بعد انتهاء مدته القانونية في إدارة ترامب.. هل يخرج إيلون ماسك من المشهد السياسي؟
3 ابريل 2025
يبدو أن إيلون ماسك قد يكون في طريقه لمغادرة الساحة السياسية في واشنطن بعد فترة مضطربة قضاها في إدارة الرئيس دونالد ترامب، حيث تولّى دورًا قياديًا في وزارة كفاءة الحكومي (DOGE).
خلال الأيام الأخيرة، أدلى ماسك بتصريحات تفيد بأنه سينهي عمله الحكومي قريبًا، وهو ما أكده ترامب بقوله: "في مرحلة ما، سيعود إلى إدارة شركاته"، مشيرًا إلى أن وزارة "الكفاءة" ستنتهي دورها.
إخفاقات سياسية وخسائر اقتصادية
يأتي هذا التطور في وقت يواجه ماسك نكسات متعددة، كان آخرها في ولاية ويسكونسن، حيث رفض الناخبون المرشح الذي دعمه للمحكمة العليا، رغم تبرعاته الشخصية التي تجاوزت 21 مليون دولار وحضوره الفعلي لحملته الانتخابية. بالإضافة إلى ذلك، يواجه ماسك تحديات كبيرة في شركة "تسلا"، حيث شهدت مبيعاتها انخفاضًا بنسبة 13 % خلال الربع الأول من العام.
لم تحدد الإدارة الأميركية جدولًا زمنيًا واضحًا لإنهاء عمل (DOGE)، ولكن الدلائل تشير إلى أن الأمر قد يتم في وقت أقرب من المتوقع
تفكيك تدريجي لـ (DOGE)
لم تحدد الإدارة الأميركية جدولًا زمنيًا واضحًا لإنهاء عمل (DOGE)، ولكن الدلائل تشير إلى أن الأمر قد يتم في وقت أقرب من المتوقع. فبعد أن كان من المفترض أن يستمر حتى 4 تموز/يوليو 2026، بدأ تفكك الوزارة عبر نقل موظفيها إلى وكالات حكومية مختلفة، بهدف تقليل التكاليف الحكومية كما وعد ماسك وترامب.
وقال الرئيس الأميركي الأسبوع الماضي: "خلال الشهرين أو الثلاثة القادمين، سنكون راضين عن الأشخاص الذين يعملون بجد ويريدون أن يكونوا جزءًا من الإدارة"، في إشارة إلى التغيرات الوشيكة في (DOGE).
📸 نجل إيلون ماسك يظهر داخل مكتب ترامب في البيت الأبيض خلال مؤتمر صحفي رسمي. pic.twitter.com/Cu2lMDokxK
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 12, 2025
نهاية دور ماسك في الإدارة؟
رغم أن خروج ماسك من وزارة الكفاءة قد يكون وشيكًا، إلا أن ترامب أكد أنه سيواصل جهوده لإعادة الهيكلة. ومع ذلك، فإن التأثير السياسي لماسك، المعروف بأسلوبه الصاخب ونهجه العدائي في إدارة الحكومة، قد يكون في تراجع، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".
كانت (DOGE) قد بدأت كمجلس استشاري مستقل بقيادة إيلون ماسك ورجل الأعمال فيفيك راماسوامي، لكن الأخير انسحب للترشح لمنصب حاكم أوهايو، ما أدى إلى دمج DOGE ضمن الجهاز الحكومي. تحت إدارة ماسك، تم تكليف أعضاء(DOGE) بمراجعة العقود الحكومية، والوصول إلى البيانات الحساسة، والضغط من أجل خفض التكاليف.
يواجه ماسك قيودًا قانونية على مدة عمله كموظف حكومي خاص، حيث لا يُسمح له بالعمل أكثر من 130 يومًا بحسب القانون الفيدرالي. وفي مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" جرت في 27 آذار/مارس الماضي، قال ماسك: "أعتقد أننا سنكون قد أنجزنا معظم العمل المطلوب لخفض العجز بمقدار تريليون دولار خلال هذه الفترة". إلا أن التقارير تشير إلى أن (DOGE) لا تزال بعيدة عن تحقيق هذا الهدف، كما تعرضت حساباتها لانتقادات بسبب التقديرات غير الدقيقة والمبالغ فيها.
ومع اقتراب تاريخ 30 أيار/مايو، وهو اليوم الذي يُكمل فيه ماسك 130 يومًا منذ تنصيب ترامب، يظل السؤال مفتوحًا حول كيفية تعامل الإدارة مع وضعه القانوني؟
ماسك هو كبش فداء وعبء... لكنه لا يزال مفيدًا
أصبح إيلون ماسك درعًا واقيًا ثمينًا لترامب، كما تقول صحيفة "نيويورك تايمز". فالرئيس الأميركي لا ينوي قطع علاقته بأغنى رجل في العالم حتى بعد مغادرته الحكومة، وفقًا لمصدرين على دراية بطريقة تفكير ترامب.
وسواء أصبح إيلون ماسك أفضل أو أسوأ، فهو عنصر أساسي في العملية السياسية لترامب وفي البنية الأوسع للحزب الجمهوري. فهو الممول الرئيسي للحزب، حيث تعهد بتقديم 100 مليون دولار للمجموعات الداعمة لترامب، بالإضافة إلى ما يقارب 300 مليون دولار أنفقها على الانتخابات الرئاسية لعام 2024. كما أنه يسيطر على أهم منصة إعلامية (منصة إكس) تروّج للسياسة الجمهورية، ما يجعل الجمهوريين يخشون الدخول في صراع معه.
📌 شنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك حملة انتقادات لاذعة ضد وكالة "رويترز" للأنباء، زاعمين أنها تلقت تمويلًا حكوميًا بشكل غير قانوني عبر عقود مع وزارة الدفاع الأميركية.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 14, 2025
📌 الشركة التابعة لمجموعة "Thomson Reuters" نفت هذه الاتهامات، مؤكدة أن الوكالة الصحفية… pic.twitter.com/CsQoEtNolw
انتخابات ويسكونسن: مخاطرة سياسية لماسك
لم تكن تأثيرات ماسك محصورة في البيت الأبيض فقط، فقد امتدت إلى المشهد السياسي الأوسع. ففي ولاية ويسكونسن، أدت حملته لدعم القاضي المحافظ براد شيميل إلى هزيمة محرجة، حيث فازت القاضية الليبرالية سوزان كروفورد بمقعد المحكمة العليا. اعتبر الديمقراطيون هذه النتيجة انتصارًا لهم، وأشاروا إلى أن شعبية ماسك المتراجعة ربما كانت عاملًا في ذلك.
فقد جعل ماسك نفسه وجهًا لهزيمة سياسية مُذلة في ولاية ويسكونسن ليلة الثلاثاء. كما أنه أثار استياء بعض أعضاء الحكومة ونفّر عددًا من المستشارين المقربين من الرئيس ترامب. ويواجه المشرّعون الجمهوريون أسئلة غاضبة من ناخبيهم حول نفوذ ماسك عندما يعودون إلى دوائرهم الانتخابية.
سيكون إنهاء ماسك لخدمته الممتدة لـ 130 يومًا كموظف حكومي خاص مصدر ارتياح لكثيرين في دائرة ترامب، وهي مدة من المقرر أن تنتهي، وفقًا للقانون الفيدرالي، أواخر أيار/مايو القادم.
تداعيات الهزيمة على العلاقة بين ماسك والحزب الجمهوري
في صباح اليوم التالي للهزيمة، بعد أن فازت القاضية الليبرالية سوزان كروفورد على براد شيميل بفارق 10 نقاط في ولاية فاز بها ترامب سابقًا بفارق نقطة واحدة، ألقت العناوين الإخبارية باللوم على ماسك باعتباره المهندس الرئيسي للهزيمة الجمهورية. ولم يمانع مستشارو ترامب في جعله كبش فداء.
حتى في مقاطعة براون، حيث عقد ماسك تجمعه الانتخابي وسعى لزيادة إقبال الناخبين المحافظين، خسر شيميل، رغم حصوله على عدد أصوات أكثر من المرشح المحافظ لعام 2023، لكن الزيادة الكبيرة في إقبال الناخبين الديمقراطيين طغت على ذلك.
بالمقابل، ورغم القلق المتزايد داخل الحزب الجمهوري، لا يبدو أن الهزيمة ستؤدي إلى قطيعة بين ماسك والحزب. غير أن القضية أكدت على أن ماسك، عند تقديم تبرعاته، يتوقع دورًا بارزًا في المشهد السياسي. بينما سيواصل الجمهوريون طلب دعمه المالي، إلا أنهم قد يصبحون أكثر حذرًا بشأن إشراكه علنًا في حملاتهم الانتخابية.
أما ماسك، الذي عادة ما يكون نشطًا على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد التزم الصمت تقريبًا بشأن النتائج. وعندما تحدث أخيرًا عبر منصة "إكس"، كتب بشكل غامض عن "لعبة الشطرنج"، قائلًا إنه "توقع الخسارة، لكن هناك قيمة في خسارة قطعة لتحقيق مكسب استراتيجي".
"يرى إيلون ماسك أنّ الحضارة الغربية باتت مهددة ويجب إنقاذها من خلال دعم صعود الأحزاب اليمينية".
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 10, 2025
تقرؤون المقال: https://t.co/aYibSiik7K pic.twitter.com/Czl50jrQFi
الدرس الجمهوري من الانتخابات الفرعية
بالنسبة لماسك والحزب الجمهوري، كانت انتخابات ويسكونسن تذكيرًا جديدًا بأن الانتخابات الفرعية تجذب نوعًا مختلفًا من الناخبين.
يقول مدير حملة ترامب 2020 ومستشاره السياسي السابق في البيت الأبيض، بيل ستيبيان، لصحيفة "نيويورك تايمز": "الناخبون الذين اصطفوا للإدلاء بأصواتهم الليلة الماضية بدوا مختلفين تمامًا عن أولئك الذين يصوتون في تشرين الثاني/نوفمبر". وأضاف أن الاعتقاد بأن ماسك يمكنه إقناع الناخبين بدعم الجمهوريين لم يكن واقعيًا، موضحًا أن الانتخابات الخاصة تعتمد على نسبة الإقبال، لا على الإقناع.
ترامب يماطل في القرار
رغم التكهنات حول مغادرة ماسك، لا يبدو أن ترامب متحمس لإنهاء دوره سريعًا، إذ قال للصحفيين في البيت الأبيض: "سأبقيه ما دمت أستطيع إبقاءه، إنه شخص موهوب جدًا". لكنه أضاف أن ماسك لديه "شركة كبيرة ليديرها"، وفي نهاية المطاف "سيعود" إليها.
نهاية مرحلة؟
مع استمرار الجدل حول مستقبل (DOGE) ودور ماسك في الإدارة، تبقى الحقيقة أن وجوده في البيت الأبيض أحدث تأثيرًا عميقًا، سواء من خلال دعواته لخفض التكاليف الحكومية أو صراعاته السياسية. ولكن مع تراجع نفوذه السياسي والمشاكل التي تواجه شركاته، قد تكون مغادرته واشنطن مسألة وقت فقط.