تحول مفصلي.. أوجلان يدعو إلى حل حزب العمال الكردستاني وإلقاء السلاح
27 فبراير 2025
في خطوة غير مسبوقة، دعا الزعيم المسجون لحزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، التنظيم إلى إلقاء السلاح وحل نفسه، معتبرًا أن الوقت قد حان لإنهاء الصراع الذي دام أكثر من 40 عامًا.
وفي رسالة تلاها أعضاء من حزب الديمقراطية ومساواة الشعوب التركي، المؤيد للأكراد، الذي حصل على إذن رسمي لزيارة أوجلان في سجن إمرالي لأول مرة منذ سنوات، حثّ الزعيم الكردي، الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة منذ عام 1999، على عقد مؤتمر استثنائي لحزب العمال.
وقال أوجلان في رسالته: "أدعو إلى إنهاء الكفاح المسلح، يجب أن يكون هناك مؤتمر استثنائي لحزب العمال الكردستاني يتخذ فيه قرارًا بحل التنظيم"، وأضاف: "أنا مستعد لتحمل المسؤولية التاريخية لهذا النداء، لأن استمرار النزاع لا يخدم الشعب الكردي، بل يساهم في إدامة المعاناة".
منذ تشرين الثاني/أكتوبر الماضي، بدأت الحكومة التركية محادثات غير رسمية مع شخصيات كردية بارزة لبحث إمكانية إنهاء النزاع،
السياق السياسي والدوافع وراء النداء
تأتي هذه الدعوة في وقت حساس تمر به تركيا، حيث تتجه البلاد نحو انتخابات محلية حاسمة في آذار/مارس المقبل، بينما تحاول الحكومة التركية بقيادة رجب طيب أردوغان تقليل التوترات الداخلية، خاصة في المناطق ذات الأغلبية الكردية.
ومنذ تشرين الثاني/أكتوبر الماضي، بدأت الحكومة التركية محادثات غير رسمية مع شخصيات كردية بارزة لبحث إمكانية إنهاء النزاع، وسط تقارير عن عرض محتمل بإطلاق سراح أوجلان مقابل حل حزب العمال الكردستاني.
#عاجل | بيان لزعيم حزب العمال الكردستاني: على كل الجماعات أن تلقي أسلحتها وعلى حزب العمال الكردستاني أن يحل نفسه. pic.twitter.com/a4DZKJlQep
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 27, 2025
لماذا الآن؟
هناك عدة عوامل يُعتقد أنها دفعت أوجلان إلى اتخاذ هذا القرار. فقد تزايدت الضغوط الدولية على أنقرة من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لدفع مسار السلام في تركيا. كما أن التغيرات الجيوسياسية لعبت دورًا مهمًا، فبعد انتهاء الصراع المسلح ضد تنظيم "داعش" في سوريا والعراق، تضاءل النفوذ العسكري لحزب العمال الكردستاني، مما دفعه إلى إعادة تقييم استراتيجياته. إضافة إلى ذلك، يشهد الحزب انقسامات داخلية، حيث تتبنى بعض الفصائل خطًا أكثر تشددًا، بينما يرى آخرون أن المفاوضات السياسية تمثل الطريق الأفضل لتحقيق الحقوق الكردية.
ردود الأفعال: هل ينجح النداء؟
في أول رد فعل على رسالة عبد الله أوجلان، صرّح نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، إفكان علاء، بأن الحزب يترقب النتائج التي ستترتب على دعوة زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون. وأكد علاء أن "جوهر الرسالة يكمن في التخلي عن السلاح وحل التنظيم الإرهابي، ونحن نركّز على ما ستسفر عنه هذه الدعوة"، وفق قوله.
وأشار إلى أن "امتثال التنظيم لهذا النداء، من خلال التخلي عن السلاح، والتجمع، وحل نفسه، سيمهّد الطريق أمام تركيا للتخلص من قيودها". وتابع "إذا كان هذا الإعلان صادقًا، فهو خطوة إيجابية، لكننا نحتاج إلى رؤية أفعال حقيقية، وليس مجرد كلمات".
قيادات حزب العمال الكردستاني
على الرغم من النفوذ الكبير لأوجلان داخل الحزب، فإن قرار حل التنظيم لا يمكن اتخاذه بين ليلة وضحاها. فقد أكد بعض القادة العسكريين للحزب أن "هذه القضية تحتاج إلى نقاش شامل داخل الحزب قبل اتخاذ أي قرارات مصيرية".
وبحسب قيادي ميداني في الجبال الشمالية للعراق، فإن: "القرار يجب أن يكون توافقيًا، ولن يتم قبوله إلا إذا حصلنا على ضمانات فعلية من الدولة التركية بشأن حقوق الأكراد".
صعّدت #تركيا من عملياتها العسكرية التي تستهدف حزب العمال الكردستاني شمالي #العراق وذلك ضمن عملية #أنقرة العسكرية المعروفة بـ "المخلب – القفل" التي تدخل عامها الثاني
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) July 24, 2023
اقرأ التفاصيل في سلسلة التغريدات التالية⏬ pic.twitter.com/N5WvxjVLOI
المعارضة التركية: "مناورة انتخابية من أردوغان"
اتهمت أحزاب المعارضة التركية الحكومة باستخدام ورقة السلام مع الأكراد كأداة انتخابية. وقال زعيم المعارضة السابق، كمال كليجدار أوغلو:" كلما اقتربت الانتخابات، نجد أردوغان يسعى لإيجاد طرق لكسب أصوات الأكراد، لكن السؤال الأهم: هل سيتم تنفيذ هذا النداء على أرض الواقع؟".
التحديات أمام تنفيذ القرار
على الرغم من أن هذه الدعوة قد تمهّد الطريق لإنهاء العنف، إلا أن هناك عقبات كبيرة قد تعرقل تنفيذها على أرض الواقع، مما يجعل تحقيق السلام الدائم تحديًا معقدًا.
إحدى أبرز العقبات تكمن في رفض بعض قادة الحزب للحل السلمي، حيث قد يمتنع القادة الميدانيون، خصوصًا في سوريا والعراق، عن التخلي عن السلاح خشية تعرضهم للملاحقة أو الإقصاء السياسي. فالتجارب السابقة أظهرت أن عمليات تفكيك التنظيمات المسلحة غالبًا ما تترك قادتها في مواجهة مصير مجهول، دون ضمانات كافية لحمايتهم.
اعترف بالمسؤولية عن تفجير #أنقرة.. من هو حزب العمال الكردستاني؟
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) October 3, 2023
هنا التفاصيل: https://t.co/iNzKe87EE5 pic.twitter.com/cHnWCcQox1
إلى جانب ذلك، هناك غياب واضح للضمانات الدولية التي تضمن حقوق الأكراد في حال تم حل الحزب. فالتاريخ يشير إلى سيناريوهات سابقة تعرض فيها الأكراد للقمع بعد وعود لم يتم الإيفاء بها، مما يثير مخاوف جدية بشأن مصيرهم السياسي والاجتماعي في مرحلة ما بعد الحل.
علاوة على ذلك، لا يزال حزب العمال الكردستاني يحتفظ بنفوذ عسكري في شمال سوريا والعراق، مستفيدًا من دعم بعض الجماعات الكردية في تلك المناطق. هذا النفوذ يعقّد مسألة إقناع جميع الأطراف المعنية بحل الحزب، خاصة مع تداخل المصالح الإقليمية والدولية في الصراع الكردي - التركي.
لذلك، يبقى نجاح هذه المبادرة مرهونًا بمدى قدرة الأطراف المختلفة على تجاوز هذه التحديات وضمان حل متكامل يراعي الحقوق والمصالح السياسية لكافة الأطراف.
يذكر أن حزب العمال الكردستاني تأسس في أواخر السبعينيات من القرن الماضي بهدف الحصول على حكم ذاتي للأكراد في تركيا. وقد تبنى العمل العسكري ضد الدولة التركية عام 1984، وأسفر الصراع المستمر عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص. وعلى مر السنوات، تحول الصراع إلى واحد من أكثر النزاعات دموية في المنطقة، مع تأثيرات امتدت إلى سوريا والعراق.