1. سياسة
  2. سياق متصل

بين الأزمة الاقتصادية والحراك الدبلوماسي.. أي المسارين سيحسم مستقبل سوريا؟

18 فبراير 2025
(AP) سوق الحمدية وسط العاصمة دمشق
الترا صوتالترا صوت

تعيش الليرة السورية حالة من عدم اليقين منذ شهر تقريبًا، بعدما سجلت تفاوتًا في سعر الصرف بين السوق الموازية ومصرف سوريا المركزي، فيما يواصل الخبراء تحذيراتهم من تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد، في ظل شح النقد الأجنبي في خزائن المصرف المركزي، وتراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين نتيجة التفاوت في أسعار المواد الأساسية.

وفي المقابل، أجرى وزير الخارجية والمغتربين، أسعد الشيباني، جولة خارجية بدأها بحضور قمة الحكومات العالمية لعام 2025 في دبي، ثم توجه إلى فرنسا لحضور قمة باريس لدعم سوريا، قبل أن يعود لحضور مؤتمر العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة في السعودية، في محاولة لتوجيه رسائل طمأنة للمجتمع الدولي، وتحريك عجلة رفع العقوبات المفروضة على سوريا، بالإضافة إلى الحصول على دعم الدول المانحة لإطلاق عملية إعادة الإعمار.

ارتفاع سعر صرف الليرة في السوق الموازية

بلغ متوسط سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار 13,266 وفقًا لنشرة المصرف المركزي، أمس الإثنين، بينما سجلت في السوق الموازية 10,500، محققة ارتفاعًا بنسبة 4.09 بالمئة. في المقابل، تراجع سعر غرام الذهب (21 قيراطًا) بنسبة 7.39بالمئة ليصل إلى 840 ألف ليرة، كما انخفض سعر غرام الذهب (18 قيراطًا) إلى 720 ألف ليرة. أما في السوق الموازية، فقد بلغ سعر غرام الذهب (21 قيراطًا) 860 ألف ليرة، في حين سجل غرام الذهب (18 قيراطًا) 737 ألف ليرة.

يمكن ملاحظة أن الاقتصاد السوري يواجه تحديات متعددة الطبقات في ظل الأزمة المالية التي اتضحت ملامحها بعد سقوط نظام الأسد، حيثُ تبرز عدة ملامح رئيسية تعكس واقع الاقتصاد في الوقت الراهن

فرضت حكومة تصريف الأعمال السورية قيودًا على ضخ العملة السورية في الأسواق، مما أدى إلى ارتفاع قيمتها جراء الطلب عليها، لكن هذه السياسات تبقى آنية، وقد يكون لها تداعيات سلبية على الليرة السورية في المستقبل، خاصة في ظل شح السيولة في النقد الأجنبي لدى المصرف المركزي، إلى جانب توجهات حكومية لسن سياسات نقدية أكثر صرامة للسيطرة على التضخم، وزيادة التحويلات الخارجية من دول الشتات.

وصول أموال من روسيا إلى المصرف المركزي

أعلن المكتب الإعلامي للمصرف المركزي في بيان صدر مؤخرًا عن "وصول مبالغ مالية من فئة الليرة السورية قادمة من روسيا إلى سوريا عبر مطار دمشق الدولي"، مضيفًا أن "الأرقام المتداولة حول حجم وكميات هذه الأموال غير دقيقة على الإطلاق"، وداعيًا الصفحات والمواقع الإلكترونية إلى "ضرورة الاعتماد على المعلومات الرسمية، وتجنب الانسياق وراء الشائعات"، بحسب وكالة الأنباء السورية "سانا".

غياب الشفافية حول حجم النقد المتداول

تشير تقارير غربية إلى أن "هذه الخطوة تعكس استمرار اعتماد سوريا على روسيا" لطباعة الليرة السورية، نتيجة سلسلة العقوبات المفروضة على دمشق. ويرى الخبراء أن الشركات الغربية لطباعة العملات لن تكون قادرة على توفير كميات جديدة من النقد بسرعة، بالإضافة إلى موقفها المتردد من التعامل مع سوريا نظرًا للعقوبات الغربية، مما يجعل دمشق تعتمد على الشركة الحكومية الروسية لطباعة العملات "جوزناك".

كما أنه من غير الواضح ما إذا كانت حكومة تصريف الأعمال ستقوم بسحب بعض الأوراق النقدية من التداول، حيثُ يبرز بين التساؤلات المطروحة مصير ورقة الألفي ليرة، وهي واحدة من الفئات الأكثر استخدامًا في البلاد، والتي تحمل صورة الرئيس المخلوع بشار الأسد.

ورغم رفع المصرف المركزي القيود على السحب النقدي، لا تزال الشركات والأفراد يواجهون صعوبة في الحصول على أموالهم. فقد أفاد مصرفيون بأن بعض البنوك الخاصة تتلقى 600 مليون ليرة يوميًا (حوالي 46 ألف دولار)، لكن هذا المبلغ غير كافٍ لدعم النشاط التجاري. وفي الوقت الذي حذر فيه المصرفيون من "تلاشي الاحتياطات النقدية بسرعة"، لجأ التجار إلى نظام المقايضة، والذي وصفه أحد التجار في مقابلة مع "فايننشال تايمز" بأنه "نظام مقايضة زائف".

غياب الشفافية يُعقد الأزمة الاقتصادية

يزيد غياب الشفافية حول حجم النقد المتداول من تعقيد الأزمة الاقتصادية، لا سيما مع عدم إصدار المصرف المركزي تقارير دورية، فضلًا عن عدم توفر موقعه الإلكتروني، مما يعزز الغموض حول السيولة النقدية، وفقًا لتقرير نشرته "فايننشال تايمز".

وفي هذا السياق، صرح رئيس تحرير موقع "Syria Report"، جهاد يازجي، لـ"فايننشال تايمز" قائلًا: "هناك العديد من علامات الارتباك وعدم الوضوح"، مضيفًا أن "الاقتصاد هو القضية الأكبر حاليًا"، متوقعًا أن "أحد أهم الاختبارات التي ستواجهها الحكومة الجديدة في دمشق هو ضمان توفر الطاقة والغذاء، وإعادة تشغيل الاقتصاد".

وكانت وكالة رويترز قد نقلت عن مصادر لم تسمها أن احتياط النقد الأجنبي في المصرف المركزي يُقدر بـ200 مليون دولار نقدًا، وهو ما يمثل انخفاضًا كبيرًا عن مبلغ 18.5 مليار دولار من احتياط النقد الأجنبي الذي كان مسجلًا في عام 2010، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي.

حراك دبلوماسي لرفع العقوبات الاقتصادية

في الأثناء، شهد الأسبوع الماضي حراكًا دبلوماسيًا سوريًا تنوّع بين الشرق الأوسط والقارة الأوروبية، والذي انتهى بحضور الوفد السوري برئاسة الشيباني مؤتمر العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة، وقد تخلل المؤتمر مناقشة "إزالة العقوبات لتمكين سوريا من الازدهار والتعافي الاقتصادي (...) وخارطة طريق للرؤية الاقتصادية في سوريا"، بحسب ما نقلت وكالة "سانا".

وقالت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، في مقابلة مع وكالة "بلومبيرغ" على هامش المؤتمر إن الصندوق مستعد لدعم سوريا، مشيرةً إلى أن "التواصل بدأ بالفعل بين موظفينا والمسؤولين السوريين لتفهم حاجة المؤسسات الرئيسية في البلاد كمصرف سوريا المركزي".

وأضافت غورغييفا أن "التواصل يأتي حاليًا للحصول على دعم يمكنهم من بناء قدرات المؤسسات حتى تؤدي بكفاءة بما يفيد الاقتصاد والشعب"، لكنها أشارت في الوقت نفسه إلى أن "الأمر عائد للسلطات في دمشق، فهم من يقررون شكل التواصل وسرعته، وسوريا دولة مهمة للغاية لشعبها وللمنطقة بأكملها، وسنتحرك بقدر ما تسمح الظروف هناك".

مؤتمر باريس يطالب بزيادة المساعدات الإنسانية

وفي المقابل، طالب مؤتمر باريس لدعم سوريا الذي نُظم، الخميس الماضي، المجتمع الدولي بزيادة المساعدات الإنسانية وتسريع وصولها إلى سوريا، مع تعزيز التعافي المبكر وإعادة الإعمار. كما أكدت الدول المشاركة على أنه ينبغي رفع العقوبات الاقتصادية فور تقدم المرحلة الانتقالية، مشددة على ضرورة الإسراع في وضع إطار تنسيقي جديد للمساعدات استكمالًا لمبادرات المانحين.

وكان وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، قد أكد خلال المؤتمر أن الاتحاد الأوروبي يعمل على رفع سريع للعقوبات الاقتصادية عن سوريا، بعد موافقة وزارء خارجية التكتل في اجتماعهم الأخير على بدء رفع تدريجي للعقوبات، وهي خطوة مماثلة اتخذتها المملكة المتحدة، بعدما أعلنت أنها ستبدأ بتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، واستبقتهم إليها واشنطن في تعليق لجزء من العقوبات لمدة ستة أشهر، كانت قد اتخذتها إدارة الرئيس السابق، جو بايدن، في أيامها الأخيرة.

ومع ذلك، تصطدم موافقة الاتحاد الأوروبي بمعارضة مزدوجة أبدتها اليونان وقبرص، وسط مخاوف بشأن محادثات ترسيم الحدود البحرية بين سوريا وتركيا. فقد نقلت وكالة رويترز عن دبلوماسيين أن "اليونان وقبرص تطالبان أيضًا بضمانات على إمكانية إعادة فرض العقوبات سريعًا"، وقد أعرب الدبلوماسيان عن أملهما "في التوصل إلى تسوية هذا الشهر".

تحديات الاقتصاد السوري

على ضوء ما سبق، يمكن ملاحظة أن الاقتصاد السوري يواجه تحديات متعددة الطبقات في ظل الأزمة المالية التي اتضحت ملامحها بعد سقوط نظام الأسد، حيثُ تبرز عدة ملامح رئيسية تعكس واقع الاقتصاد في الوقت الراهن.

  • عدم استقرار سعر الصرف

تشير البيانات الرسمية إلى استمرار حالة عدم اليقين في سعر الصرف، حيث يوجد فارق بنسبة 26.34 بالمئة بين السوق الموازية والمصرف المركزي، ما يعكس فقدان الثقة بالعملة المحلية. كما أن هذا التحسن يبدو قصير الأجل بسبب شح السيولة الأجنبية، وهو ما قد يؤدي إلى تذبذب حاد في قيمة العملة مستقبلًا.

  • أزمة النقد الأجنبي 

تعاني سوريا من شح حاد في احتياطيات النقد الأجنبي، وهذا التراجع من شأنه إضعاف قدرة المصرف المركزي على التدخل لدعم الليرة، ويزيد من مخاطر ارتفاع التضخم والانكماش الاقتصادي.

  • السياسات النقدية قصيرة الأجل 

أدى فرض الحكومة السورية قيودًا على ضخ العملة في الأسواق إلى ارتفاع قيمتها، لكن هذا الحل مؤقت، إذ إن نقص السيولة يعيق النشاط الاقتصادي. علاوة على ذلك، فإن غياب الشفافية حول حجم النقد المتداول يزيد من حالة عدم اليقين لدى المستثمرين، ويقلل أيضًا من فاعلية التدخلات النقدية.

  • تحديات القطاع المصرفي

رغم رفع القيود على السحب النقدي، لا تزال الشركات تواجه صعوبة في الوصول إلى أموالها، مما أجبر التجار على اللجوء إلى المقايضة، وهو مؤشر واضح على انهيار النظام المالي التقليدي. كما أن عدم إصدار تقارير دورية من المصرف المركزي يعزز الغموض حول السياسة النقدية.

  • الحراك الدبلوماسي

تزامن الحراك الدبلوماسي السوري مع دعوات دولية لرفع العقوبات، وهو ما يعكس محاولة تحسين المناخ الاستثماري. ومع ذلك، فإن الدول الغربية تربط هذه الإجراءات بالخطوات الإصلاحية التي ستتخذها حكومة دمشق في الأشهر المُقبلة، الأمر الذي قد يؤخر تنفيذ أي تخفيف للعقوبات، ويزيد من حالة عدم اليقين الاقتصادي.

ماذا يعني ذلك؟

يواجه الاقتصاد السوري مزيجًا معقدًا من الأزمات النقدية والمالية. ورغم الجهود الدبلوماسية، فإن غياب الشفافية، وانخفاض الاحتياطات النقدية، واستمرار العقوبات، تجعل الانتعاش الاقتصادي أمرًا صعب التحقيق دون إصلاحات جذرية وسياسات نقدية أكثر استدامة.

كلمات مفتاحية

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة

image

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة

أول مئة يوم من حكم ترامب الجديد.. ارتباك داخلي واضطراب في النظام العالمي

تسبب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منذ مجيئه إلى البيت الأبيض 20 كانون الثاني/يناير في ولاية رئاسية ثانية، بحالة من الإرباك والفوضى كادت تقلب النظام العالمي رأسًا على عقب

TEST TEST TEST

test test final

image

test 3

سياق متصل

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة