى استغلال التحولات التي طرأت على التحالفات عبر الأطلسي، إذ أثارت عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض اضطرابًا في الثقة بالتحالفات التقليدية. ففي ولايته الأولى، اقتصر الأمر على إبداء الامتعاض والدعوة إلى إعادة التوازن في العلاقات الأميركية الأوروبية، إلا أن الوضع تطور مع بداية ولايته الثانية ليشمل اتخاذ إجراءات صارمة ضدّ الحلفاء، كان آخرها فرض رسوم جمركية مرتفعة على جميع الواردات الأجنبية من السيارات والناقلات الكبيرة إلى الولايات المتحدة.

ويبدو أن العقوبات التي يفرضها ترامب على الجميع، حلفاءً وأعداءً، تدفع نحو تحقيق ما لم تستطع المصالح الاقتصادية وحدها تحقيقه، وهو بناء تحالف استراتيجي بين بكين وأوروبا، رغم المخاوف الأمنية.

وزير الخارجية الفرنسي في بكين

أكدت عدة تقارير إعلامية أن وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، التقى اليوم الخميس في بكين نظيره الصيني وانغ يي، حيث أجريا، وفقًا لوكالة "رويترز"، مناقشات من المتوقع أن تستمر ليومين، وذلك تمهيدًا للحوار الاستراتيجي والاقتصادي رفيع المستوى بين البلدين خلال هذا العام.

قد يبدو اللقاء في الظاهر مجرد حدث دبلوماسي عادي، لكن بالنظر إلى أن باريس تتصدر المقاومة الأوروبية لسياسات ترامب العدائية تجاه أوروبا، وتدعو إلى الرد عليها بالمثل مع تعزيز الدفاع الأوروبي المشترك والاعتماد على الذات، فإن زيارة بارو إلى بكين في هذا التوقيت تحمل دلالات سياسية أعمق.

لدى الصين استراتيجية مضادة، إذ تستغل توتر العلاقات بين واشنطن وبروكسل للتقرّب من الأوروبيين، وتوسيع الفجوة مع أميركا، عبر عروض تعاون اقتصادي وتكنولوجي مغرية

التقارب الصيني الأوروبي في ظل التحولات الأطلسية

تُدرك الصين هذه الاعتبارات جيدًا، لذلك أكد وزير خارجيتها، وانغ يي، خلال لقائه نظيره البرتغالي في بكين الثلاثاء الماضي، دعم بلاده لأوروبا في "الحفاظ على استقلالها الاستراتيجي"، مشيرًا إلى استعداد الصين للعمل مع البرتغال لتعزيز العلاقات الصينية الأوروبية.

ويتضح المشهد أكثر عند النظر إلى افتتاحية صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية، المقربة من الحكومة، يوم الخميس، حيث تحدثت عن أمل الصين في أن تتخذ أوروبا "خيارًا عقلانيًا" في ظل التحولات التي تشهدها التحالفات عبر الأطلسي. في إشارة إلى سياسة الحرب التجارية التي يشنها ترامب، وتذمره المستمر من مساهمة الدول الأوروبية في حلف شمال الأطلسي، وتهديده برفع مظلة الحماية الأميركية عن القارة العجوز.

وجاءت افتتاحية الصحيفة الصينية صريحة، إذ شددت على أن "على الاتحاد الأوروبي حماية مصالحه، واتخاذ خيار عقلاني بالتوجه أكثر نحو الصين، في ظل حالة عدم اليقين التي سببتها الإدارة الأميركية الجديدة"، مضيفةً أن "أوروبا بحاجة إلى نهج عملي ومتوازن في تطوير علاقاتها مع الصين".

تمتلك الصين أيضًا استراتيجيتها الخاصة في هذا السياق، إذ تستغل توتر العلاقات الأميركية الأوروبية للرد على محاولات ترامب إبعاد روسيا عنها، عبر التقرب من الأوروبيين وتعميق الفجوة بين بروكسل وواشنطن. ومن غير المستبعد أن تقدم بكين للأوروبيين العديد من الإغراءات في مجالات التعاون الاقتصادي والتكنولوجي.

العلاقات التجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي تحت الضغط

ووفقًا لـ"رويترز"، يصل المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي ماروس سيفكوفيتش إلى الصين هذا الأسبوع، بعد زيارته للولايات المتحدة يوم الثلاثاء الماضي، في محاولة لتهدئة التوترات التجارية بين الجانبين، وسط تهديدات متبادلة بفرض رسوم جمركية على سلع بمليارات الدولارات.

وجاء هذا بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية جديدة على السيارات المستوردة، في خطوة تهدد شركات صناعة السيارات الأوروبية، لا سيما الألمانية، التي تصدر نحو 25 % من إنتاجها إلى الولايات المتحدة.

وفي تعليقها على القرار، وصفت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الإجراء الأميركي بأنه "سيئ للشركات، وأسوأ للمستهلكين"، مؤكدة أن الاتحاد الأوروبي "سيواصل السعي لحلول تفاوضية، مع الحفاظ على مصالحه الاقتصادية".

من جانبها، تؤكد صحيفة "غلوبال تايمز"، المقربة من بيكين،  أن أهمية الصين تزداد في ظل حالة عدم اليقين الحالية، نظرًا لاستقرارها وموثوقيتها.

فرص التقارب بين الصين وأوروبا: ما الذي يمكن لبكين تقديمه؟

تعتقد رويترز أن المفوّض التجاري للاتحاد الأوروبي سيثير مع المسؤولين الصينيين قضايا اختلال التوازن التجاري، والتحديات التي تواجهها الشركات الأوروبية العاملة في الصين، بما في ذلك عدم تكافؤ فرص الوصول إلى الأسواق، وقيود نقل البيانات عبر الحدود، وهي نقاط طالما طالب بها رئيس غرفة التجارة التابعة للاتحاد الأوروبي في الصين ينس إسكلوند.

في المقابل، سيؤكد الجانب الأوروبي خلال المباحثات على "الأهمية المتزايدة لتعزيز العلاقات مع الصين"، خاصةً أن السوق الأوروبية الموحدة تعدّ وجهة رئيسية للصادرات الصينية.

بهذا السياق، تبدو الصين وأوروبا أمام فرصة للتقارب، لكن من السابق لأوانه الحديث عن تحالف استراتيجي، حتى في المجالين الاقتصادي والتجاري. ومع ذلك، فإن ما يبدو واضحًا في هذا المشهد الدولي هو أن ترامب يعيد خلط الأوراق ويقلب موازين التحالفات، دون أن تتضح بعد معالم الفائزين والخاسرين. فالوعود التي يطلقها ترامب للأميركيين بنمو اقتصادي هائل من خلال الرسوم الجمركية وسياسات توطين الصناعات، قد تتحول إلى أزمة اقتصادية حادة وتضخم متزايد، بدأت مؤشراته في الظهور.

كلمات مفتاحية

بين مرايا الدم وأقلام الحياد.. خيانة المثقف العربي لقضاياه

لم تعد غزة مجرد جغرافيا محاصرة، بل غدت اختبارًا أخلاقيًا للإنسانية، ومرآة تعكس نفاق المجتمع الدولي وعجزه عن وقف المجازر المرتكبة على مرأى ومسمع من العالم.

رغم الخسائر والضغوط.. لماذا تتجنب مصر استهداف اليمن عسكريًا؟

تمثل العلاقات المصرية اليمنية حالة استثنائية شديدة التمايز والخصوصية، إذ يربط البلدين قائمة مطولة من القواسم المشتركة، المتنوعة بين الثقافي والسياسي والجغرافي

بعد نصف قرن... هل غادر لبنان "بوسطة الموت"؟

عشية الذكرى الخمسين لاندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، كان متحف "نابو"، في شمال لبنان، يجهّز مساحة في حديقته تتعدّى الزمان والمكان، خصّصها لحفظ بوسطة عين الرمانة، أو "بوسطة الموت"، كي "تكون الحرب عبرة وتحفيزًا لكتابة تاريخ حرب لبنان"

TEST TEST TEST

test test final

image

test 3

سياق متصل

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة