1. سياسة
  2. حقوق وحريات

انسحاب أثار جدلًا.. تونس تنهي اختصاص المحكمة الإفريقية بعد حكم لصالح القضاة المفصولين

21 يمشي 2025
مقر المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في أروشا بتنزانيا (AFP)
الترا صوتالترا صوت

أثار قرار السلطات التونسية بسحب الاعتراف باختصاص المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في تلقي العرائض من الأفراد والمنظمات غير الحكومية، موجة واسعة من الانتقادات في الأوساط الحقوقية والمدنية.

فقد عبّرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، في بيان رسمي، عن "صدمتها" من القرار الذي تم توقيعه بتاريخ 3 أذار/مارس 2025، دون أي إعلان رسمي سابق، معتبرة أن الخطوة اتسمت بـ"السرية والمباغتة"، وأن اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب لم تُبلغ به إلا في 7 أذار/مارس.

شددت الرابطة على أن المحكمة الإفريقية، كإحدى آليات الاتحاد الإفريقي، تتيح للأفراد والمنظمات سبل التقاضي أمام جهة مستقلة، بعد استنفاد الآليات الوطنية

واعتبرت الرابطة، بصفتها منظمة معترف بها لدى اللجنة الإفريقية، أن هذا القرار يشكل تراجعًا خطيرًا عن التزامات تونس القارية والدولية، كما يُضعف من آليات الحماية القانونية لحقوق الإنسان ويحد من قدرة الضحايا والمنظمات على التظلم أمام هيئات مستقلة.

مخاوف من تراجع في الضمانات القضائية

في سياق البيان، شددت الرابطة على أن المحكمة الإفريقية، كإحدى آليات الاتحاد الإفريقي، تتيح للأفراد والمنظمات سبل التقاضي أمام جهة مستقلة، بعد استنفاد الآليات الوطنية، ما يجعل قرار تونس انسحابًا فعليًا من إحدى أهم أدوات مواجهة الإفلات من العقاب وضمان الإنصاف.

ودعت الرابطة السلطات التونسية إلى مراجعة موقفها والعدول عن القرار، احترامًا لتعهداتها المنصوص عليها في الميثاق الإفريقي، الذي صادقت عليه تونس سنة 1983، وفي بروتوكول المحكمة المصادق عليه في 2007، والذي تم بموجبه تقديم الإعلان الاختياري في 2017 لتفعيل المادة 34 فقرة 6.

سياق سياسي متوتر وأحكام قضائية مثيرة للجدل

أكدت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أن قرار سحب الاعتراف باختصاص المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب لا يمكن فصله عن حالة التوتر المتصاعدة بين الدولة التونسية وهذه الهيئة القضائية، على خلفية سلسلة من الأحكام التي أصدرتها المحكمة خلال السنوات الأخيرة، والتي لم تحظ بأي تجاوب رسمي، بل جوبهت بالتجاهل أو بالرفض الضمني من قبل السلطات. ومن بين أبرز هذه الأحكام: قرار المحكمة في أيلول/سبتمبر 2022 ببطلان الأمر الرئاسي عدد 117 وعدد من المراسيم التي رأت فيها تقييدًا للحقوق السياسية ومخالفة للمادة 13 من الميثاق الإفريقي؛ ثم إصدارها في أيلول/سبتمبر 2023 تدابير استعجالية لصالح عدد من المساجين السياسيين لضمان سلامتهم وحقوقهم؛ وأخيرًا مطالبتها في تشرين الأول/أكتوبر 2024 بإلغاء قرار العزل الجماعي لـ57 قاضيًا، واعتباره انتهاكًا صارخًا لمبدأ استقلال القضاء.

دعوة للتراجع والتنسيق الحقوقي الدولي

وختمت الرابطة بيانها بدعوة المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية إلى اتخاذ موقف مشترك رافض للقرار، والعمل من أجل الحفاظ على مكتسبات تونس الحقوقية والدستورية. كما دعت الاتحاد الإفريقي واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان إلى مطالبة تونس باحترام التزاماتها، وعدم تحويل حقوق الإنسان إلى ملف خاضع للمناورات السياسية.

هروب من المواجهة

من جهته، اعتبر المحامي إبراهيم بالغيث أن قرار سحب الاعتراف باختصاص المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان "ليس مفاجئًا، بل يعكس منطق النظام القائم في تونس"، مشيرًا إلى أن هذا التصرف يأتي نتيجة "عجزه عن إثبات براءته من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في أكثر من قضية نظرت فيها المحكمة، والتي كشفت ممارسات قيس سعيّد وانقلابه من خلال تطبيق القانون، فلم يبقَ له سوى الهروب من المواجهة، والتصرف كميليشيا لا كسلطة مسؤولة".

وأضاف بالغيث أن هذا القرار لا يُنفذ فعليًا إلا بعد مرور سنة من تاريخ إبلاغه، كما هو معمول به في اجتهاد المحكمة الإفريقية، داعيًا جميع من انتهكت حقوقهم، ويتوفّر فيهم شرط الاختصاص والمقبولية، إلى المسارعة في رفع قضايا ضد النظام أمام المحكمة خلال هذه المهلة، "لمواصلة فضح الانتهاكات وتوسيع دائرة التوثيق الحقوقي والقانوني قبل فوات الأوان".

تراجع خطير

بدوره، رأى الناشط السياسي عبد الوهاب الهاني أن هذا الانسحاب يمثل "تراجعًا خطيرًا عن الالتزامات الدولية لتونس وعودة مشينة إلى الوراء"، وأضاف أن هذا القرار يحرم التونسيين من حق التقاضي الإقليمي والدولي أمام المحكمة الإفريقية.

وكانت تونس قد أعلنت مؤخرًا سحب اعترافها باختصاص المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في قبول العرائض المقدمة من الأفراد والمنظمات غير الحكومية. هذا القرار يعني أن المواطنين التونسيين والمنظمات غير الحكومية المحلية لن يكون بإمكانهم بعد الآن اللجوء مباشرة إلى هذه المحكمة للتظلم بشأن انتهاكات حقوق الإنسان. ​

من جهتها، عبّرت الناشطة الحقوقية غفران بينوس، في منشور على صفحتها في فيسبوك، عن رفضها لقرار انسحاب تونس من المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، معتبرة أن "نظام قيس سعيّد قرر الانسحاب لأنه فُضح في أكثر من قضية، وكانت أحكام المحكمة كلها ضد سياساته القمعية، فاختار الهروب والعودة بالبلاد إلى الوراء"، وأضافت أن هذا القرار "يُغلق الباب أمام الضحايا الذين كانوا يرون في المحكمة الإفريقية آخر ملاذ ضد الظلم".

قرار دون إعلان رسمي

يُذكر أن هذا القرار جاء عبر مراسلة وجهها وزير الخارجية التونسي، من خلال البعثة الدائمة لتونس لدى الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا، إلى رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي. ولم يتم الإعلان عن هذا القرار بشكل رسمي من قبل السلطات التونسية، مما أثار تساؤلات حول شفافية العملية. ​

وكانت المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب قد أصدرت في 3 تشرين الأول/أكتوبر 2024 أمرًا استعجاليًا للسلطات التونسية بإيقاف العمل بالمرسوم عدد 35 والأمر عدد 516، وإعادة القضاة الذين تم إعفاؤهم إلى مناصبهم. هذا القرار جاء على خلفية قضية رفعها المحامي إبراهيم بلغيث نيابة عن القضاة حمادي الرحماني، سامي بن هويدي، مكرم حسونة، وخيرة بن خليفة ضد الدولة التونسية.

كلمات مفتاحية

في حملة قمع مؤيدي فلسطين.. اعتقال محمود خليل تمّ بلا مذكرة وبانتهاك قانوني

أفاد موقع "أكسيوس" الأميركي أن الطالب محمود خليل، أحد أبرز قادة احتجاجات جامعة كولومبيا المناصرة لغزة، تم اعتقاله دون مذكرة توقيف قضائية، في انتهاكٍ صريح للإجراءات القانونية

الأمم المتحدة: أحكام "قضية التآمر" في تونس نكسة للعدالة ومسار الديمقراطية

اعتبرت الأمم المتحدة أن الأحكام الصادرة بحق المتهمين في ما يعرف بـ"قضية التآمر على أمن الدولة" في تونس، تمثل انتكاسة خطيرة لمسار العدالة وسيادة القانون

المرصد الأورومتوسطي: إسرائيل تُشرعن التهجير الجماعي في غزة

إسرائيل تمضي قدمًا في تنفيذ المرحلة النهائية من جريمتها وهدفها الأصلي؛ وهو الطرد الجماعي للفلسطينيين خارج قطاع غزة

TEST TEST TEST

test test final

image

test 3

سياق متصل

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة