بعد أكثر من عقدين على عملية "السور الواقي".. إسرائيل لا تزال عالقة في دوامة العنف والاحتلال
24 فبراير 2025
كشفت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها عن واقع صادم بشأن السياسات الإسرائيلية في الضفة الغربية، مؤكدةً أن ما تهدد به حكومة الاحتلال في غزة يجري تطبيقه بالفعل في الضفة الغربية.
وذكرت الصحيفة أن وزير الأمن الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، أعلن صراحةً أن الجيش ينفذ عمليات تهدف إلى إخلاء سكان مخيمات اللاجئين، كاشفًا عن إصدار أوامر تمنع عودة 40 ألف فلسطيني من مخيمات جنين، طولكرم، ونور شمس لمدة لا تقل عن عام.
تشير الافتتاحية إلى أن الجيش لم يكتفِ بتوسيع الطرق عبر هدم المنازل، بل صعّد من عملياته بإدخال الدبابات إلى مخيم جنين لأول مرة منذ 20 عامًا
التهجير القسري وسط الإنكار الرسمي
تؤكد "هآرتس" في افتتاحيتها أن تصريحات كاتس تتناقض كليًا مع الادعاءات الرسمية لجيش الاحتلال بأنه لا يقوم بعمليات تهجير. غير أن الحقائق على الأرض تُظهر عكس ذلك؛ عشرات الآلاف من الفلسطينيين أُجبروا على مغادرة منازلهم دون أن يتمكنوا حتى من أخذ حاجياتهم الأساسية. الأطفال محرومون من الدراسة، والعائلات مشردة في ملاجئ مؤقتة.
جرافات الاحتلال تواصل تدمير البنية التحتية في قباطية جنوب جنين. pic.twitter.com/YXO4qjL96G
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) February 24, 2025
حرب استيطانية مفتوحة
تشير الافتتاحية إلى أن الجيش لم يكتفِ بتوسيع الطرق عبر هدم المنازل، بل صعّد من عملياته بإدخال الدبابات إلى مخيم جنين لأول مرة منذ 20 عامًا. هذا التصعيد جاء نتيجة حملة ضغط مكثفة من المستوطنين المتطرفين الذين دفعوا الحكومة إلى تحويل الضفة الغربية إلى "منطقة حرب"، وهو ما تحقق لهم الآن.
شهادات من الجحيم
المهجرون الذين نجوا من هذه العمليات يروون قصصًا مأساوية عن القمع والترهيب. بعضهم فرّ خوفًا من أجواء الحرب التي فرضها الاحتلال، بينما آخرون لم يكن لهم خيار سوى الخروج قسرًا من منازلهم تحت تهديد السلاح. إحدى العائلات أفادت أن الجنود اقتحموا منزلهم في منتصف الليل، ولم يمنحوهم حتى فرصة جمع مقتنياتهم، بل أجبروهم على المغادرة فورًا. شاب آخر كشف أنه لم يكتفِ الجيش بطرده، بل استُخدم كدرع بشري خلال إحدى العمليات قبل أن يُطرد من المخيم. أما المأساة الأكبر، فقد رواها رجل مسن كفيف، حيث استولى الجنود على المبنى الذي كان يسكنه، وأجبروه على البقاء محبوسًا داخل غرفة مع عائلة أخرى لمدة يومين، دون السماح لهم بالتواصل مع أي شخص من الخارج.
🎥 ناشطة فلسطينية توثق جانباً من نزوحهم من مخيم #جنين بـ #الضفة_الغربية، تزامناً مع استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي. pic.twitter.com/F058umjEN8
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 23, 2025
الاحتلال وإعادة إنتاج الفشل
تشير "هآرتس" إلى أنه منذ أكثر من عام، أصبحت المداهمات الليلية والاعتقالات والقتل جزءًا من "الروتين اليومي" في الضفة الغربية، لكن الأشهر الأخيرة شهدت تصعيدًا غير مسبوق، مدفوعًا بضغوط المستوطنين المتطرفين الذين يسعون لفرض الأمر الواقع. يبدو أن هذا التصعيد جاء "تعويضًا" لهم عن استيائهم من الاتفاق الذي أُبرم لاستعادة الأسرى الإسرائيليين، وكأن الحكومة تقدم لهم عمليات التهجير كهدية سياسية.
وبدلًا من البحث عن حلول سياسية جذرية للصراع، تواصل إسرائيل الاعتماد على القوة كأسلوب وحيد لإدارة الموقف، متجاهلةً أي أفق لحل سياسي. وبعد 23 عامًا من عملية "السور الواقي"، لم يتحقق أي تغيير حقيقي، إذ لا تزال السياسات الإسرائيلية تغذي دوامة العنف، ما ينذر بمزيد من التصعيد والإدانات الدولية وسفك الدماء. بهذه الرؤية القاتمة، تختتم "هآرتس" افتتاحيتها.