بسبب الانسحابات.. شبح التفكك يهدد "إيكواس"
1 يناير 2025
تتعرض المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" لاختبار عسير، مع اقتراب موعد سريان قرار انسحاب كلّ من مالي وبوركينا فاسو والنيجر منها (29 كانون الثاني/يناير الجاري).
فحتى لا يخسر تكتّل إيكواس عضوية هذه الدول الثلاث المهمة اقتصاديًا وأمنيًا، قد يجد نفسه مضطرًّا إلى الاعتراف بالسلطات الانقلابية فيها، ورفع العقوبات التي فرضها على تلك السلطات لانقلابها على الديمقراطية في البلدان المذكورة، وحينها يُصبح التجمع مهدّدًا بفقدان مصداقيته كنادٍ "للديمقراطيات الإفريقية الناشئة"، خاصةً أنه نجح ـ ولو نسبيًا ـ في إرغام المجلس العسكري في غينيا كوناكري على تسيير فترة انتقالية لعام واحد، تفضي إلى العودة للنظام الدستوري، بتنظيم انتخابات كان من المفترض أن يتم تنظيمها نهاية كانون الأول/ديسمبر المنصرم، وتسبب تأجيلها في إعلان المعارضة نيتها النزول للشارع في السادس من كانون الثاني/يناير الجاري، الأمر الذي دفع الرئيس الانتقالي لغينيا كوناكري مامادي دومبويا أمس الأربعاء إلى إعلان أنّ عام 2025 سيكون "عامًا انتخابيًا حاسمًا وسيتم فيه استكمال مسار العودة للنظام الدستوري".
مع اقتراب موعد سريان قرار انسحاب مالي وبوركينا فاسو والنيجر من إيكواس، عرض الرئيس السنغالي ديوماي فاي كانون الأول/ديسمبر المنصرم وساطةً لثني تلك الدول عن قرارها، وتفاعلًا مع الوساطة التي أعلنها الرئيس السنغالي قررت قمة إيكواس المنعقدة في أبوجا تمديد مهلة الانسحاب أمام الدول الثلاث بستة أشهر إلى نهاية تموز/يوليو المقبل 2025، معتبرةً أنها بمثابة فترة انتقالية، فيما لم تعبّر الدول الثلاث المعنية عن أي تنازل.
أسّست الدول الثلاث المنسحبة من إيكواس إطارًا كونفدراليًا تحت اسم تحالف دول الساحل
وكانت إيكواس قد طلبت من الرئيس السنغالي "مواصلة التفاوض بحثا عن حلول ترضي الجميع وتحول دون تفكك المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا"، مع العلم أن الرئيس السنغالي الشاب يحتفظ هو الآخر بمواقف نقدية إزاء "إيكواس" التي يرى أنها "تعاني من مشاكل بنيوية، ولا بد من خطوات جادة لإصلاحها كي تساير التكتلات المهمة بالعالم"، كما يشاطر الرئيس السنغالي الدول المنسحبة وجهة نظرها بشأن الوجود العسكري الفرنسي في بلدان المنطقة، إذ أعلن مؤخرًا أن عام 2025 سيشهد مغادرة القوات الأجنبية لبلاده (السنغال).
وتنقل وكالة الأناضول عن باحث في الشؤون الإفريقية، قوله "إنّ العلاقة بين الدول الثلاث وإيكواس معقدة، في ظل صعوبة تحقيق توافقات بخصوص إعادة الحكم المدني في هذه الدول من عدمها"، مضيفًا أن تلك الدول (مالي وبوركينا فاسو والنيجر) التي شكلت كونفدرالية تحالف دول الساحل أيلول/سبتمبر 2023 لحماية نفسها من أي تدخل عسكري لقوات إيكواس "فرضت نفسها بديلا أفضل في تحقيق أهداف جريئة لم تستطع إيكواس تحقيقها، مثل الإعداد لجواز سفر وعملة موحدين والتنسيق العسكري".
يشار إلى أن دول تحالف الساحل أعلنت في بيان مشترك كانون الثاني/يناير 2024 انسحابها من "إيكواس"، مبررة قرارها بـ"الافتقار إلى الدعم الملموس من إيكواس في الحرب ضد الإرهاب، وفرض عقوبات على السلطات المالية، "، معتبرةً أن إيكواس "انحرفت بذلك عن أهدافها الأصلية، المتمثلة في التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي والتكامل الثقافي"، مضيفةً أنها "تخضع الآن للتلاعب من جانب قوى خارجية"، وفق البيان
تجدر الإشارة إلى أنه تم الإعلان عن تأسيس إيكواس في 28 أيار/مايو من عام 1975بمدينة لاغوس في نيجيريا، لتضم 15 دولة إفريقية هي: (بنين وبوركينا فاسو والرأس الأخضر وكوت ديفوار وغامبيا وغانا وغينيا وغينيا بيساو وليبيريا ومالي والنيجر ونيجيريا والسنغال وسيراليون وتوغو).
وكان الهدف من تأسيسها "تعزيز التكامل الاقتصادي والتعاون بين دول غرب القارة السمراء"، لكن العلاقات بين التكتل ودول مالي وبوركينا فاسو والنيجر، توترت بعدما طالبت إيكواس بالعودة إلى الحكم المدني إثر انقلابات عسكرية في مالي عام 2020، وبوركينا فاسو في 2022، والنيجر 2023.