بالتزامن مع قمة السلام في سويسرا.. بوتين يضع شروط إنهاء الحرب وكييف ترفضها
15 يونيو 2024
ربَط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقفَ إطلاق النار وبدءَ محادثاتِ السلام مع أوكرانيا بتخلي الأخيرة عن طموحاتها بالانضمام إلى حلف الناتو من جهةٍ، والتنازل عن 4 مناطق تطالب بها روسيا في أوكرانيا من جهةٍ ثانية.
ورفضت كييف بشدّةٍ شروط روسيا، واصفةً مطالب بوتين بأنها منافية للمنطق وبمثابة شروط استسلامٍ ليس واردًا، في ظلّ ما يعانيه الجيش الروسي من خسائر يومية. وبدورها علّقت واشنطن على شروط الكريملين بالقول إن بوتين ليس بإمكانه أن يملي شروط السلام على كييف.
وتستبق هذه التصريحات القمة المنعقدة اليوم السبت 15 حزيران/يونيو في سويسرا، والمخصصة لبحث فرص السلام في أوكرانيا بمشاركة وفودٍ من 90 دولة.
شروط موسكو
لم يفوت الرئيس الروسي الفرصة لتمرير رسائله إلى المجتمعين في قمة السلام في سويسرا، حيث عدّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اجتماعٍ مع كوادر وزارة الخارجية الروسية شروطه لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، وعلى رأس تلك الشروط، "سحب كييف قواتها بشكلٍ فعليٍمن 4 مناطق هي: دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزاباروجيا"، فيما يتمثل الشرط الثاني بإعلان أوكرانيا رسميًا عن "تخلّيها عن مشروع الانضمام لحلف شمال الأطلسي الناتو"، فبمجرّد قيام كييف بهذين الأمرين قال بوتين إنه "سيصدر فورًا أمرًا لوقف إطلاق النار وبدء المفاوضات، وسنضمن في الوقت ذاته انسحابًا سلسًا وآمنًا للوحدات والتجمعات العسكرية الأوكرانية".
لا يبدو أي طرفٍ من أطراف الصراع قادرًا على حسم الحرب لصالحه، الأمر الذي يعزّز من فرص وحظوظ مبادرات الحل السلمي التي تتوزّع بين تركيا والصين وقطر والسعودية وسويسرا
وتعدّ شروط بوتين هذه، حسب بعض المراقبين، تشويشًا على محادثات السلام، بل قطعًا للطريق أمامها، فبوتين حسب هؤلاء لم يخف وجهة نظره السلبية حيال القمة عندما قال إنها "خدعةٌ لتشتيت انتباه الجميع".
رفضٌ أوكراني
لم يتأخّر ردّ كييف على الشروط التي أعلنها بوتين لوقف إطلاق النار، فقد علّق عليها ميخائيلو بودولياك مستشار الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي، قائلًا "إن الشروط التي أعلنها بوتين لبدء مفاوضات سلام منافيةٌ للمنطق ومهزلةٌ بالكامل"، وأضاف مستشار الرئيس الأوكراني: "نقول مرةً أخرى إنه يجب التخلي عن هذه الأوهام والتوقف عن التعامل مع اقتراحات روسيا بجديةٍ"، مؤكّدًا في ذات السياق على أن شروط بوتين بمثابة مقترحٍ "تعترف بموجبه أوكرانيا بالهزيمة وتتنازل عن سيادتها". مردفًا القول: "لا توجد إمكانيةٌ للتوصل إلى حلٍّ وسطٍ على أساس ما اقترحه بوتين".
تعزيزٌ غربيّ لموقف كييف
عزّز حلفاء أوكرانيا موقفا الرافض لإملاءات بوتين، وجاء التعزيز الأول من واشنطن على لسان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الذي أكّد من العاصمة البلجيكية بروكسل أنّ بوتين لا يمكنه أن "يملي شروط السلام على أوكرانيا".
وأضاف أوستن في مؤتمرٍ صحفيٍّ بعد اجتماعٍ لوزراء دفاع حلف شمال الأطلسي، إن بوتين ليس "في وضعٍ يسمح له بأن يملي على أوكرانيا ما يجب عليها فعله لتحقيق السلام، هذا بالضبط نوع السلوك الذي لا نريد رؤيته".
بدورها شدّدت برلين على ضرورة ألّا يُسمح لبوتين بإرهاب الدول الغربية بواسطة التهديدات التي يلوح بها بين الفينة والأخرى، وآخرها التهديد النووي، ودعت ألمانيا الدول الغربية على لسان وزير دفاعها بوريس بيستوريوس إلى "اتخاذ موقفٍ واضحٍ"، وقال بيستوريوس على هامش اجتماع وزراء دفاع حلف الناتو في بروكسل إنه "يجب ألا ندع كل تصريحٍ يدلي به يرهبنا. علينا أن نسير في مسارنا، وعلينا أن نضمن الردع لدينا".
ولفت بيستوريوس الانتباه إلى أن بوتين يفعل كل يوم شيئًا مختلفا، وتلك هي "طريقته في شن هذه الحرب الهجينة"، موضحا أن بوتين "يهدد في بعض الأحيان، ويقدم إغراءاتٍ أحيانًا، وأحيانًا يبدو مرتبكًا، وأحيانًا أخرى عدوانيًا، وعلينا أن نعتاد على تصرفاته بهذه الطريقة ونتعامل مع ذلك".
يشار في هذا السياق إلى أنّ الرئيس الروسي كرّر أكثر من مرة أنّ الأسلحة النووية الروسية "لا تقهر"، لكنه استبعد مؤخرًا "توجيه ضربةٍ نوويةٍ في الصراع مع الغرب بشأن أوكرانيا". وربط بوتين اللجوء للأسلحة النووية في المواقف القصوى فقط، وجاء حديثه هذا الأخير خلال منتدًى اقتصاديٍ دوليٍ في مدينة سان بطرسبورغ الأسبوع الماضي.
انعقاد مؤتمر السلام حول أوكرانيا بغياب روسيا
انطلقت في منتجع يورغنشتوك في وسط سويسرا فعاليات مؤتمر السلام حول أوكرانيا، بمشاركة وفودٍ من 90 دولة من أصل 160 دولة وجهت إليها دعوات المشاركة، حيث امتنعت دولٌ من بينها الصين والسعودية من المشاركة في مؤتمرٍ يستثني روسيا، ولذات السبب قررت دولٌ أخرى خفض مستوى تمثيلها إلى الحد الأدنى على غرار البرازيل وجنوب إفريقيا.
ويهدف المؤتمر حسب المنظمين له إلى وضع الأسس لجهود دوليةٍ متعددة المراحل لإنهاء الصراع، وفي هذا الصدد أعلنت الحكومة السويسرية بشكلٍ صريحٍ أنّ "الهدف الشامل للقمة هو تمهيد الطريق لعملية سلام مستقبلية".
وتعترف الحكومة السويسرية بصعوبة مهمتها، وشبه وزير خارجيتها انياتسيو كاسيس المهمة التي تنتظرهم ب"عملية تسلّق جبل"، مضيفًا في مؤتمرٍ صحفيٍ الإثنيْن الماضي: "لا يوجد شيءٌ أكثر غموضًا من عقد قمةٍ حول السلام، خاصةً عندما تكون الأطراف المعنية لا تزال نشطة عسكريا”.
وبحسب وكالة رويترز فقد قررت سويسرا تقسيم المهمة إلى موضوعاتٍ محددةٍ. وستتناول المحادثات مخاوف عالمية بشأن الخطر الذي يهدّد محطات الطاقة النووية في منطقة النزاع، والحفاظ على صادرات الحبوب الأوكرانية إلى العالم، والخسائر الإنسانية الناجمة عن القتال.
وأوضح وزير الخارجية السويسري أنه تم اختيار هذه المواضيع لأنه سبق أن طرحتها بالفعل بشكلٍ مستقلٍ العديد من البلدان. مردفًا القول: "إذا تمكنا من إيجاد حلولٍ لهذه النقاط، فإن هذه الخطوة الصغيرة ستمنحنا الثقة لاتخاذ خطوةٍ ثانيةٍ". ويراهن المؤتمر في نجاحه على تمكّنه، وفق رويترز، "من إصدار إعلان اتفاقٍ مشتركٍ في ختام أشغاله" الأحد.