الوساطات تنجح في تهدئة الوضع في السويداء بعد الاشتباكات مع العشائر
1 فبراير 2025
شهدت السويداء الخميس الماضي اشتباكات عنيفة، تخللها استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، بين أهالي المحافظة وأفراد من عشائر البدو، والتي اندلعت على إثر محاولة شبان العشائر من قرية "عرى" قطع الأشجار في معسكر الطلائع جنوب بلدة "رساس" في ريف محافظة السويداء، جنوبي سوريا، بهدف بيعها كحطب للتدفئة، مما أدى إلى إصابة الشاب، حكمت حمزة، بعد محاولته مع عدد من أصدقائه منع شبان العشائر من قطع الأشجار.
وبحسب ما أفاد مراسل شبكة "الترا صوت" في محافظة السويداء، فإن حمزة أُصيب بطلق ناري من قبل، علي الصغير، أحد شبان العشائر الذي كانوا يحاولون قطع الأشجار، بعد مشادة كلامية تطورت لإطلاق نار من قبل الصغير، حيثُ تم على إثرها نقل حمزة إلى المستشفى الوطني داخل مدينة السويداء، جراء تعرضه للإصابة في منطقة الصدر، الأمر الذي أسفر عن تفاقم الوضع بتحوله إلى اشتباكات بين فصائل محلية من السويداء من طرف، وفصائل من العشائر من طرف آخر.
وقامت الفصائل المحلية في السويداء باختطاف تسعة شبان من العشائر، وذلك حتى تقوم العشائر بتسليمهم الشاب الصغير المسؤول عن إصابة حمزة، على مبدأ "الفاعل بما فعل"، وفقًا لما ذكر مراسل "الترا صوت". هذه التطورات برفقة قيام عدد من أبناء العشائر من قرية "المطلة"، وهي قرية تتبع إداريًا لريف دمشق، بقطع الطريق السريع بين دمشق والسويداء، عبر استهداف الحافلات القادمة من لبنان إلى المحافظة، حيثُ أسفر الاعتداء على هذه الحافلات عن مقتل شاب وامرأة، بالإضافة إلى إصابة ثلاثة أشخاص آخرين.
اندلعت الاشتباكات على إثر محاولة شبان العشائر من قرية "عرى" قطع الأشجار في معسكر الطلائع جنوب بلدة "رساس" في ريف محافظة السويداء، جنوبي سوريا، بهدف بيعها كحطب للتدفئة
وقال أحد قادة فصيل "درع جرمانا"، رفض الكشف عن هويته، في حديثه لـ"الترا صوت" إن مجموعة عسكرية من جرمانا تحركت برفقة عناصر من الأمن العام في دمشق باتجاه منطقة "المطلة"، حيث عملت على نصب حواجز مؤقتة، فضلًا عن تفتيش المنطقة بهدف البحث عن مطلوبين، وسحب الحافلات المتضررة بعد تأمين الطريق، ووفرت سيارات لنقل الركاب إلى دمشق، بينما تم تحويل الإصابات إلى عدد من المستشفيات.
وقد تخلل هذا التوتر سوء في التواصل كان سببه إقدام شبان من عشائر منطقة "الدير علي" على قطع الأكبال الضوئية، مما أدى إلى خروج خدمة الإنترنت عن محافظة السويداء، بحسب ما أفاد مراسل "الترا صوت".وقد أدى تواصل الاشتباكات فجر الجمعة إلى دخول العديد من الوساطات الاجتماعية والأهلية سواء من السويداء أو من العشائر، وعلى رأسهم الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، الشيخ حكمت الهجري، بالإضافة لشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، حمود الحناوي، والشاب مفلح الصبرا ممثلًا عن العشائر، حيثُ توصل الجميع إلى هدنة فرضت على كافة الأطراف.
لكن الأمور عادت إلى التوتر مجددًا، بحسب ما أفاد أحد قادة فصائل السويداء في حديثه لـ"الترا صوت"، موضحًا أن "الأمور كانت تتجه للحل، لكن العثور على جثة الشاب محمد صالح العيد من أبناء العشائر مقتولًا في محيط دوار العنقود، شمالي مدينة السويداء ،أعاد الاشتباكات مجددًا، حيث تم تسجيل سقوط خمسة قذائف هاون ثقيل على المدينة بشكل عشوائي، مما تسبب بأضرار في الممتلكات الخاصة"، مرججًا "وجود طرف ثالث يسعى لخلق الفتنة والبلبلة، وخصوصًا أن الشاب قتل في منطقة المشورب، والتي غالبية سكانها من أبناء العشائر".
وقال مراسل "الترا صوت" إن الاشتباكات تواصلت في منطقة "عرى -رساس"، مما أسفر عن مقتل اثنين من أبناء العشائر، فضلًا عن إصابة عشرة آخرين، قبل أن تتوقف الاشتباكات بشكل نهائي، فجر الجمعة، وذلك بعد شعور كافة الأطراف بضرورة إيقاف "هذه الفتنة"، التي كادت أن تجر المنطقة إلى أزمة غير متوقعة في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد.
وفي تصريح خاص لـ"الترا صوت"، قال فراس الأطرش إن: "زعيم دار عرى، الأمير حسن يحيى الأطرش، بعد التفاوض مع عدد من زعماء العشائر قام بتسليم خمسة من مختطفي العشائر إلى ذويهم كبادرة حسن نية"، وأضاف أن "كتائب سلطان باشا الأطرش قامت بالضغط على شبان قرية رساس وذلك لإطلاق المحتجزين الباقين من أبناء العشائر، حيث أثمرت جهودهم بإخلاء سبيل ثلاثة من أبناء العشائر وتسليمهم إلى ذويهم للغرب من قرية الثعلة، فيما بقي أحد أبناء العشائر بعهدة فصائل السويداء، ريثما يتم تسليم، علي الصغير، المتسبب بإشعال الفتنة".
وكانت دارة المجدل في السويداء، وهي إحدى دور الزعامات التقليدية، قد أصدرت على لسان، الباشا عاطف هنيدي، بيانًا حث الأطراف جميعًا على تغليب صوت العقل، وعدم الانجرار خلف الفتنة، مؤكدًا أن محافظة السويداء ستبقى دائمًا على عهد الوئام والمحبة، وأن أهالي السويداء والعشائر "مشتركون في الأرض والجغرافيا وصناعة التاريخ المشرف، ولن تنفع كل الأساليب الدنيئة في دحض هذه الحقيقة لأنها لاتخدم إلا أعداءنا كلينا".
وفي المقابل، أصدر تجمع "عشائر الجنوب" بيانًا يطالب فيه أهالي السويداء جميعًا بـ"الوقوف سدًا منيعًا أمام من تسول له نفسه خلق الفتنة وزعزعة السلم الأهلي"، كما أكد البيان على "وحدة الأرض والمصير والعيش المشترك"، داعيًا إلى تطبيق قاعدة "الفاعل بما فعل".
يعاني قطاع النقل في #سوريا مشاكل متراكمة نتيجة سياسات النظام البائد لدرجة تجعل تحسين واقعه أمرًا صعبًا دون الحصول على دعم خارجي.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 31, 2025
اقرأ التقرير: https://t.co/1kNG6PV6cR pic.twitter.com/wyj5T7Qpec
وقال مصدر مقرب من قائد تجمع أحرار جبل العرب، الشيخ سليمان عبد الباقي، لـ"الترا صوت" إن الشيخ عبد الباقي تواصل مع إدارة العمليات العسكرية في المنطقة الجنوبية وإدارة الأمن العام في محافظة درعا، حيثُ طلب البحث عن الشاب الصغير، والذي استطاعات قوات الأمن العام نصب كمين له بالقرب من قرية بصرى الحرير، وإلقاء القبض عليه بعد إصابته في كتفه الأيمن. وقد تم تسليم الصغير إلى الأمن العام في دمشق ليحاكم وفق القانون، فيما أُطلق سراح الشاب المحتجز من العشائر لدى أهالي قرية رساس.
وكانت إدارة الأمن العام في دمشق قد تعهدت بالسعي لإلقاء القبض على أفراد العشائر الذين قاموا بإطلاق النار على الحافلات في منطقة "المطلة"، كما أكد على قيام عناصر من قوات الأمن العام بنصب حاجز بالقرب من المنطقة المذكورة، فضلًا عن تسيير دوريات أوتستراد السويداء – دمشق لتأمين حركة الطريق، وعدم تكرر حوادث لقطع هذا الطريق مجددًا.
وعلم "الترا صوت" من مصادر محلية أن الأمن العام بالاشتراك مع إدارة العمليات العسكرية بدأت بتنفيذ حملة أمنية واسعة في منطقة المطلة، على خلفية حوادث إطلاق النار التي استهدفت حافلات الركاب على أوتستراد دمشق – السويداء، حيث طلب من الأهالي عدم التوجه إلى المنطقتين ذهابًا وإيابًا، وأن يتم الانتظار حتى يُعاد افتتاح الطريق.