الضغوطات السياسية تتصاعد.. إدارة ترامب تلغي تمويل جامعة كولومبيا
8 يمشي 2025
أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن إلغاء منح وعقود بقيمة 400 مليون دولار لجامعة كولومبيا، بسبب ما وصفته بـ"مضايقات معادية للسامية" وقعت داخل الحرم الجامعي وفي محيطه بمدينة نيويورك.
جاء الإعلان في بيان مشترك صادر عن وزارات العدل والتعليم والصحة والخدمات الإنسانية، بالإضافة إلى إدارة الخدمات العامة.
وقالت وزيرة التعليم، ليندا مكماهون، في بيان أمس الجمعة: "يجب على الجامعات الامتثال لجميع القوانين الفيدرالية المناهضة للتمييز إذا كانت ترغب في الحصول على التمويل الفيدرالي. لقد تخلّت جامعة كولومبيا عن هذا الالتزام تجاه الطلاب اليهود الذين يدرسون في حرمها الجامعي لفترة طويلة جدًا"، وفق تعبيرها.
صفت المديرة التنفيذية لاتحاد الحريات المدنية في نيويورك، دونا ليبرمان، هذه الخطوة بأنها "محاولة غير دستورية من قبل الحكومة لإجبار الكليات والجامعات على فرض رقابة على الخطاب الطلابي والنشاط الذي لا يحظى بموافقة حركة MAGA، مثل انتقاد إسرائيل أو دعم حقوق الفلسطينيين"
القرار يثير الجدل وغياب تفاصيل واضحة
ورغم مدى تأثير القرار، امتنعت إدارة ترامب عن تقديم تفاصيل حول طبيعة المنح والعقود التي تم إلغاؤها، أو تقديم أدلة قاطعة على الادعاءات المتعلقة بـ"معاداة السامية". كما لم يتسنَّ لوسائل الإعلام التحقق من حجم التمويل الإجمالي الذي تتلقاه جامعة كولومبيا من الحكومة الفيدرالية، والذي قدرته الإدارة بحوالي 5 مليارات دولار، موجهة بشكل رئيسي لقطاعات الرعاية الصحية والأبحاث العلمية.
استهداف الأصوات الناقدة لإسرائيل.. إدارة جامعة كولومبيا تحقق مع الطلاب المؤيدين لفلسطين.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) March 6, 2025
اقرأ أكثر: https://t.co/a5iqltTRjj pic.twitter.com/u88xAaxUxx
القرار من المرجح أن يواجه طعنًا قانونيًا واسعًا، إذ ترى منظمات الحقوق المدنية أنه يفتقر إلى الإجراءات القانونية الواجبة، ويشكل عقوبة غير دستورية على حرية التعبير المحمية بموجب التعديل الأول للدستور الأميركي.
خلفية القرار: احتجاجات طلابية وانتقادات للجامعة
تأتي هذه التطورات وسط تصاعد الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل جامعة كولومبيا، حيث نظّم الطلاب مظاهرات واسعة على مدار العام الماضي، رفضًا لدعم الجامعة شركات مرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي. وتضمنت بعض الاحتجاجات احتلال مبانٍ أكاديمية لفترات وجيزة، ونصب خيام داخل الحرم الجامعي.
وفيما يزعم بعض الطلاب اليهود والإسرائيليين أن الأجواء داخل الجامعة أصبحت مقلقة وغير آمنة بسبب بعض الشعارات والمواقف، يرى منظمو الاحتجاجات أن انتقاد السياسات الإسرائيلية لا يعني معاداة السامية، مشيرين إلى أن العديد من الطلاب اليهود كانوا جزءًا من الحراك الاحتجاجي.
وزارة العدل: "رسالة واضحة بعدم التساهل"
من جهته، قال رئيس فريق مكافحة معاداة السامية في وزارة العدل الأميركية، ليو تيريل: "إلغاء هذه المنح والعقود هو أقوى إشارة حتى الآن بأن الحكومة الفيدرالية لن تكون طرفًا في دعم مؤسسة تعليمية مثل جامعة كولومبيا، طالما أنها لا توفر الحماية للطلاب اليهود وأعضاء هيئة التدريس".
لكن رغم هذا التصريح، رفض المتحدث باسم وزارة العدل، وين هورنباكل، تقديم تفاصيل حول العقود والمنح المعلقة، كما رفض تقديم أي أدلة محددة حول حوادث معاداة السامية المزعومة.
الانتقادات: قمع سياسي أم إجراءات ضرورية؟
واجه القرار انتقادات واسعة من منظمات حقوقية وأكاديمية، إذ اعتبر اتحاد الحريات المدنية في نيويورك (NYCLU) أن الإدارة الأميركية تستخدم القانون لمعاقبة الخطاب السياسي. وقالت المديرة التنفيذية للاتحاد، دونا ليبرمان: "هذه الخطوة غير دستورية وغير مسبوقة، وهي متسقة تمامًا مع رغبة ترامب في إسكات الأصوات التي لا تتفق معه وقمع الاحتجاجات".
📌 أعلنت إدارة دونالد ترامب أنها بدأت مراجعة شاملة للمنح والعقود الفيدرالية الممنوحة لـ #جامعة_كولومبيا، وذلك بسبب مزاعم تفيد بأن الجامعة لم تتخذ إجراءات كافية لمواجهة "معاداة السامية" وسط احتجاجات جامعية واسعة ضد الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع #غزة.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) March 5, 2025
📌 تأتي هذه التطورات في… pic.twitter.com/TC5bDV11Fh
وأضافت أن "العقوبات لا يمكن أن تُفرض على أساس التعبير السياسي المحمي"، مؤكدة أن ا"لمادة السادسة من قانون الحقوق المدنية (Title VI) يجب تطبيقها بطريقة متسقة مع التعديل الأول للدستور".
مواقف متباينة داخل الجامعة
تباينت ردود الفعل داخل المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة بشأن القرار. فقد رحّب المدير التنفيذي لمنظمة "Hillel" المؤيدة لإسرائيل داخل جامعة كولومبيا، براين كوهين، بهذه الخطوة، معربًا عن أمله في أن تكون بمثابة "جرس إنذار لإدارة كولومبيا وأعضاء مجلس الأمناء فيها". في المقابل، أبدت منظمة " J Stree"، التي تدعم إسرائيل لكنها تنتقد السياسات اليمينية، تحفظاتها على القرار، حيث أقرت بوجود "مشكلة معاداة السامية" في كولومبيا، لكنها حذرت من تداعيات القرار السلبية. وأوضحت مديرة الجناح الطلابي في المنظمة، إيرين باينر، أن "هذا القرار جزء من الهجوم الأوسع الذي تشنه إدارة ترامب على المؤسسات الأكاديمية، وقد يدفع الجامعات إلى اتخاذ إجراءات رقابية مفرطة تحدّ من حرية التعبير خوفًا من فقدان تمويلها".
من جانبها، وصفت المديرة التنفيذية لاتحاد الحريات المدنية في نيويورك، دونا ليبرمان، هذه الخطوة بأنها "محاولة غير دستورية من قبل الحكومة لإجبار الكليات والجامعات على فرض رقابة على الخطاب الطلابي والنشاط الذي لا يحظى بموافقة حركة MAGA، مثل انتقاد إسرائيل أو دعم حقوق الفلسطينيين".
في حين لم تتضح تفاصيل القرار بعد، فإن هذا الإعلان يأتي في وقت يعمل فيه رؤساء المشاريع البحثية في جامعة كولومبيا على وضع ميزانياتهم للعام الأكاديمي المقبل، وهم "قلقون جدًا بشأن تداعيات هذا القرار"، وفقًا لما قاله عالم المحيطات روبرت نيوتن، الباحث العلمي البارز الذي يُدرّس في الجامعة.
ويرى نيوتن، وهو يهودي، أن شكاوى الحكومة تستند إلى "افتراء كامل" حول انتشار معاداة السامية في جامعة كولومبيا وعدم اكتراثها بشكاوى بعض الطلاب اليهود بشأن تعرضهم لمضايقات.
رد فعل الجامعة ومساعيها لاستعادة التمويل
أعربت جامعة كولومبيا عن قلقها من القرار، وأكدت أن إدارتها ستتعاون مع الحكومة الفيدرالية لاستعادة التمويل. وقالت المتحدثة باسم الجامعة، سامانثا سلايتر: "ندرك خطورة هذا القرار ونلتزم بمكافحة معاداة السامية وضمان سلامة جميع أفراد مجتمعنا الأكاديمي."
ورغم هذه التصريحات، لم تؤكد الجامعة ما إذا كانت قد تلقت تفاصيل رسمية حول المنح والعقود المتأثرة.
يأتي القرار رغم أن جامعة كولومبيا شكلت "لجنة تأديبية" وكثفت تحقيقاتها الخاصة مع الطلاب الذين ينتقدون إسرائيل، مما أثار قلق المدافعين عن حرية التعبير.
📌 انتقد أكاديميون وحقوقيون ونشطاء إدارة جامعة كولومبيا بعد أن أعلنت أستاذة القانون "كاثرين فرانك" أن إدارة الجامعة ضغطت عليها للتقاعد بسبب انتقاداتها الصريحة لإسرائيل، ودعمها للاحتجاجات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين في الحرم الجامعي.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 14, 2025
📌 قالت فرانك إن الجامعة تحولت إلى بيئة "سامة… pic.twitter.com/bgeT7wnMDZ
أبعاد قانونية وسياسية
يستند قرار الإدارة الأميركية إلى المادة السادسة من قانون الحقوق المدنية لعام 1964 (Title VI)، التي تمنح الحكومة صلاحية إجراء تحقيقات بشأن المؤسسات التي تحصل على تمويل فيدرالي إذا وُجهت إليها اتهامات بالتمييز على أساس الدين أو العرق.
لكن المنتقدين يشيرون إلى أن القرار يندرج ضمن محاولات إدارة ترامب المتكررة للتضييق على الجامعات والمؤسسات الأكاديمية التي تعتبر معاقل للخطاب التقدمي. ويرى البعض أن إدارة ترامب تستخدم معاداة السامية كذريعة لمعاقبة الجامعات التي تشهد احتجاجات مؤيدة لفلسطين، بدلًا من معالجة المشكلة الحقيقية.
تصعيد ضد المؤسسات الأكاديمية
جاء القرار بعد خمسة أيام من إعلان الوكالات الفيدرالية أنها تنظر في أوامر بوقف تمويل جامعة نيويورك بمبلغ 51 مليون دولار في العقود ومراجعة أهليتها للحصول على أكثر من 5 مليارات دولار من المنح الفيدرالية في المستقبل.
خطوة قد تشعل مزيدًا من الجدل
يأتي هذا القرار في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة تصاعدًا غير مسبوق في الجدل حول حرية التعبير داخل الجامعات، خصوصًا في سياق الحرب على غزة والتظاهرات المؤيدة للفلسطينيين. ومع استعداد جامعة كولومبيا للطعن في القرار، يتوقع أن تتحول القضية إلى معركة قانونية قد تؤثر على مستقبل العلاقة بين الحكومة الفيدرالية والمؤسسات الأكاديمية، خاصة في ظل استمرار النقاش حول حدود حرية التعبير ودور الجامعات في حماية جميع طلابها.