العملية السياسية في ليبيا محور لقاءات متفرقة في باريس وبنغازي
27 فبراير 2025
تحتلّ العملية السياسية، وفي القلب منها قضية القوانين الانتخابية، صدارة الأحداث في المشهد الليبي الراهن، حيث أُعلن في باريس عن عقد لقاء بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وقائد ما يسمى بالجيش الوطني الليبي في شرق البلاد، اللواء المتقاعد خليفة حفتر. وتزامن هذا اللقاء مع زيارة رئيسة البعثة الأممية في ليبيا، هانا تيتيه، إلى بنغازي ولقائها هناك برئيس مجلس النواب، عقيلة صالح.
وفي كلا اللقاءين، تم التطرّق إلى وضع العملية السياسية في ليبيا وسبل دفعها قدمًا، بما يُنهي حالة الانقسام السياسي والمؤسساتي في البلاد، حيث توجد في ليبيا حاليًا حكومتان: إحداهما في بنغازي، المدعومة من مجلس النواب وحفتر، والثانية في طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة، المعترف بها دوليًا. كما تعرف المؤسسة العسكرية انقسامًا بين شرق البلاد وغربها، بالإضافة إلى فصائل غير خاضعة لسيطرة الدولة.
تعتقد البعثة الأممية في ليبيا أنّ القوانين الانتخابية تمثل العقبة الرئيسية في الأزمة السياسية الليبية
وتأتي هذه التطورات في سياق إعلان السلطة التشريعية في ليبيا، ممثلةً في المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب، رفضهما القاطع من القاهرة، مطلع الأسبوع الجاري، لأي محاولة لسحب العملية السياسية من المؤسسات الرسمية الليبية، وذلك في إشارة إلى مبادرة الحل السياسي التي أعلنت عنها البعثة الأممية، والتي بدأت تنفيذها بالاستعانة بتكنوقراط وممثلين عن المجتمع المدني من أجل اقتراح حلول للمسائل الخلافية في القوانين الانتخابية.
وقد وجد مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في هذا النهج المتبع من البعثة الأممية محاولةً لتجاوزهما، الأمر الذي دفعهما إلى توحيد صفوفهما للتصدي لمثل هذا التوجّه.
الثروة السمكية في #ليبيا تتعرض لنهبٍ كبير من طرف السفن الأجنبية التي تستبيح مياه ليبيا الإقليمية مستفيدةً من حالة الانقسام السياسي في البلاد.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 7, 2025
اقرأ أكثر: https://t.co/DZnFocFVqQ pic.twitter.com/XvWsB0mRgR
لقاء حفتر وماكرون:
جاء في بيان صادر عن ما تُسمّى القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية أنّ خليفة حفتر ناقش مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في قصر الإليزيه، "تطورات العملية السياسية في ليبيا، وأهمية دعم جهود بعثة الأمم المتحدة، بالإضافة إلى استعراض المستجدات على الصعيد الإقليمي". وزعم بيان القيادة العامة لقوات حفتر أنّ "الرئيس الفرنسي أكّد على الدور المحوري لحفتر في العملية السياسية"، كما نوّه بالدور الذي تلعبه قوات حفتر "في حفظ الأمن والاستقرار داخل ليبيا".
المبعوثة الأممية تتجه إلى شرق ليبيا
تعتقد البعثة الأممية في ليبيا أنّ القوانين الانتخابية تمثل العقبة الرئيسية في الأزمة السياسية الليبية، فمنذ إخفاق الليبيين في تنظيم انتخابات عام 2021، تفاقمت حدة الانقسام السياسي في البلاد، ولذلك تسعى البعثة إلى تجاوز تلك العقبة، مستفيدةً من دعم مجلس الأمن الدولي.
لكنّها، في المقابل، تواجه تحديات عديدة، ليس أقلّها رفض مجلسي النواب والمجلس الأعلى للدولة استئثارها بوضع القوانين الانتخابية وصياغتها.
في هذا السياق، يمكن فهم توجه رئيسة البعثة، هانا تيتيه، إلى الشرق الليبي ولقائها بعقيلة صالح، بعد أسبوع واحد من تسلّمها مهامها بشكل رسمي.
ووفقًا لبيان صادر عن مجلس النواب الليبي، فقد ناقش صالح وتيتيه "مستجدات الأوضاع في البلاد، بالإضافة إلى التأكيد على ضرورة استمرار التعاون والتواصل مع البعثة الأممية والمجتمع الدولي، وعلى التزام مجلس النواب بالاتفاق السياسي ومخرجات لجنة 6+6 وكل ما من شأنه إنهاء الانقسام السياسي".
وأضاف البيان أنه تم الاتفاق "على ضرورة توحيد السلطة التنفيذية وتشكيل حكومة موحدة للمضي قدمًا نحو تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب الآجال". وتابع البيان أنّ الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة أكّدت، من جانبها، "سعيها المتواصل والجاد لإعادة بناء الثقة بين مختلف الأطراف عبر تقريب وجهات النظر".
القوانين الانتخابية والجمود السياسي
يشار إلى أنلجنة 6+6، التي وردت في بيان مجلس النواب، هي لجنة مكونة من أعضاء من مجلسي النواب والمجلس الأعلى للدولة. وقد أصدرت هذه اللجنة، في السادس من حزيران/يونيو 2024، قوانين منظمة للانتخابات المرتقبة، لكنّ مخرجات عملها لم تحظَ بالإجماع المطلوب، مما دفع البعثة الأممية إلى أخذ زمام المبادرة ومحاولة اقتراح قوانين انتخابية جديدة تكون محطّ توافق.
خطوة أثارت جدلًا واسعًا.. السلطات الإيطالية أفرجت عن الضابط الليبي أسامة انجيم، أحد المشتبه بهم الرئيسيين في ارتكاب جرائم حرب في #ليبيا.https://t.co/sTr3eSiHW0
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 29, 2025
وحول اللقاء الذي جمع تيتيه بعقيلة صالح، أصدرت البعثة الأممية بيانًا قالت فيه إن "هانا تيتيه ونائبتها ستيفاني خوري تبادلتا خلال لقائهما بعقيلة صالح وجهات النظر حول آخر التطورات السياسية والحاجة الملحّة لتجاوز الجمود الراهن وتمهيد الطريق لانتخابات وطنية شاملة".
وأكدت تيتيه، وفقًا للبيان، "التزام البعثة الأممية بالعمل مع جميع الأطراف الليبية لتأمين التوافق اللازم لإخراج ليبيا من دوامة المراحل الانتقالية".
مستقبل المبادرة الأممية
تساور الليبيين شكوكٌ حول قدرة مبادرة البعثة الأممية على إنهاء حالة الانقسام والذهاب نحو انتخابات عامة تُنهي المرحلة الانتقالية التي دخلت عامها الرابع عشر، ويعود ذلك إلى تعنّت فرقاء الأزمة وتضارب مصالحهم.
يُشار في هذا الصدد إلى أنّ في ليبيا حاليًا حكومتين: الأولى هي حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والتي يرى مجلس النواب أنها باتت فاقدة للشرعية، والثانية هي حكومة شرق ليبيا التي عيّنها مجلس النواب عام 2022، برئاسة أسامة حماد، والتي تتخذ من بنغازي مقرًّا لها، وتحظى بدعم خليفة حفتر وقواته.