انتخابات ألمانيا.. هل يستعيد المحافظون السلطة؟
23 فبراير 2025
بدأ الألمان، اليوم الأحد، الإدلاء بأصواتهم في انتخابات عامة مبكرة، لاختيار أعضاء البرلمان في المجلس الفيدرالي المعروف بـ"البوندستاغ".
ومن المتوقع أن تُسفر الانتخابات، حسب نتائج آخر الاستطلاعات، عن استعادة المحافظين بقيادة فريدريتش ميرتس للسلطة، إلى جانب تحقيق "حزب البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف أفضل نتيجة له على الإطلاق، إذ منحته نتائج الاستطلاع، الذي أجرته القناة الألمانية الثانية "زد دي إف" (ZDF)، المركز الثاني بنسبة 21%، خلف الاتحاد المسيحي بنسبة 28%.
فيما يُتوقع أن يحل الحزب الديمقراطي الاجتماعي ثالثًا بنسبة 16%، ويحلّ رابعًا حزب الخضر بـ14%، وخامسًا حزب اليسار بـ8% وهي نتيجة تمكّنه من دخول البرلمان. وعلى العموم، تشي هذه التوقعات بتحول ألمانيا - المتعثرة اقتصاديًا هذه الفترة - نحو اليمين.
يتجه حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف إلى حصد المركز الثاني في الانتخابات على الرغم من أن عمره السياسي لا يتجاوز 12 عامًا
يشار إلى أنه يحق لأكثر من 59 مليون ناخب ألماني المشاركة في الانتخابات الحالية. كما يشار إلى أنّ عدد الشباب، الذين سيصوتون للمرة الأولى في هذه الانتخابات، يصل نحو 2.3 مليون شاب، فيما يصل عدد الناخبين الذين وصلوا سن السبعين إلى 13.7 مليون نسمة.
ويتنافس في هذه الانتخابات 29 حزبًا سياسيًا، ويبلغ مجموع المرشحين 4506 مرشحًا، بينهم 1422 امرأة، يتنافسون للفوز بـ630 مقعدًا في البرلمان.
على الرغم من تصدر كتلة ميرتس لنتائج استطلاعات الرأي، إلا أنه من غير المرجح أن تفوز بالأغلبية، في ظل المشهد السياسي المجزّأ في ألمانيا، ولذلك ستجد هذه الكتلة نفسها مجبرة، حسب "رويترز"، على: "سبر أغوار شركائها المحتملين".
ومن المتوقع، حسب "رويترز"، أن تكون مفاوضات تشكيل الائتلاف الحكومي صعبة، بعد حملةٍ كشفت عن انقسامات حادة بشأن الهجرة وكيفية التعامل مع "حزب البديل من أجل ألمانيا".
وقد يؤدي هذا الانقسام، حسب "رويترز"، إلى ترك المستشار - غير الشعبي - أولاف شولتس في دور القائم بالأعمال لعدة أشهر. ولهذا الأمر تكلفته بالتأكيد، حيث سيعطّل السياسات والإجراءات المطلوبة بشكل عاجل "لإحياء أكبر اقتصاد في أوروبا بعد عامين متتاليين من الانكماش".
كما أن هذا السيناريو - إن حدث - من شأنه أن يخلق فراغًا قياديًا في قلب أوروبا التي تتعامل ككتلة مع مجموعة من التحديات، بما في ذلك تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بحرب تجارية ومحاولات التعجيل باتفاق وقف إطلاق النار في أوكرانيا دون تدخّل أوروبي.
ضغط مستويات المعيشة
وكشفت نتائج استطلاع رأي أجرته مؤسسة "جالوب"، أنّ الألمان باتوا أكثر تشاؤمًا بشأن مستويات معيشتهم الآن، مقارنةً بأي وقت مضى، منذ الأزمة المالية في عام 2008. كما تشير نتاج تلك الاستطلاعات إلى انخفاض نسبة القائلين بأنّ وضعهم يتحسن بشكل جيد من 42% في عام 2023 إلى 27% في عام 2024.
في ذات السياق، لوحظ أيضًا تصلّب المواقف تجاه الهجرة، في تحولٍ عميق، حسب "رويترز"، في المشاعر العامة الألمانية، منذ ثقافة "الترحيب باللاجئين" خلال أزمة المهاجرين في أوروبا عام 2015.
يشار إلى أنّ انتخابات اليوم جاءت عقب انهيار ائتلاف شولتس في تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، بعد خلاف حول الإنفاق في الميزانية. وكان ائتلاف شولتس مكونًا من الحزب الديمقراطي الاجتماعي من يسار الوسط، وحزب الخضر وحزب الديمقراطيين الأحرار المؤيدين للسوق. ومع انهيار الائتلاف الحاكم، وجد المستشار أولاف شولتس نفسه مجبرًا على الإعلان عن انتخابات مبكرة.
الهجرة
أخذ موضوع الهجرة غير النظامية حيزًا كبيرًا من نقاشات الحملة الانتخابية، وقد وصلت تلك النقاشات في بعض الحالات إلى مواجهات شرسة، في ظل ارتفاع أصوات الذين يدّعون بأنّ الهجرة غير النظامية خرجت عن السيطرة، وبات ضروريًا وضع حدٍّ لها. وغذّت هذه التوجهات، سلسلة هجمات كان الجناة المشتبه بهم فيها إما مهاجرون أو من أصول مهاجرين.
وكان من الأمور المفاجئة في الحملة الانتخابية، مستوى الدعم الذي حرص أعضاء في إدارة ترامب على إظهاره لصالح "حزب البديل من أجل ألمانيا" المناهض للمهاجرين، وتتم الإشارة ههنا بشكل رئيسي لنائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس والملياردير الأميركي إيلون ماسك اللذين حرصا على دعم "حزب البديل"، في مقابل انتقاداتهما المستمرة للزعماء الأوروبيين الحاليين.
ويبدو أنّ "حزب البديل"، سيكون أكبر المستفيدين من هذا السياق السياسي والاجتماعي، حيث منحته نتائج الاستطلاعات المركز الثالث، مع أنه حزب مغمور سياسيًا، لا يتجاوز عمره 12 عامًا.
نقلت وكالة "رويترز" للأنباء عن لودميلا بالهورن، وهي محاسبة متقاعدة في برلين تبلغ من العمر 76 عامًا، وتخطط للتصويت لصالح "حزب البديل لألمانيا"، قولها: "أنا أشعر بخيبة أمل شديدة في السياسة، لذا ربما يكون حزب البديل أفضل"، مضيفةً أنها "تكافح من أجل العيش على معاشها التقاعدي الذي يبلغ 800 يورو، في ظل ارتفاع الإيجارات وجميع السلع الأخرى".
ومع ذلك، ترى "رويترز"، أنه من غير المرجّح أن "يحكم حزب البديل ألمانيا في الوقت الحالي، إذْ استبعدت جميع الأحزاب الرئيسية العمل معه"، إلّا أنّ محللين آخرين يرون أنّ النتيجة الكبيرة التي سيحققها "حزب البديل" في الوقت الحالي، قد تكون تمهيدًا لفوز منتظر في انتخابات عام 2029.