بعد احتجاز رياك مشار.. مخاطر انجراف جنوب السودان نحو حرب أهلية في تزايد

بات اتفاق السلام المبرم في جنوب السودان عام 2018 معرضًا للانهيار، في ظل التفكك الذي تشهده حكومة جوبا، على خلفية الخلاف المتفاقم بين الرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه رياك مشار، والذي أدى اليوم الخميس إلى فرض الإقامة الجبرية على مشار واحتجازه في منزله، بتهمة التورط في القتال بين الجيش الحكومي والجيش الأبيض في مدينة نصير بولاية أعالي النيل. وينفي حزب الحركة الشعبية – جناح المعارضة بقيادة مشار – أي صلات مستمرة بالجيش الأبيض.

ويأتي هذا التطور، الذي تصفه الأمم المتحدة وعدة دول غربية بالخطير، بعد أسبوع من إعلان جناح المعارضة في حزب الحركة الشعبية تعليق دوره في عنصر أساسي من اتفاق السلام الموقع عام 2018. وشهدت العلاقة بين مشار وسلفاكير تدهورًا شديدًا، خاصة بعد اعتقال سلفاكير لعدة ضباط ومسؤولين محسوبين على مشار، بينهم وزير النفط ونائب قائد الجيش، ردًا على الاشتباكات مع الجيش الأبيض في بلدة نصير بولاية أعالي النيل.

ويرتبط ما يُعرف بالجيش الأبيض ارتباطًا وثيقًا بقبيلة النوير التي ينتمي إليها مشار. وأسفرت المواجهات المسلحة بين الجيش الحكومي والجيش الأبيض عن مقتل العشرات خلال الشهر الجاري، في ظل مخاوف من امتداد القتال إلى مناطق أخرى، ما قد يشعل حربًا أهلية جديدة، بعد النزاع الدموي الذي اندلع عام 2013 واستمر حتى 2018، وأودى بحياة مئات الآلاف في أحدث دولة تنال استقلالها (استقل جنوب السودان عن السودان عام 2011).

العلاقات بين مشار وسلفاكير  تعرضت لتدهور شديد مع اعتقال سلفاكير لعدة ضباط ومسؤولين محسوبين على مشار، بينهم وزير النفط ونائب قائد الجيش، ردًا على الاشتباكات مع الجيش الأبيض في بلدة نصير في ولاية أعالي النيل

وقد تنزلق الأوضاع نحو تعقيدات إقليمية أكثر، في ظلّ إمكانية تدخّل بعض القوى الإقليمية في الصراع الدائر، وتتم الإشارة هنا أساسًا إلى أوغندا (متحالفة مع سلفاكير ونشرت قوات في جوبا) والسودان وإثيوبيا.

وقد أفادت البعثة الأممية في جنوب السودان، في وقت سابق، بنشوب قتال بين القوات الموالية لسلفاكير ومشار بالقرب من العاصمة جوبا، أمس الأربعاء.

حزب الحركة الشعبية يدين اعتقال زعيمه

أصدر حزب الحركة الشعبية اليوم الخميس بيانًا قويا دان فيها "الاعتقال غير القانوني لزعيمه"، وجاء في البيان الذي نشره رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الحزب ريث موتش تانغ ما نصّه: "ندين بشدّة الإجراءات غير الدستورية التي اتّخذها اليوم وزير الدفاع ورئيس الأمن الوطني باقتحامهما، برفقة أكثر من 20 مركبة مدجّجة بالسلاح، مقرّ إقامة النائب الأول للرئيس"، مضيفًا "لقد جُرِّد حرّاسه الشخصيون من أسلحتهم، وصدرت بحقّه مذكرة توقيف بتهم غامضة".

الأمم المتحدة تحذّر

دقّت البعثة التابعة للأمم المتحدة في جنوب السودان (يونميس) ناقوس الخطر بشأن تصاعد خطاب الكراهية وحدة المواجهات بين معسكر سلفاكير وغريمه رياك مشار، محذّرةً من أن جنوب السودان بات على شفا حرب أهلية بعد توقيف مشار، ودعت البعثة الأممية الطرفين إلى ضبط النفس وتغليب المصلحة العامة والحوار على ما عداهما.

وكان رئيس البعثة الأممية في جنوب السودان نيكولاس هايسوم قد نشر بيانًا البارحة قال فيه: "في هذه الليلة، يقف قادة البلاد على شفا الانزلاق إلى صراع واسع النطاق أو المضي بالبلاد إلى الأمام نحو السلام والتعافي والديمقراطية"، معتبرًا أن الانجراف نحو التصعيد والمواجهة "لن يُدمر جنوب السودان فحسب، بل سيؤثر أيضًا على المنطقة بأكملها".

الموقف الأميركي

دعت الولايات المتحدة، اليوم الخميس، رئيس جنوب السودان سلفا كير إلى إطلاق سراح منافسه نائب الرئيس الأول ريك مشار، وقال بيان صادر عن السفارة الأميركية في جوبا "نحث الرئيس كير على التراجع عن هذا الإجراء ومنع المزيد من تصعيد الوضع"، وأضاف: "الوقت قد حان ليُظهر قادة البلاد التزامهم بالسلام".

وكانت السفارة الأميركية قد خفضت في وقت سابق عدد موظفيها إلى الحد لأدنى، وحثت الأميركيين في جنوب السودان "على التفكير في المغادرة إذا أمكن ذلك".

بدورها نصحت كندا مواطنيها في جنوب السودان بالمغادرة، فيما أغلقت النرويج أبواب سفارتها لأسباب وصفتها بالأمنية، في حين طلبت دول مثل بريطانيا وألمانيا من مواطنيها تجنب السفر إلى جنوب السودان.