الفلسطينيون في مصر.. الجسد في "أم الدنيا" والروح في غزة
22 يمشي 2025
في شرفته بالطابق الثالث، داخل أحد الكمباوندات بمدينة السادس من أكتوبر في مصر، جلس الشاب الفلسطيني حسام، البالغ من العمر 45 عامًا، يتابع القنوات الإخبارية وهي تنقل مشاهد استئناف قوات الاحتلال الإسرائيلي للحرب. كان يُمسك بهاتفه المحمول، يقلب شاشته صعودًا وهبوطًا، قبل أن تنهمر الدموع من عينيه فجأة، حتى ابتل الهاتف بين يديه.
كنا حينها على بعد ساعتين تقريبًا من أذان المغرب، حيث موعد الإفطار الذي دعانا إليه حٌسام وزوجته أسماء، الأسرة الفلسطينية الغزية الكريمة، كان الأمل يحدونا لقضاء يوم مختلف، نهرب فيه نسبيًا من أجواء الحرب الدامية، لكن سرعان ما تبدل الحال، بكاء بطريقة هستيرية عمت أرجاء البيت، حيث سقط حسام مغشيًا عليه لدقائق فيما هرولت زوجته من المطبخ تراقب ماذا حدث.
لم يكن حسام هو الحالة الوحيدة، فجل الجالية الفلسطينية في غزة تحيا المشاعر ذاتها، حيث الإقامة بالجسد فقط في "أم الدنيا" بينما القلب معلق بمن في غزة
وبعد حوالي 3 دقائق، فاق الشاب الفلسطيني من غيبوبته، ليخبرنا بصوت مبلل بالدموع، وكلمات حشرجت في حلقومه تأبى أن تخرج إلا بعناء ومشقة، أن 6 من عائلته ارتقوا شهداء في القصف الإسرائيلي الأخير، و3 من جيرانه، من بينهم صديق عمره أشرف الذي تربى معه وعاشا سويًا في شوارع خانيونس جنوبي القطاع.
"حياة صعبة تلك التي أعيش فيها بجسدي في مصر بينما روحي وقلبي معلقين في غزة".. بهذه الكلمات استهل "حُسام" حديثه بعدما تماسك أعصابه وهدأ نسبيًا بعد محاولات وجهود مضنية، فيما كانت اتصالاته بمن تبقى من أهله في القطاع جارية لم تتوقف، ومع كل سؤال عن أي منهم، كان يحبس انفاسه ترقبًا للرد، بخير أم ارتقى شهيدًا.
لم يكن حسام هو الحالة الوحيدة، فجل الجالية الفلسطينية في غزة تحيا المشاعر ذاتها، حيث الإقامة بالجسد فقط في "أم الدنيا" بينما القلب معلق بمن في غزة، والروح حائرة بين الاطمئنان على الأهل في القطاع وادعاء التماسك لاستكمال المشوار، فهذا قدر الغزيين خصوصًا والفلسطينيين بصفة عامة، قدر الجمع بين الأمل والألم، اليأس والتفاؤل، التشبث بالحياة وانتظار الموت.
200 ألف فلسطيني
قبل اندلاع حرب غزة الحالية في تشرين الأول/أكتوبر 2023 كانت التقديرات تشير إلى وجود ما يقرب من 100 ألف فلسطيني في مصر، معظمهم دخل بهدف العلاج والدراسة، وهي تقديرات غير رسمية، بُنيت على حسابات واعتبارات لبعض المنظمات والجهات الفلسطينية والدولية، في ظل عدم وجود إحصائيات رسمية مصرية لأعداد الجالية الفلسطينية.
ومنذ بداية الحرب وما شهدته من انتهاكات إسرائيلية، أسفرت عن سقوط عشرات الالاف ما بين شهيد ومصاب، ودفعت مئات الالاف إلى النزوح، داخليًا وخارجيًا، استقبلت الأراضي المصرية ما بين 80 إلى 100 ألف فلسطيني، عبر معبر رفح البري، منهم 44065 جريحًا، من بينهم 10730 طفلًا، بحسب بيانات الحكومة المصرية.
وكان الدخول عبر عدة مسارات، إما عمليات إجلاء منظمة لأسباب طبية، أو من خلال القوائم الرسمية التي تٌنسق بين الجانبين، المصري والفلسطيني، وفي حال الفشل في العبور عبر هذين المسارين، يتم اللجوء للمسار الثالث، الأسرع في الوقت والأغلى في المقابل، عن طريق شركة "هلا" المملوكة لرجل الأعمال السيناوي، إبراهيم العرجاني، والتي تقوم بإدخال الغزيين للأراضي المصرية نظير آلاف الدولارات، وفقد شهود عيان وتقارير إعلامية مختلفة.
جدلية اللجوء والمقيم.. معاناة لم تتوقف
يقع الفلسطينيون القادمون من غزة إلى الأراضي المصرية بعد اندلاع الحرب في مأزق قانوني كبير له تداعيات اقتصادية ومعيشية صعبة، إذ أن دخولهم في الأساس تم بشكل غير قانوني، ولا يُمنحون إلا إقامة لمدة 45 يومًا، وبعدها يُدرجون على قوائم المخالفين، ومن ثم لابد من تجديد تلك الإقامات التي تحتاج إلى ضوابط وشروط والتزامات مالية كبيرة ليست في استطاعة الغالبية.
كما أنهم، بطبيعة الحال، غير مُدرجين ضمن فئة "اللاجئين"، وبالتالي فإن وكالتي اللاجئين التابعتين للأمم المتحدة، المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، المسؤولة عن غير الفلسطينيين، ووكالة "الأونروا"، المعنية فقط باللاجئين الفلسطينيين لم يكن بإمكان أي منهما تقديم المساعدة لهم. وعليه، كان لا بد من توفير مستلزمات الحياة بجهود شخصية.
تقول أماني، فلسطينية من جباليا والبالغ من العمر 40 عامًا، إنها قدمت إلى مصر مع والدتها منذ نيسان/أبريل 2024 واستقرت في مدينة نصر بالقاهرة، لكنها فوجئت بتحديات اقتصادية غير متوقعة، من حيث مضاعفة إيجارات الوحدات السكنية عما كانت عليه قبل عام تقريبًا من اندلاع الحرب، حين كانت في القاهرة لدراسة الدكتوراه، إذ بلغ الإيجار الشهري قرابة 300 دولار، هذا بخلاف ظروف المعيشة التي باتت صعبة في ظل التضخم المتصاعد.
وتضيف الأربعينية الفلسطينية في حديثها لـ "الترا صوت" أن الكرم الذي وجدته من المصريين بداية قدومها لا يمكنه وصفه، لكن الحياة من الصعب أن تستمر هكذا على المساعدات المقدمة من أصحاب الخير من الشعب المصري، وكان لابد من حلول منطقية وعملية، حتى لا يصبحون "ضيوف ثقال" على المصريين، على حد قولها.
وبعد مساعدة من بعض الفلسطينيين ذوي الخبرة في مصر، استطاعت أماني ووالدتها الحصول على دعم من أحدى تقتصر المساعدات المقدمة للفلسطينيين الذين دخلوا إلى الأراضي المصرية على ثلاث منظمات: منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة، ومنظمة "أنقذوا الأطفال"، و"اليونيسف". وتبلغ قيمة المساعدة المقدّمة من هذه الجهات نحو 200 دولار شهريًا، وهو مبلغ لا يكفي حتى لتغطية إيجار الشقة التي يسكنونها.
جدير بالذكر أن الحكومة المصرية رفضت في عام 1978 الاعتراف بالفلسطينيين كلاجئين، واعتبرتهم ضيوفًا أو إخوان للمصريين، ومن ثم لم تستطع منظمة "الأونروا" فتح مكتب لها في القاهرة، ولا تقديم المساعدات لهم بشكل منتظم، ليقتصر الأمر على بعض المنح التي تتم بشكل فردي ولا يغطي إلا جزء بسيط من إجمالي أعداد الجالية الفلسطينية في مصر.
الجسد في القاهرة والروح في غزة
" لا يمكن استيعاب أن أكون في مصر وأمي وأبي وإخواتي في غزة، شعور صعب، حرق أعصاب لم أعهده طيلة حياتي، أشعر أن حياتي مقسمة بين جسد هنا وروح هناك.." هكذا تصف الصحفية الفلسطينية، مها شهوان، حالة جلد الذات التي تتعرض لها على مدار الساعة قلقًا ورعبًا على أهلها في القطاع وهم تحت القصف على مدار أكثر من 15 شهرًا.
وتضيف مها في حديثها لـ "الترا صوت" : أشعر بتأنيب ضمير غير طبيعي مع كل حركة أو سكنة وأنا هنا في مصر، فحين أدخل المطبخ لا استسيغ الطهي ولا الأكل بينما أهلي هناك لا يجدون الطعام والشراب، وحين تسألني والدتي عن أحوالي وماذا أكل وأشرب، لا أجد ما أقوله لها، فكيف يمكنني أن أخبرها أني أكل وجبتين في اليوم أو ثلاثة بينما إخواتي هناك يقضون أيامًا بلا طعام، فأضطر إما للكذب أو للتهرب من السؤال".
وتؤكد الصحفية الفلسطينية أنه رغم الأوضاع المعيشية الجيدة في مصر والمعاملة الطيبة من كثير من الشعب المصري- ما عدا قلة قليلة- إلا أن ذلك لم يعوضها عن دفء الأهل في القطاع، ولا يٌنسيها المعاناة التي يحسها الفلسطينيون في غزة، منوهة أنها تحلم باليوم التي تعود فيه إلى عائلتها عقب انتهاء الحرب التي تُمني النفس بها اليوم قبل الغد.
الشعور ذاته عبّر عنه الشاب الفلسطيني منير الزيّان، الذي يعمل في أحد محال بيع الحلوى الفلسطينية في القاهرة، حيث قال في حديثه لـ"الترا صوت" إنه يعيش يوميًا تفاصيل حياة أهله في جباليا، ساعة بساعة. يتواصل معهم كلما سنحت الفرصة، ولا تتوقف محاولاته للاطمئنان عليهم، فيما ينتابه حبس الأنفاس كلما تأخرت الاستجابة على اتصالاته. ويضيف أن الكوابيس لا تفارق منامه منذ بداية العدوان.
ويضيف الزيان إن هذه الحالة تُفسد عليه حياته في مصر، حيث بات ممزقًا بين روح هائمة قلقة على أهله في القطاع وجسد فاقد للإحساس تمامً في القاهرة، انقسام وصفه بـ "المميت" وتمزق أفقده كثيرًا من الأمور الجيدة التي وجدها في مصر من معاملة طيبة واحتواء من المصريين وتسهيلات للفلسطينيين من الدولة المصرية على حد قوله.
اندماج سريع وأزمات تتفاقم
لم يستغرق الفلسطينيون وقتًا للاندماج في المجتمع المصري، فالقواسم المشتركة بين الشعبين، تاريخيًا ودينيًا وثقافيًا، تجعلهم أقرب للشعب الواحد في بلدين متجاورين، ومن ثم فلا يمثل الاندماج معضلة بالنسبة للغالبية العظمى من أبناء الشعب الفلسطيني الذي لا يشعر بالغربة مطلقًا داخل الأراضي المصرية.
غير أنه رغم هذا الانصهار الكبير داخل المجتمع المصري إلا أن الجالية الفلسطينية تواجه حزمة مطولة من التحديات والأزمات، أبرزها الأوضاع الاقتصادية الصعبة، حيث ارتفاع الأسعار وزيادة كلفة الحياة المعيشية، في مقابل قلة المنظمات الإغاثية التي تقدم المساعدات للفلسطينيين في مصر، بخلاف الصعوبات التي يواجهها الفلسطينيون في اقتحام سوق العمل بسبب عدم امتلاكهم للأوراق الثبوتية الكافية، وهو ما ينعكس كذلك على مسألة التحاق أبناء الفلسطينيين بالمدارس المصرية، حيث يواجهوا مشكلة كبيرة في هذا الأمر.
ثم تأتي الصعوبات الخاصة بوثائق السفر، والتي تشكل أزمة كبيرة تضع الغالبية العظمى من الفلسطينيين تحت طائلة القانون، إذ يُمنح الفلسطيني تأشيرات الدخول لمرة واحدة فقط، أما من أراد الدخول لمصر مرة أخرى عليه العودة إلى القاهرة كل 6 أشهر لتجديد الإقامة أو تزويد السلطات المصرية مقدمًا ما يُثبت عمله أو التحاقه بمؤسسة تعليمية، بحيث يحصل على تأشيرة للعودة مدتها عام واحد، وهي مسألة مرهقة جدًا.
التضييقات الأمنية هي الأخرى مشكلة كبيرة تواجه الفلسطينيين، لكنها تراجعت نسبيًا في الآونة الأخيرة، خاصة بعد تخفيف حدة التوتر بين الحكومة المصرية وحركة حماس، فضلًا عن التعاطف مع أوضاع الفلسطينيين وما يتعرضوا له من حرب إبادة في القطاع، هذا بخلاف التزام معظم الجالية بالقوانين المصرية وعدم استثارة حفيظة السلطات الأمنية بتجنب الدخول في معارك سياسية وخلافه.
محطات تاريخية
مر التواجد الفلسطيني في مصر بالعديد من المحطات التي غلفها البعد السياسي في كثير منها، البداية تعود إلى عام 1948 حين شنت العصابات الصهيونية هجومها المدفعي على مدينة يافا الفلسطينية، مما دفع سكانها إلى النزوح للبحر هربًا من القذائف المدمرة، فكانت غزة الجسر الأسهل والأقصر نحو مدينة بورسعيد المصرية.
استقبل البورسعيديون الفلسطينيين بكل ترحاب وحسن ضيافة، وكان عددهم حينها يناهز 12 ألف مواطن، استقروا في 3 مناطق، بعضهم في مبنى تابع لشركة قناة السويس أقامته الحكومة المصرية لهم، وأخرون توجهوا إلى معسكر العباسية بالقاهرة، ثم استقر القسم الثالث في معسكر أعدته وزارة الشؤون الاجتماعية في منطقة "قنطرة شرق" بالإسماعيلية.
ولأجل خدمة تلك الأعداد الكبيرة شكلت الحكومة المصرية "اللجنة العليا لشؤون مهاجري فلسطين"، لخدمتهم وتلبية احتياجاتهم، وتألفت في البداية من قرابة عشرين عضوًا يمثلون مختلف الوزارات والمصالح الرسمية المعنية، حيث نجحت في توفير معظم الخدمات لهم، من تعليم وصحة وطرق ونوادي، حتى سمي بـ"مدينة اللاجئين" .
وبعد توقيع اتفاق الهدنة في شباط/فبراير 1949 وتهدئة الأجواء في فلسطين، أمرت الحكومة المصرية بترحيل معظم اللاجئين الفلسطينيين إلى قطاع غزة، في قرار قيل حينها إن له أبعادًا سياسية، فيما لم يتبقى في الأراضي المصرية سوى 4 ألاف فلسطيني فقط، كانوا نواة الجالية الفلسطينية في مصر.
ومع بداية عصر الجمهورية، عقب الإطاحة بالعهد الملكي في تموز/يوليو 1953، وتعاظم الشعور القومي العربي لدى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر (1954 – 1970)، عاش الفلسطينيون في مصر أزهى عصورهم، حيث اتخذت الدولة وقتها عددًا من القوانين التي أعطت الفلسطينيين ذات الحقوق التي يتمتع بها المصريون، فباتوا شركاء وطن لا لاجئين ولا حتى ضيوف، ولهم كامل الحق في التعليم المجاني وتملك الأراضي الزراعية والعمل بالوظائف العامة.
وفي تلك الأثناء بلغ الاندماج الفلسطيني في المجتمع المصري ذروته الكبرى، حيث أسست الجالية عددًا من الكيانات التي تعبر عنها وتدافع عن حقوقها أبرزها الاتحاد العام لعمال فلسطين واتحاد طلاب فلسطين واتحاد الكتاب الفلسطينيين واتحاد المرأة الفلسطينية، فكانت الأداة التي استعان بها اللاجئون للدفاع عن قضيتهم وتوحيد كلمتهم، ما سهل الطريق أمامهم بعد ذلك للارتباط بمنظمة التحرير الفلسطينية.
ومع نكبة 1967 فر الكثير من الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية هربًا من العمليات الإسرائيلية، فارتفع عدد الجالية الفلسطينية من 4 ألاف شخص إلى 35 ألف، لتبدأ المحطة الأولى في الانفصال شبه الكامل بين الفلسطينيين في مصر ودولتهم التي باتت محتلة في معظمها، لتبدأ مرحلة جديدة ومحورية في مسار الجالية في الأراضي المصرية.
ومع تولي أنور السادات (1918-1981) الحكم عام 1970 شهدت العلاقة بين الجالية والحكومة المصرية توترًا كبيرًا خاصة بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، وما أعقبها من مقاطعة عربية للقاهرة، حيث أقرت الدولة وقتها بعض القوانين التي ضيقت على حياة الفلسطينيين في مصر، على رأسها الإقامة التي باتت مشروطة بمن كان متزوجًا بمصرية منذ أكثر من خمسة أعوام أو ملتحقًا بمدرسة أو جامعة، ودافعًا لرسومها، أو متعاقدًا مع القطاع الخاص، أو من كانت لديه مصلحة تجارية أو استثمارات داخل البلد، هذا بخلاف إلغاء مجانية التعليم للفلسطينيين وبات عليهم دفع الرسوم بالعملات الأجنبية، وهو القرار المستمر حتى اليوم.
غير أنه رغم هذا الانصهار الكبير داخل المجتمع المصري إلا أن الجالية الفلسطينية تواجه حزمة مطولة من التحديات والأزمات، أبرزها الأوضاع الاقتصادية الصعبة
لم يختلف الأمر كثيرًا في عهد حسني مبارك ( 1928 – 2020) حيث القبضة الأمنية المشددة على كافة الجاليات بما فيها الجالية الفلسطينية، فتوسعت دائرة الاشتباه والاعتقال.
وعادت الأجواء إلى زخمها بعد ثورة كانون الثاني/يناير 2011، حيث تم تخفيف القيود على دخول وخروج الفلسطينيين، وأبدت السلطات المصرية قدرًا كبيرًا من المرونة في التعامل معهم، ما انعكس على ارتفاع عدد الجالية الفلسطينية ليصل إلى نحو 100 ألف شخص. لكن سرعان ما عادت الأمور إلى سيرتها الأولى عقب الإطاحة بنظام محمد مرسي في عام 2013، حيث توترت العلاقات بين حركة حماس والنظام المصري، وما تبع ذلك من تداعيات على أوضاع الفلسطينيين المقيمين في الداخل المصري.
وخلال العشرية الأخيرة تأرجحت العلاقة بين الجالية الفلسطينية والقاهرة بين المرونة تارة والتضييق تارة الأخرى، خاصة بعد التقلبات التي شهدتها العلاقات بين حركات المقاومة الفلسطينية والحكومة المصرية، وصولًا إلى المشهد الحالي بعد السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023 والتي فرضت واقعا جديدًا على المشهد، مدفوعا بحرب الإبادة التي يشنها الكيان المحتل بحق شعب غزة بأكمله.
وبين مطرقة الحرب وويلاتها والتدمير الذي حلّ بالقطاع، وسندان الإقامة الآمنة في مصر، يعيش نحو 200 ألف فلسطيني في المحروسة، حابسي الأنفاس، في ترقّب لما ستسفر عنه الأيام القادمة، حيث أحلام العودة التي تداعب مخيلتهم ليل نهار، لم تفارقهم ساعة واحدة، في انتظار اللحظة الحاسمة، حين يلتقي الجسد المقيم في مصر بالروح الساكنة في غزة.