1. عشوائيات
  2. مجتمع

بين السياحة والتوسع الحضري.. السكان المحليون يدفعون الثمن في المغرب

25 فبراير 2025
(AFP) امرأة تجر حمارًا في سوق شعبي بمنطقة شول بالقرب من مدينة سلا في أغسطس 2017
الترا صوتالترا صوت

يُعرف المغرب بجاذبيته التقليدية، حيث تمتزج الشوارع الضيقة المليئة بالحرف اليدوية مع البيوت الشاطئية المتواضعة والمتاجر العائلية التي توارثتها الأجيال. لكن في ظل التوسع العمراني المتسارع، أصبح من الشائع أن تُهدم مدن بأكملها لإفساح المجال أمام مشاريع حضرية جديدة، دون الكثير من الحديث عن مصير المجتمعات الأصلية التي كانت تسكن هذه المناطق، وفقًا لتقرير صادر عن موقع "ميدل إيست آي" البريطاني.

التحولات الحضرية وتأثيرها على المجتمعات المحلية

يشير الموقع البريطاني في مقدمة التقرير إلى أن المغرب يشهد طفرة سياحية متزايدة منذ الأداء البارز لمنتخبه الوطني لكرة القدم في كأس العالم 2022، حيث لفت الأنظار بأدائه القوي وحماسة جماهيره الكبيرة. ومنذ ذلك الحين، أصبح المغرب وجهة سياحية بارزة، حيث أظهرت بيانات حكومية أن المملكة استقبلت 17.4 مليون سائح في عام 2024، متجاوزة الهدف الذي كانت قد حددته لعام 2026.

ويزيد هذا النمو السريع في السياحة من الضغط الحضري في البلاد، مع ارتفاع عدد السكان بنسبة 8.8% بين عامي 2014 و2024 ليصل إلى 36.8 مليون نسمة، إلى جانب ارتفاع عدد الأجانب المقيمين في المغرب بنسبة 71.8% ليصل إلى 148,152 شخصًا خلال العقد الماضي، حسب تقرير "ميدل إيست آي".

في ظل التوسع العمراني المتسارع، أصبح من الشائع أن تُهدم مدنٌ بأكملها لإفساح المجال أمام مشاريع حضرية جديدة، دون الكثير من الحديث عن مصير المجتمعات الأصلية

كما حقق المغرب رقمًا قياسيًا في عدد السياح الوافدين، حيث استقبل 14.5 مليون زائر خلال عام 2023. وأوضح مصدر في وزارة السياحة المغربية لوكالة الأنباء المغربية أن "هذه الدينامية الإيجابية تعكس ارتفاعًا ملحوظًا سواء في صفوف السياح الأجانب الذين بلغ عددهم 8.8 ملايين سائح (+23%)، أو المغاربة المقيمين بالخارج الذين وصل عددهم إلى 8.6 ملايين سائح (+17%)".

وكانت الحكومة المغربية قد أعلنت في 2022 أنها تسعى لاستقطاب 17.5 مليون سائح في عام 2026، وهو رقم يزيد قليلًا عن الرقم الذي حققته العام الماضي. ووفقًا لوكالة "الأناضول"، تعد السياحة ثاني مصدر للنقد الأجنبي في المغرب، حيث بلغت عائداتها 10 مليارات دولار في عام 2023، بعد تحويلات المغتربين بالخارج التي بلغت 11.6 مليار دولار.

ولمواكبة الطلب المحلي والأجنبي، كثّف المغرب إعادة تطوير ممتلكاته العقارية، خاصة مع اقتراب موعد استضافته المشتركة لكأس العالم 2030 مع إسبانيا والبرتغال. وقد شهدت المملكة مشاريع تنموية كبرى، مثل منتجع تغازوت السياحي البيئي بقيمة مليار دولار، ومدينة الدار البيضاء المالية، بالإضافة إلى مشروع إعادة تأهيل وادي أبي رقراق ومارينا الرباط، والذي يُتوقع الانتهاء منه في 2025 باستثمار 443 مليون دولار لتعزيز النشاط الاقتصادي والسياحي.

الشركات المحلية تدفع الثمن

يذكر ميدل إيست آي أنه عادةً ما يتم الترحيب بالسياحة والتنمية الحضرية من قبل الشركات المحلية، لكن العديد من الحرفيين المغاربة باتوا يواجهون منافسة غير متكافئة مع الفنادق الجديدة والمشاريع العمرانية، مما يهدد وجودهم في مواقعهم الأصلية.

ويوضح الموقع أن أحد أبرز الأمثلة على ذلك هو مجمّع الولجة، الذي كان يُعرف سابقًا بأنه "قصر الحرفيين"، ويقع بين الرباط وسلا. منذ تأسيسه عام 1983، كان هذا السوق يعجّ بورش الحرف التقليدية، حيث تمتلئ المحال بالفخار والمصابيح والطاولات الفسيفسائية التي تملكها عائلات محلية استقرت هناك لعقود.

لكن اليوم، لم يتبقَ سوى الركام، بانتظار أن تحل محله الفنادق الحديثة. تم نقل الحرفيين إلى موقع مؤقت داخل مدينة سلا، حيث يعاني السوق الجديد من انخفاض عدد المتاجر والمنتجات، إضافة إلى غياب الأجواء الحية التي كانت تميز الموقع الأصلي.

أحد الحرفيين المسنين، الذي جلس يحتسي شاي النعناع في متجره الجديد، حيث لم يتبقَ لديه سوى عدد قليل من أواني الطاجين التقليدية والسيراميك، رفض التعليق على وضعه الحالي قائلًا: "آسف، لا أريد التحدث عن ذلك. الأمر يؤلمني كثيرًا"، ثم وضع يده على صدره بحزن، وفقًا لميدل إيست آي.

أما الشاب الحرفي يونس، فقد أشار إلى أن الحرفيين تلقوا إشعارًا بالإخلاء قبل ستة أسابيع فقط من الموعد النهائي، وهو وقت غير كافٍ لنقل منتجاتهم وأدواتهم بالكامل. تم إغلاق الموقع القديم في الموعد المحدد، وسُوّي بالأرض، مما أدى إلى فقدان العديد من الحرفيين لمعداتهم ومنتجاتهم.

وقال يونس: "نحن نفهم أن الحكومة قامت بذلك بسبب التلوث الناجم عن التصنيع في الموقع القديم، ولأنهم يحتاجون إلى المساحة لبناء الفنادق"، ثم أضاف: "لكن المشكلة أن الموقع الجديد لن يتسع لجميع الحرفيين، وسيُسمح فقط بالبيع، وليس بالتصنيع في المكان".

وأضاف أن أرباحه في الموقع الجديد انخفضت بنسبة 40%، مما يزيد من مخاوفه بشأن المستقبل، موضحًا ذلك بقوله: "ما تمكنا من إنقاذه من الموقع القديم لن يكفينا لسنوات، وهذا أمر مقلق للغاية، لأننا لا نملك مكانًا لصنع المزيد من المنتجات".

صعود المدن البيئية في المغرب

وفقًا لتصريحات الباحث في التمدن وإدارة المخاطر الحضرية في جامعة محمد السادس، محمد هلال، لميدل إيست آي، فإن التوسع العمراني في المغرب يتميز بوتيرته السريعة، لكنه يواجه تحديات كبيرة، مثل السكن العشوائي، وضعف الحوكمة الحضرية، وتزايد الفجوة الاجتماعية، مشيرًا إلى أن المغرب يعمل على دمج استراتيجيات إدارة الكوارث في خططه الحضرية لتعزيز مرونة المدن في مواجهة التحديات.

وكمثال على هذا النهج، يوجد مشروع مدينة زناتة البيئية، الواقعة بين الدار البيضاء والمحمدية، والتي تم تطويرها لاستيعاب 300 ألف شخص من أصحاب الدخل المرتفع عبر استثمار قدره ملياري دولار. لكن هذه المشاريع تأتي على حساب المجتمعات الأصلية، حيث تم هدم منازلهم ومزارعهم وأعمالهم التجارية بالكامل. وأفادت المندوبية السامية للتخطيط في المغرب بأن المساكن المؤقتة أو غير القانونية انخفضت من 5.2% إلى 3.3% بين عامي 2014 و2024، بحسب "ميدل إيست آي".

في حالة مماثلة، خسرت رشيدة، وهي أرملة مغربية، منزلها الذي استثمرت فيه كل مدخراتها منذ عام 1980. بعد وفاة زوجها في هجمات الدار البيضاء عام 2003، تلقت تعويضًا من الملك محمد السادس، واستخدمت معظم المبلغ في تجديد منزلها. لكن في عام 2019، تم إجبارها على المغادرة مقابل تعويض لا يغطي تكلفة شراء منزل صغير. تقول رشيدة بحزن: "لقد انتهكوا حقوقنا... تركونا بلا شيء تقريبًا. لا أستطيع الاقتراب من المدينة دون أن أشعر بالقشعريرة والغثيان".

مشاريع بيئية فاشلة!

ورغم الجهود المبذولة لتطوير مدن بيئية مستدامة، إلا أن بعض المشاريع فشلت في تحقيق أهدافها. من بين الأمثلة على ذلك، مدينة تامسنا، التي أُطلقت عام 2004 كحل للسكن الاجتماعي، لكنها تحولت إلى "مدينة أشباح". وكذلك مشروع بحيرة مارشيكا في الناظور، الذي كان يهدف إلى تطوير سبع مدن بيئية، لكنه أدى إلى تلوث واسع النطاق، مما استدعى تدخل وكالات بيئية لمحاولة إصلاح الضرر.

ووفقًا لدراسة إيكوتوكسيلوجية، فإن بحيرة مارشيكا أصبحت ملوثة بسبب الأنشطة الزراعية والتوسع الحضري والتعدين، مما يهدد التنوع البيئي في المنطقة. وفي ظل هذه التحديات، شدد هلال في حديثه لـ"ميدل إيست آي" على أهمية إشراك المجتمعات المحلية في اتخاذ القرارات عبر اجتماعات منتظمة ومنصات إلكترونية تتيح لهم التعبير عن مخاوفهم، لضمان أن تعكس خطط التنمية احتياجات السكان المحليين، مشددًا على أن "إعطاء الأولوية للفئات المهمشة، مثل السكان ذوي الدخل المنخفض والنساء، أمر بالغ الأهمية".

كلمات مفتاحية

الفاتيكان عند مفترق طرق.. هل يشهد التاريخ أول بابا إفريقي في العصر الحديث؟

تبدو إفريقيا مرشحة لأن تكون في قلب التغيير الكنسي، وسط توقعات تاريخية بإمكانية انتخاب أول بابا إفريقي في العصر الحديث، في خضم صراع بين التيارين التقدمي والمحافظ

الإسكان الاجتماعي المصري.. حلم الشباب في شقة يتبخر

تحول السكن اليوم إلى حلم بعيد المنال للملايين من الشباب من أبناء الطبقة المتوسطة

مخيمات مكتظة وأطفال جياع.. لاجئو السودان يواجهون مصيرًا مجهولًا في تشاد

تشير تقارير مفوضية اللاجئين إلى أن مقاطعات شرق تشاد، التي تأوي أصلًا 400 ألف لاجئ سوداني لجأوا إليها عقب اندلاع حرب دارفور عام 2003، تُعد من بين أكثر المقاطعات حرمانًا في البلاد

TEST TEST TEST

test test final

image

test 3

سياق متصل

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة