1. سياسة
  2. سياق متصل

بعد ثلاثون عامًا على مجزرة قانا.. كيف أصبح قتل المدنيين في غزة أمرًا عاديًا في إسرائيل؟

4 ابريل 2025
أصبحت المجازر جزءًا من الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة في غزة (منصة إكس)
الترا صوتالترا صوت

قبل 29 عامًا، في 18 نيسان/أبريل 1996، هزت مجزرة قانا العالم حين قصف الجيش الإسرائيلي مخيمًا للنازحين تابعًا للأمم المتحدة في قرية قانا جنوب لبنان، مما أسفر عن استشهاد 102 مدني، بينهم العديد من الأطفال.

وقع الهجوم خلال العملية العسكرية "عناقيد الغضب"، وكان الهدف إخراج وحدة كوماندو إسرائيلية وقعت في كمين، حيث قصف الجيش الإسرائيلي بأربعة قذائف مدفعية مخيمًا للنازحين بشكل مباشر. على الرغم من فظاعة المجزرة الواضحة، حاولت إسرائيل التعتيم على الحدث، واصفة القصف بأنه كان مجرد "حادث مؤسف". بينما أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، شمعون بيريز، عن "أسفه"، إلا أنه لم يقدم أي اعتذار رسمي. هذه الحادثة أدت في النهاية إلى إنهاء عملية "عناقيد الغضب".

على الرغم من فظاعة المجزرة الواضحة، حاولت إسرائيل التعتيم على الحدث، واصفة القصف بأنه كان مجرد "حادث مؤسف"

ومع مرور الوقت، تغيرت الأمور بشكل كبير. في مقاله في صحيفة "هآرتس"، يعكس الصحفي جدعون ليفي كيف أن مجزرة قانا، التي كانت تمثل صدمة في المجتمع الإسرائيلي والدولي في ذلك الوقت، قد أصبحت اليوم مجرد حادثة يمكن تجاهلها بسهولة. يذكر ليفي أن ما كان يُعتبر فظيعًا في ذلك الوقت، قتل 102 مدني في هجوم واحد، يبدو اليوم كأنه "قطرة في المحيط"، إذ أصبحت مثل هذه المجازر جزءًا من الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة في غزة.

من قانا إلى غزة: تحول في التعامل مع الخسائر المدنية

في الأسبوعين الماضيين، لم تكن مجزرة قانا مجرد ذكرى، بل أصبحت شبحًا يتكرر في غزة يوميًا. ليفي يوضح كيف أن القصف الإسرائيلي العنيف على غزة في الفترة الأخيرة قد أسفر عن سقوط مئات المدنيين، بينهم العديد من الأطفال والنساء. في الهجوم الأول بعد عودة إسرائيل إلى الحرب على غزة، استشهد 436 مدنيًا، منهم 183 طفلًا و94 امرأة، مما يعني أن حصيلة الضحايا في هذه الهجمات يتجاوز عدد الضحايا في قانا بأضعاف.

علاوة على ذلك، يكشف ليفي عن مجزرة جديدة ارتكبها الجيش الإسرائيلي، في حي تل السلطان برفح، حيث قتل الجيش الإسرائيلي 15 عاملًا من فرق الطوارئ أثناء محاولتهم إنقاذ الجرحى من غارات إسرائيلية سابقة. وعثر على أحد الضحايا مكبل اليدين، وآخر مصابًا بعدد من الرصاصات في جسده. في تلك المجزرة، بدا واضحًا أن العملية لم تكن صدفةً، بل كانت متعمدة. ولكن على عكس ما حدث بعد مجزرة قانا، لم تثر مجزرة تل السلطان أي موجة من الغضب في إسرائيل، بل مرّت دون أن تثير اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية.

الإعلام الإسرائيلي والصمت على الفظائع

الجدير بالذكر أن وسائل الإعلام الإسرائيلية لم تظهر الاهتمام المطلوب بهذه المجزرة، مما يشير إلى تحول كبير في الثقافة الإسرائيلية تجاه مثل هذه الجرائم. بينما شهدت الولايات المتحدة الأميركية تغيّرات كبيرة في موقفها تجاه حرب فيتنام بعد مجزرة ماي لاي، فإن وسائل الإعلام الإسرائيلية اليوم لم تجد في مجزرة تل السلطان ما يثير الرأي العام، ولا يبدو أن هناك أي رغبة في وضع حد لهذه الفظائع. حتى المجزرة الأخيرة بعد القصف الذي تعرضت له عيادة تابعة لـ"الأونروا" في جباليا من قبل الجيش الإسرائيلي، والذي أسفرت عن استشهاد 19 شخصًا بينهم أطفال، لم تلقَ أي اهتمام يذكر من الإعلام الإسرائيلي.

وفيما يتعلق بالمجازر في غزة، يشير ليفي إلى أن إسرائيل أصبحت الآن لا تكترث بخسائر المدنيين. بل على العكس، يبدو أن الحرب قد أصبحت أكثر وحشية، حيث أصبحت إسرائيل تُنفذ الهجمات الوحشية على المدنيين بشكل منهجي، دون الخوف من أي تداعيات دولية أو محلية. في الماضي، كان يُتوقع أن يثير قتل المدنيين رد فعل دولي كبير، لكن اليوم، أصبح المجتمع الدولي يراقب الأحداث بتعاطف قليل أو دون اكتراث.

هل من أمل في تغيير الموقف؟

في ظل هذه الفظائع المستمرة، يتساءل ليفي عن مدى فاعلية الاحتجاجات ضد هذه المجازر. ويشير إلى أن أية مجزرة في الماضي كانت كفيلة بإيقاف الحرب أو على الأقل الحد من عنفها، لكن اليوم يبدو أن مثل هذه المجازر لا تؤدي إلا إلى المزيد من التصعيد. إسرائيل اليوم، بحسب ليفي، قادرة على تنفيذ العديد من المجازر كما تشاء، دون أن يوقفها شيء. ما كان يُعتبر جريمة فظيعة في الماضي أصبح الآن جزءًا من الوضع الطبيعي.

إذن، على الرغم من أن المجزرة التي وقعت في قانا كانت بمثابة صدمة، فإن المجازر الحالية في غزة تُظهر تحولًا كبيرًا في التعامل الإسرائيلي مع الخسائر في الأرواح البشرية. ربما في يوم من الأيام، سيعود العالم إلى تلك الأيام التي كان فيها الهجوم على قانا يعنى تراجعًا عسكريًا، لكن اليوم، مع استمرار المجازر في غزة، تبدو هذه الأيام وكأنها جزء من تاريخ بعيد جدًا.

كلمات مفتاحية

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة

image

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة

أول مئة يوم من حكم ترامب الجديد.. ارتباك داخلي واضطراب في النظام العالمي

تسبب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منذ مجيئه إلى البيت الأبيض 20 كانون الثاني/يناير في ولاية رئاسية ثانية، بحالة من الإرباك والفوضى كادت تقلب النظام العالمي رأسًا على عقب

TEST TEST TEST

test test final

image

test 3

سياق متصل

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة