بسبب الاعتداءات على المعتصمين المؤيدين لفلسطين.. دعوى قضائية ضد إدارة جامعة كاليفورنيا
22 يمشي 2025
رفعت مجموعة تضم 35 شخصًا من الطلبة والأساتذة والصحفيين والنشطاء المؤيدين لفلسطين، دعوى قضائية ضد جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس (UCLA)، تتهمها بالإخفاق في حماية المتظاهرين السلميين خلال احتجاجات العام الماضي ضد الحرب الإسرائيلية على غزة.
وتأتي هذه الدعوى، التي قُدمت الخميس الماضي إلى محكمة لوس أنجلوس، في وقت حسّاس، وبعد أيام فقط من انضمام إدارة ترامب إلى دعوى أخرى رفعها طلاب يهود وأستاذ يهودي ضد الجامعة، يتهمونها فيها بعدم حماية المجتمع اليهودي من النشطاء المؤيدين لفلسطين.
جاء في الدعوى أن هناك انحياز منهجي ضد المؤيدين للفلسطينيين في جامعة كاليفورنيا
غياب أمني وهجوم عنيف على المعتصمين
وكانت مظاهرات جامعة كاليفورنيا جزءًا من موجة احتجاجات اجتاحت الجامعات الأميركية في ربيع العام الماضي، تنديدًا بالحرب في غزة. وتصاعدت التوترات بشكل حاد في 30 نيسان/أبريل 2024 عندما قام مجموعة من الأشخاص، بعضهم ملثمون وآخرون ملفوفون بالأعلام الإسرائيلية ومسلحون بالألعاب النارية والمطارق والعصيّ، بمهاجمة مخيم مؤيد لفلسطين داخل الحرم الجامعي، وسط غياب تام للشرطة وانسحاب عناصر الأمن الخاص.
#فيديو | احتجاجات طلبة الجامعات الأميركية تتصاعد وتتسع رقعتها تضامنًا مع #غزة.. ماذا يريدون؟ وكيف جابهتهم إدارات الجامعات والشرطة؟ pic.twitter.com/m4Wmm7deC4
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) April 25, 2024
وأفادت الدعوى بأن عشرات المحتجين أصيبوا خلال الهجوم الذي وصفته بـ"الوحشي"، مشيرة إلى أن الإدارة الجامعية لم تتدخل لحماية المتظاهرين رغم وضوح الخطر. وجاء في نص الدعوى أن المعتصمين داخل المخيم تعرّضوا لعنف شديد، شمل الضرب بالعصيّ والألواح المعدنية، والتهديد المباشر، ما أسفر عن إصابة عدد منهم بجروح ونزيف وارتجاجات، وسط صرخات الألم والخوف. كما أقدم المهاجمون على إلقاء عبوات حارقة داخل مخيم الاعتصام السلمي."
وقال محامي المدّعين، توماس هارفي: "لقد استمرت هذه الوحشية لأكثر من أربع ساعات دون أي تدخل، فيما وقف عناصر الأمن الخاص في جامعة كاليفورنيا على بعد أقدام ولم يفعلوا شيئًا لحماية الطلاب وأعضاء الهيئة التدريسية وأفراد مجتمع الجامعة الذين كانوا يحتجون على الإبادة الجماعية في غزة".
تواطؤ من قبل سلطات انفاذ القانون ضد الطلاب المعتصمين
كما تشمل الدعوى القضائية، إلى جانب إدارة الجامعة، شرطة لوس أنجلوس (LAPD) ، ودوريات الطرق السريعة في كاليفورنيا (CHP)، و20 شخصًا وُصفوا بأنهم من المهاجمين، وطالبت بتعويضات مالية عن الأضرار الجسدية والنفسية التي لحقت بالضحايا.
ففي 1 أيار/مايو 2024، أي بعد يوم من الاعتداء على المعتصمين، طلبت جامعة كاليفورنيا من شرطة لوس أنجلوس ودوريات الطرق السريعة في كاليفورنيا، إزالة المخيم بالقوة وتفريق الطلاب الذين يعبّرون عن آرائهم المؤيدة لفلسطين، وبحسب الدعوى، قام الضباط بإلقاء قنابل صوتية، وإطلاق مقذوفات على وجوه المتظاهرين، وضربهم وطرحهم أرضًا، واعتقال أكثر من 200 شخص، رغم أن المتظاهرين كانوا لا يزالون يتلقون العلاج من الإصابات التي سببتها هجمات المعتدين على مخيم الاعتصام.
"تم استدعاء مصطلحات من زمن الحرب الباردة، من أجل وسم الطلبة بها، إذ ظهرت أوصاف "العمالة للخارج" و"إرهاب في الجامعات"، وأصبحت مفردات مستخدمة من قبل المستوى السياسي والإعلامي في الولايات المتحدة الأميركية. pic.twitter.com/E0lpBQCQPh
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) May 4, 2024
شهادات الضحايا
وجاء في الدعوى أن هناك انحياز منهجي ضد المؤيدين للفلسطينيين في جامعة كاليفورنيا.وتشمل قائمة المدّعين طلابًا وأساتذة ومراقبين قانونيين وصحفيين وأفرادًا من المجتمع الداعم للاعتصام. ومن بين المدّعين طالبة فلسطينية لم يُكشف عن اسمها، قالت إن المعتدين على مخيم الاعتصام هددوها بالاغتصاب، ورشوها بمواد كيميائية، مما ذكّرها بمشاهد من طفولتها عندما كان مستوطنون صهاينة يقتحمون منازل الفلسطينيين بينما يقف الجيش الإسرائيلي متفرجًا أو حتى مسهّلًا معهم، كما ورد في نص الدعوى.
أما بنيامين مور يوسيف، وهو طالب جامعي يهودي أميركي وأحد المدّعين، فقال إنه تعرّض للضرب والتقييد بالأصفاد البلاستيكية بعنف من قبل الشرطة خلال التجمع، رغم أن الضباط لم يطلبوا تفريق التجمع. كما قال طالب آخر من أصول فلسطينية أميركية إنه تعرّض لاستخدام مفرط للقوة وأصيب بإصابات في الكتف أثناء احتجازه في اليوم نفسه.
مور يوسيف، وهو طالب في السنة الرابعة قسم اللغة الإنجليزية، انتقد الجامعة خلال مؤتمر صحفي يوم الخميس، قائلًا: "الجامعة تسكت الأصوات اليهودية المنتقدة لإسرائيل عبر منعها من النقاش"، مضيفًا: "أعاني من ضغط نفسي شديد في إنهاء دراستي بسبب الخوف من التعرض لعقوبات إضافية فقط لممارستي حقي في حرية التعبير وفق التعديل الأول".
وقالت أفنان خواجة، وهي طالبة ومدّعية تخرّجت مؤخرًا، إن "جامعة كاليفورنيا تخلّت عنا وسط الفوضى خلال هجمات المعتدين"، وأضافت للصحفيين: "ثم توقعوا منا العودة إلى الصفوف الدراسية، وكأن الصدمة يمكن محوها بالواجبات والمقررات"، وتساءلت: ما قيمة حرية التعبير إذا لم يكن بإمكان الطلاب التعبير عن آرائهم؟
وقد ثقت صحيفتا "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز" كيف سمحت سلطات إنفاذ القانون بساعات من العنف غير المراقب ضد المتظاهرين المؤيدين لفلسطين الذين أقاموا، مع ناشطين جامعيين آخرين في جميع أنحاء الولايات المتحدة، مخيمات تضامن مع غزة.
وفي أعقاب الأحداث، أُقيل رئيس أمن الجامعة، وتم إنشاء مكتب جديد للسلامة الجامعية. ورغم ذلك، تم منع محاولة لاحقة لإعادة نصب المخيم.
رغم فض اعتصام طلاب جامعة كولومبيا قبل أيام، إلا أن حركة الاحتجاجات الطلابية لا تزال مستمرة في مختلف الجامعات الأميركية.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) May 5, 2024
اقرأ أكثر: https://t.co/XKjNFuaYtH pic.twitter.com/JDkclapBvU
دعوى مضادة
تجدر الإشارة إلى أن هذه الدعوى تأتي في وقت تتعرض فيه جامعات أميركية عدة، من بينها كولومبيا وبيركلي، لتحقيقات فدرالية بتهم تتعلق بـ"معاداة السامية"، وهو ما يعكس اتساع الجدل داخل الأوساط الأكاديمية الأميركية حول حرية التعبير وحقوق الطلاب في التظاهر.
وفي قضية موازية، سبق أن رفع ثلاثة طلاب يهود وأستاذ جامعي دعوى ضد إدارة جامعة كاليفورنيا في حزيران/يونيو 2023، قالوا فيها إن المحتجين المؤيدين لفلسطين منعوهم من الوصول إلى قاعات الدروس، ما اعتبروه تمييزًا دينيًا. وفي حينها، أمر قاضٍ فدرالي الجامعة بعدم السماح بأي تقييد لحرية تنقل الطلبة داخل الحرم.
تواطؤ إدارة ترامب
وتواجه جامعة كاليفورنيا تحقيقًا من قبل وزارة العدل الأميركية بشأن مزاعم بالتمييز يتعلق بـ"معاداة السامية" بعد المظاهرات ضد الحرب الإسرائيلية على غزة التي جرت في الحرم الجامعي العام الماضي.
وهذا الأسبوع، قدمت إدارة ترامب مذكرة دعم قانونية لصالح الطلاب اليهود، وجاء في تصريح لمحاميهم مارك رينزي: "وزارة العدل تقولها صراحةً: إذا ساندت إدارات الجامعات التمييز ضد اليهود، فستدفع الثمن... هذه رسالة إنذار لكل جامعة تسمح لمعاداة السامية بالانتشار دون رادع".
وتتفاعل هذه القضايا في ظل تصاعد الاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة، وتزايد الضغط على الجامعات لإيجاد توازن بين حماية حرية التعبير وضمان أمن جميع الطلاب دون تمييز.