1. سياسة
  2. سياق متصل

بعد عقود من الصراع.. هل تمهّد دعوة أوجلان لمرحلة سلام أم لمواجهة جديدة؟

28 فبراير 2025
قد تشكل هذه الدعوة تحولًا تاريخيًا في مسار القضية الكردية (AP)
الترا صوتالترا صوت

يُعد عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني (PKK)، أحد أبرز الشخصيات الكردية في العصر الحديث، فقد قاد حركة مسلحة تطالب بحقوق الأكراد.  وبعد أكثر من 40 عامًا من الصراع المسلح مع الدولة التركية، خرج أمس ليدعو لإنهاء القتال وإلقاء السلاح وحل الحزب. وهي دعوة أثارت تساؤلات كثيرة حول دوافعها الحقيقية ومدى تأثيرها على مستقبل القضية الكردية.

وُلد عبد الله أوجلان في 4 أبريل 1948 في قرية عمرلي بمنطقة أورفة جنوب شرق تركيا، بالقرب من الحدود السورية. نشأ في عائلة فقيرة ضمن بيئة كردية محافظة، وكان أحد سبعة أطفال. خلال شبابه، عمل في حقول القطن بمدينة أضنة لدعم أسرته، ثم التحق بوظيفة في دائرة تسجيل العقارات في ديار بكر بين عامي 1966 و1970. لاحقًا، انتقل إلى إسطنبول ليعمل في نفس المجال.

في 27 شباط/فبراير 2025، وجه أوجلان من سجنه دعوة تاريخية لحل حزب العمال الكردستاني وإلقاء السلاح، مؤكدًا تحمله المسؤولية التاريخية عن هذه الخطوة

التعليم والتكوين السياسي

التحق أوجلان بكلية الحقوق في جامعة إسطنبول عام 1971، لكنه سرعان ما انتقل إلى كلية العلوم السياسية بجامعة أنقرة. خلال فترة دراسته، تأثر بالأفكار اليسارية والقومية، وانخرط في النشاط السياسي كعضو في جمعية "ثوار الثقافة الشرقية" في إسطنبول عام 1970. في نيسان/أبريل 1972، اعتُقل لمدة سبعة أيام بتهمة توزيع منشورات محظورة.

تأسيس حزب العمال الكردستاني

في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1978، أسس أوجلان مع مجموعة من رفاقه حزب العمال الكردستاني (PKK) في قرية فس بمنطقة ليجا في ديار بكر. تبنى الحزب أيديولوجية ماركسية-لينينية، وسعى لإقامة دولة كردية مستقلة تشمل أجزاء من تركيا، إيران، العراق، وسوريا.

الكفاح المسلح وبداية الصراع مع تركيا

في 15 أب/أغسطس عام 1984، أعلن حزب العمال الكردستاني بدء حرب عصابات ضد الحكومة التركية، مطالبًا بحقوق سياسية وثقافية للأكراد. سرعان ما تصاعدت المواجهات، وتحولت إلى نزاع طويل الأمد خلّف عشرات الآلاف من القتلى، ووضعت تركيا وأوجلان في مواجهة دموية استمرت لعقود.

المنفى والاعتقال

بعد انقلاب 12 أيلول/سبتمبر 1980 في تركيا، وتزايد الضغوط الأمنية، غادر أوجلان البلاد واستقر في سوريا، حيث أقام معسكرات تدريب لأعضاء حزبه في سهل البقاع اللبناني. في عام 1998، وبضغط من تركيا، غادر سوريا متنقلًا بين عدة دول، منها روسيا وإيطاليا واليونان. لينتهي به المطاف في كينيا، حيث ألقت الاستخبارات التركية القبض عليه في 15 شباط/فبراير 1999 بعملية سرية مدعومة دوليًا.

تم نقله إلى جزيرة إمرالي وسط بحر مرمرة، حيث حُكم عليه بالإعدام، لكن الحكم خُفف لاحقًا إلى السجن المؤبد بعد إلغاء عقوبة الإعدام في تركيا. منذ ذلك الوقت، يقضي أوجلان عقوبته في عزلة شبه تامة، مع ظهور متقطع عبر محاميه أو زيارات استثنائية.

الدعوة للسلام وحل الحزب

في 27 شباط/فبراير 2025، وجه أوجلان من سجنه دعوة تاريخية لحل حزب العمال الكردستاني وإلقاء السلاح، مؤكدًا تحمله المسؤولية التاريخية عن هذه الخطوة. فقد دعا الحزب إلى عقد مؤتمر عام واتخاذ قرار بحل نفسه، مشددًا على أن "لا سبيل سوى الديمقراطية والحوار الديمقراطي" وأن "لغة العصر هي السلام".

تداعيات القرار:

جبال قنديل

تعتبر دعوة أوجلان الأخيرة لحل حزب العمال الكردستاني وإلقاء السلاح تحولًا تاريخيًا في مسار الحزب، لكن هناك من يرى أنها محاولة لكسب دور سياسي جديد، وفق تفاهمات قادمة مع الحكومة التركية.

لكن السؤال الأهم: هل لا يزال أوجلان يتمتع بنفوذ حقيقي داخل حزب العمال الكردستاني، لا سيما جناحه العسكري في جبال قنديل؟

وفقًا للعديد من المتابعين للشأن الكردي يجمعون على أن عبد الله أوجلان لم يعد يتمتع بنفوذ مباشر على قيادة حزب العمال الكردستاني، وخاصة جناحه العسكري المتمركز في جبال قنديل. منذ اعتقاله عام 1999، تحول أوجلان إلى رمز فكري أكثر منه قائدًا يؤثر على التطورات الميدانية.

القرارات الفعلية باتت بيد القيادات العسكرية للحزب في جبال قنديل، التي ترتبط بشبكة علاقات معقدة مع إيران، والعراق، وسوريا، وحتى بعض العواصم الأوروبية.

الداخل التركي

تأتي دعوة عبد الله أوجلان لحل حزب العمال الكردستاني وإلقاء السلاح في توقيت حساس بالنسبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث تواجه حكومته تحديات سياسية واقتصادية متزايدة.

من الناحية السياسية، يسعى أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم إلى تحقيق مكاسب داخلية عبر تبني نهج أكثر ليونة  تجاه القضية الكردية، خاصة مع اقتراب الانتخابات المقبلة. إنهاء الصراع مع حزب العمال الكردستاني قد يعزز فرص الحكومة في استعادة دعم الناخبين الأكراد، خاصة في جنوب شرق البلاد، حيث يتمتع حزب الشعوب الديمقراطي (HDP) المؤيد للأكراد، بنفوذ قوي في تلك المناطق.

لكن في المقابل، يرى المعارضون والمحللون السياسيون أن هذه الدعوة قد تكون جزءًا من مناورة سياسية تهدف إلى تفكيك الفصائل الكردية المسلحة دون تقديم أي ضمانات حقيقية. تاريخيًا، استخدمت الحكومات التركية السابقة اتفاقيات السلام كمجرد أدوات مرحلية، قبل أن تعود إلى سياسات القمع العسكري عندما تحقق أهدافها الاستراتيجية.

شمال سوريا

تثير دعوة عبد الله أوجلان لحزب العمال الكردستاني إلى إلقاء السلاح وحل التنظيم جدلًا حول تداعياتها المحتملة، ليس فقط داخل تركيا، بل أيضًا في سوريا، حيث تلعب الفصائل الكردية، وعلى رأسها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، دورًا محوريًا في المشهد العسكري والسياسي.

قد تكون دعوة أوجلان على علاقة مباشرة بالتطورات داخل تركيا، لكن يبقى السؤال هل يكون لتلك الدعوة تأثير على الوضع السوري، يعيد رسم المشهد الكردي في سوريا؟

الرد على هذه الدعوة جاء من قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، الذي أعلن بوضوح أن رسالة أوجلان لا تخص (قسد)، فهو يخص حزب العمال الكردستاني ولا علاقة له بنا في سوريا، وهذا يعكس استقلالية القرار العسكري والسياسي للفصائل الكردية السورية عن القيادة التاريخية لحزب العمال.

ماهي السيناريوهات القادمة؟

إذا استجابت قيادة حزب العمال الكردستاني لدعوة عبد الله أوجلان، فقد يشكل ذلك تحولًا تاريخيًا في مسار القضية الكردية، ويمهد الطريق أمام اتفاق شامل مع تركيا.
يمكن أن يؤدي هذا السيناريو إلى إدماج الأكراد سياسيًا داخل الدولة التركية، وربما يفتح المجال أمام إصلاحات داخلية تمنح الأكراد حقوقًا سياسية وثقافية أوسع.
مع ذلك، تبقى تحديات التنفيذ كبيرة، إذ يتطلب الأمر ضمانات دولية وإجراءات سياسية جادة من قبل أنقرة لإقناع الفصائل الكردية المسلحة بالتخلي عن العمل العسكري والانخراط في الحلول السياسية.

في حال رفضت قيادة حزب العمال الكردستاني، خصوصًا جناحه العسكري في قنديل، دعوة أوجلان، فقد تتعمق الانقسامات داخل الحزب، مما قد يؤدي إلى نشوء تيارات كردية جديدة تتبنى نهجًا أكثر تشددًا.
قد يكون لهذا السيناريو تأثير مباشر على مستقبل الصراع في تركيا وسوريا والعراق، حيث ستظل الفصائل المسلحة الكردية تواجه ضغوطًا عسكرية من أنقرة، دون أي آفاق واضحة لتسوية سياسية.
علاوة على ذلك، قد تستفيد قوى إقليمية ودولية من استمرار الانقسامات داخل الحركة الكردية، ما يعقّد المشهد السياسي والأمني في المنطقة.

من المحتمل أن تستخدم أنقرة دعوة أوجلان كأداة سياسية لتبرير مزيد من العمليات العسكرية ضد الفصائل الكردية، سواء داخل تركيا أو في شمال سوريا والعراق.
قد تُسوّق الحكومة التركية هذه الدعوة على أنها دليل على انقسام حزب العمال الكردستاني، مما يعزز موقفها في مواجهة الفصائل الكردية التي ترفض التخلي عن السلاح.
في هذا السيناريو، يمكن أن تستغل تركيا الغطاء الدولي كذلك لضرب البنية العسكرية لحزب العمال، تحت ذريعة أن بقاء الفصائل المسلحة يمثل تهديدًا لفرص السلام، مما يفتح المجال أمام مزيد من التوغلات العسكرية في الشمال السوري والعراقي.

كلمات مفتاحية

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة

image

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة

أول مئة يوم من حكم ترامب الجديد.. ارتباك داخلي واضطراب في النظام العالمي

تسبب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منذ مجيئه إلى البيت الأبيض 20 كانون الثاني/يناير في ولاية رئاسية ثانية، بحالة من الإرباك والفوضى كادت تقلب النظام العالمي رأسًا على عقب

TEST TEST TEST

test test final

image

test 3

سياق متصل

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة