المعادن النادرة مقابل السلاح.. صيغة ترامبية جديدة لمواصلة دعم أوكرانيا
11 فبراير 2025
يبْحث الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن مخارج لتبرير استمرار دعم بلاده للمجهود الحربي الأوكراني، وتفتّقت قريحة ترامب في الأيام الأخيرة عن فكرتين، الأولى هي أن تحصل الولايات المتحدة الأميركية على كميات كبيرة من المعادن الأوكرانية النادرة، التي تُستخدَم بشكل خاص في صناعة الإلكترونيات المتطورة، والفكرة الجدلية الثانية هي دفْع الحلفاء الأوروبيين إلى شراء أسلحة أميركية بغرض تسليمها لأوكرانيا.
ويربط المراقبون بين المقترح الثاني والمساعي الرامية إلى عدم تفجير العلاقات الأميركية الأوروبية، بسبب الرسوم الجمركية التي يريد ترامب فرضها على الواردات الأوروبية، للتغلب على ما يسميه بالعجز التجاري الكبير بين بلاده وتلك الدول، وكان زعماء أوروبا أعلنوا عزْمهم الرد على أي إجراءات عقابية بالمثل.
كما يتم الربط بين هذه المقترحات والتعثر الذي تعرفه "مباحثات" إنهاء الحرب مع روسيا، فقد بدأ حماس ترامب بشأن التوصل إلى صفقة سريعة تنهي الحرب في التراجع. وخوفًا من الحرج الذي يُمكن أن يقع فيه أمام جمهوره والعالم بدأ بالبحث عن صيغٍ جديدة لتعويض ما يراها خسائر أميركية، جرّاء الدعم الكبير الذي بذلته إدارة سلفه الرئيس جو بايدن لأوكرانيا.
ترامب: ربما يتوصل الأوكرانيون إلى اتفاق، وربما لا يتوصلون إليه، ربما يصبحون روسًا يوما ما، وربما لا يصبحون كذلك
ففي اللقاء الذي أجراه ترامب، أمس الإثنين، مع شبكة "فوكس نيوز"، قال الرئيس الأميركي: "أريد أن تكون أموالنا مؤمّنة لأننا ننفق مئات مليارات الدولارات. ربما يتوصل الأوكرانيون إلى اتفاق، وربما لا يتوصلون إليه. ربما يصبحون روسًا يومًا ما، وربما لا يصبحون روسًا يومًا ما"، وتعدّ هذه اللهجة غير "الوثوقية وغير اليقينية" بل والمترددة واللّامبالية نوعًا ما بمصير الحرب التي تعهد أثناء حملته الانتخابية بإنهائها في غضون 24 ساعة من تسلمه مهامّه في البيت الأبيض مؤشّرًا على بحث ترامب عن تفاهمات ذات طبيعة نفعية في المقام الأول.
وظهر ذلك واضحًا في تجديد ترامب تأكيده على "رغبته في أن تحصل الولايات المتحدة على كميات ضخمة من المعادن النادرة الأوكرانية مقابل المساعدات التي تقدّمها لأوكرانيا في حربها مع روسيا"، وكشف ترامب في المقابلة مع قناة "فوكس نيوز" أنه طلب من الرئيس فلوديمير زيلينسكي "قيمة 500 مليار دولار من المعادن النادرة التي تُستخدم بشكل خاص في صناعة الإلكترونيات"، وأضاف ترامب "وافق الأوكرانيون على ذلك" وفق زعمه.
وتابع ترامب قائلًا إن أوكرانيا "تمتلك أرضًا ذات قيمة هائلة من حيث المعادن النادرة، ومن حيث النفط والغاز، ومن حيث أمور أخرى، وعلينا تعويض ما أنفقناه من مليارات الدولارات في الحرب".
وكان الرئيس الأوكراني، فلوديمير زيلينسكي، ردّ على تصريحات ترامب بشأن مقايضة الدعم بالمعادن قائلًا: "إن أوكرانيا مستعدة لاستقبال استثمارات من الشركات الأميركية في مجال المعادن النادرة".
في المقابل تطالب أوكرانيا بمجموعة من الضمانات الأمنية من الولايات المتحدة قبل الحرب وبعدها، كما تطالب كييف بعدم استبعادها من أي مفاوضات بشأن مصير الحرب.
وكشف ترامب، أمس الإثنين، أن مبعوثه الخاص المكلف بمفاوضات وقف الحرب كيث كيلوغ سيزور أوكرانيا قريبًا، وكشفت مصادر في كييف أنّ الزيارة المرتقبة ستكون يوم 20 شباط/فبراير الجاري، حيث من المنتظر أن يعرض على الأوكرانيين خطته لوقف الحرب.
هل يقبل الأوروبيون عرض شراء الأسلحة من واشنطن لصالح كييف؟
قالت وكالة بلومبيرغ إن مبعوث ترامب الخاص، كيث كيلوغ، سيستغل انعقاد مؤتمر ميونخ للأمن الأسبوع المقبل ليناقش مع الحلفاء الأوروبيين مقترح شراء الأسلحة الأميركية لدعم مجهود كييف الحربي، وذلك قبل محادثات وقف إنهاء الحرب التي تنطلق نهاية الشهر الجاري، ويرى متابعون أنّ هذه الخطوة من شأنها جعل الأوكرانيين في موقف جيد أثناء مفاوضات السلام، فضلًا عن طمأنة الأوكرانيين أنّ ترامب ليس بصدد حجب المزيد من المساعدات عنهم، حيث شهدت الأسابيع الأخيرة فقدان القوات المسلحة الأوكرانية السيطرة على بعض المناطق في شرق البلاد لصالح القوات الروسية التي تكثّف من هجماتها.
وبحسب وكالة بلومبيرغ، فإن "مقترح شراء الأسلحة هو فكرة من بين مجموعة أفكار ناقشتها الإدارة الأميركية لضمان تواصل تدفق الأسلحة الأميركية إلى كييف دون إهدار قدر كبير من رأس المال الأميركي".
وليس من الواضح ما إذا كانت إدارة بايدن ستطلب من الحلفاء الأوروبيين "شراء الأسلحة الأميركية عبر عقود تجارية أو شراءها بشكلٍ مباشر من المخزون الأميركي، مع الإشارة إلى أن الخيار الأول قد يأخذ وقتًا يصل إلى سنوات لإتمامه".
وليس شراء الأسلحة الأميركية لصالح دعم المجهود الحربي الأوكراني بجديد على الأوروبيين، الذين قاموا خلال عهدة بايدن بأمرٍ مماثل.
وذكرت مصادر لواشنطن بوست أنّه "من المتوقع أن يلتقي كبار مستشاري الرئيس دونالد ترامب مع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، هذا الأسبوع على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن لمناقشة المسار نحو إنهاء حرب روسيا المستمرة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات".