تجمع شلال العوجا.. هجمات المستوطنين كأداة لتهجير الفلسطينيين
31 يمشي 2025
تشهد الضفة الغربية المحتلة تصاعدًا حادًا في اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين، حيث يتم تنفيذ الهجمات بوحشية متزايدة وسط تواطؤ قوات الأمن الإسرائيلية، التي تغض الطرف عن هذه الجرائم.
سرقة الماشية: ضربة قاصمة لمصدر رزق الفلسطينيين
من بين القرى التي تتعرض لهجمات المستوطنين، تجمع شلال العوجا شمال أريحا، حيث يقتحم المستوطنون المنطقة ويسرقون أعدادًا كبيرة من الأغنام. خلال الأيام الماضية، تصاعدت الهجمات، وتشير التقديرات إلى زيادة حجم السرقات. وفي آخر اعتداء، استولى المستوطنون على نحو 1500 رأس من الأغنام، وهي كامل الماشية التي تعود لعائلة فلسطينية.
من بين القرى التي تتعرض لهجمات المستوطنين، تجمع شلال العوجا شمال أريحا، حيث اقتحم عشرات المستوطنين المنطقة وسرقوا أعدادًا كبيرة من الأغنام
ووفقًا لصحيفة "هآرتس"، فإن هذه السرقة لا تمثل مجرد اعتداء عادي على الممتلكات، بل تعد تدميرًا شاملًا لمصدر رزق مجتمعات الرعي الفلسطينية وأسلوب حياتهم. المستوطنون، بدعم من الجنود الإسرائيليين، يفرضون حصارًا على هذه المجتمعات ويدفعونها نحو التهجير القسري، وهو ما يبدو الهدف الحقيقي من هذه الهجمات.
الاستيطان والضغط على الفلسطينيين
تجمع شلال العوجا، التي يضم حوالي 150 عائلة فلسطينية، تواجه منذ سنوات قيودًا إسرائيلية صارمة، من منع البناء إلى حرمانها من البنية التحتية الأساسية. لكن في السنوات الأخيرة، زادت البؤر الاستيطانية في المنطقة، حيث أُنشئت خمس بؤر تُعرف باسم "المزارع"، أقربها لا تبعد سوى 300 متر عن السكان الفلسطينيين.
فيديو يظهر اعتداء مستوطنين على فلسطينيين داخل منزلهم في خربة جنبا بمسافر #يطا جنوب الخليل. pic.twitter.com/CuoQdOAwqq
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) March 28, 2025
يستخدم المستوطنون هذه المزارع كمنطلق للهجمات: يرعون ماشيتهم في أراضي الفلسطينيين، ويمنعونهم من الوصول إلى موارد المياه، ويدمرون المراعي، ويضرمون النيران في الممتلكات، ويعتدون جسديًا على السكان، وأخيرًا يسرقون مواشيهم.
تواطؤ الجيش الإسرائيلي وغياب المحاسبة
على الرغم من تقديم عشرات البلاغات إلى السلطات الإسرائيلية، فإن الجيش والشرطة لا يحركان ساكنًا في معظم الحالات. تشير البيانات إلى أن 94% من هذه القضايا تُغلق دون توجيه أي اتهامات. في بعض الأحيان، يتجاوز التواطؤ حد الصمت، حيث تقوم القوات الإسرائيلية باعتقال الفلسطينيين المعتدى عليهم بدلًا من المستوطنين.
مؤخرًا، كشفت تقارير أن الإدارة المدنية الإسرائيلية، الخاضعة الآن لوزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، تخطط لتخصيص 2400 دونم من الأراضي حول شلال العوجا للرعي. رغم أن الإعلان لم يحدد لمن ستُخصص هذه الأراضي، إلا أن المؤشرات تشير إلى أنها ستذهب لصالح المستوطنين أنفسهم، ما يعزز مخطط تهجير الفلسطينيين قسرًا.
سياسة ممنهجة للضم والتهجير
تأتي هذه الاعتداءات في سياق أوسع من السياسات الإسرائيلية الهادفة إلى تقليص الوجود الفلسطيني في المنطقة (ج)، وهي أراضٍ تقع تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة بموجب اتفاقيات أوسلو. بينما توسع إسرائيل مستوطناتها بشكل متسارع، تحرم الفلسطينيين من أبسط حقوقهم، وتجبرهم على مغادرة أراضيهم من خلال العنف والتضييق.
🎥عنف المستوطنين في #الضفة_الغربية وصل إلى أعلى مستوياته. pic.twitter.com/LqUqS8ntlW
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) September 12, 2024
تلفت "هآرتس"، إلى أن "القانون الدولي يلزم إسرائيل، بصفتها القوة المحتلة، بحماية المجتمعات الفلسطينية، وهو ما أكده مؤخرًا حكم المحكمة العليا الإسرائيلية، الذي أمر بمنع المستوطنين من دخول خربة زنوتا"، وهي مجتمع فلسطيني آخر تعرضللتهجير القسري في تلال الخليل جنوبي الضفة. وبحسب الصحيفة يمكن تطبيق هذا النموذج على تجمع شلال العوجا عبر إجراءات واضحة، مثل تحديد "حدود تخطيط مؤقتة" تحمي الأراضي الفلسطينية من الاستيطان، وتمنع دخول المستوطنين إليها.
لكن الوقائع على الأرض تقول عكس ذلك، ففي حالة خربة زنوتا، ورغم صدور قرار من المحكمة العليا، وهي أعلى هيئة قضائية في إسرائيل، بمنع دخول الإسرائيليين إلى الخربة، وجد السكان الفلسطينيون لدى عودتهم، المستوطنين ومواشيهم وأبقارهم في القرية والأراضي التابعة لها.
مقاومة مخططات التهجير
إذا نجح المستوطنون في الاستيلاء على أراضي شلال العوجا، فقد يواجه التجمع المصير نفسه الذي واجهه 20 تجمعًا فلسطينيًا آخر في الضفة الغربية، أُجبر سكانه على التهجير القسري بسبب عنف المستوطنين منذ اندلاع الحرب على غزة.
الواقع أن عنف المستوطنين ليس مجرد أعمال فردية، بل هو امتداد لسياسات دولة تهدف إلى ضم المنطقة (ج) بالكامل، وتقليص الوجود الفلسطيني إلى أقصى حد. وتشدد "هآرتس"، أن حماية هذه المجتمعات من الهجمات ومنع شرعنة الاستيلاء على أراضيها هو معركة حقوقية وإنسانية لا يمكن تجاهلها.