تحويل سجن صيدنايا إلى ساحة فعاليات يثير الغضب بين السوريين

أثارت فعالية "الإشهار الرسمية لمؤسسة رابطة معتقلي الثورة السورية" التي نظمت، أمس الجمعة، في "سجن صيدنايا" الذي وصفته منظمة العفو الدولية بـ"المسلخ البشري" موجةً من الانتقادات وردود الفعل التي اتهمت منظمي الفعالية بمحاولة طمس أدلة الجرائم  التي ارتكبها النظام السوري السابق في السجون والمعتقلات.

إطلاق رابطة معتقلي الثورة السورية

كان سجناء سابقون في سجن صيدنايا السوري قد أعلنوا مؤخرًا عن تأسيس "رابطة معتقلي الثورة السورية"، ولفت السجناء إلى أن الهدف من إطلاق الرابطة هو توثيق الانتهاكات التي تعرض لها السجناء، حيثُ تخلل الفعالية تأدية مشاهد تمثيلية تحاكي الانتهاكات التي تعرض لها سجناء صيدنايا.

وبحسب ما جاء في "دعوة الإشهار" التي وجهتها الرابطة المشكلة حديثًا، فإن الهدف من الفعالية "تسليط الضوء على واقع المعتقلين والمفقودين وذويهم وتحقيق العدالة وتخفيف معاناة الآلاف من العائلات والمفقودين وعائلاتهم".

قالت الرابطة إنّ الهدف من الفعالية هو "تسليط الضوء على واقع المعتقلين والمفقودين وذويهم وتحقيق العدالة وتخفيف معاناة الآلاف من العائلات والمفقودين وعائلاتهم"

ونقلت وكالة "الأناضول" التركية عن العضو المؤسس للرابطة والسجين السابق في صيدنايا، حسين نادر، قوله إن الهدف من تأسيس الرابطة هو توثيق الاضطهاد الذي تعرض له المعتقلون، والدفاع عن حقوق السجناء والضحايا، والمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة، وتعزيز التضامن بين الناجين وعائلاتهم.

وأكدت منظمات أممية وحقوقية في بيانات متفرقة صدرت عقب سقوط نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد، في الثامن كانون الأول/ديسمبر الماضي على أهمية توثيق الأدلة التي تسلط الضوء على الجرائم والانتهاكات، وشددت المنظمان على ضرورة منع ضياع المعلومات التي قد تسهم في معرفة مصير المفقودين وتحقيق العدالة للضحايا.

ودعت المنظمات الأممية والحقوقية حكومة تصريف الأعمال التي تدير المرحلة الانتقالية في سوريا إلى التحرك الفوري لحماية الوثائق والمواقع التي تحمل أدلة على الجرائم، بما يشمل مواقع المقابر الجماعية والمراكز الأمنية، مطالبة بضمان حفظ الأدلة وتوثيقها بشكل شفاف لتحقيق المساءلة.

سجن صيدنايا يتحول إلى مركز للإعلانات والعراضات

الانتقادات التي وجهت لفعالية "الإشهار" جاءت على خلفية تنظيم الرابطة لمجموعة من الأنشطة، من بينها "العراضة الشامية"، بالإضافة إلى المشاهد التمثيلية داخل زنزانات الاعتقال التي تمثل دليلًا رئيسيًا على الجرائم التي ارتكبها النظام السابق داخل هذا السجن سيء السمعة، فضلًا عن مشاركة علامات تجارية تنشط في بيع القهوة والشوكولا عبر الترويج لمنتجاتها خلال الفعالية.

وقالت شركة "بن الحموي" في بيان إن مشاركتها في الفعالية جاءت بناءً على الدعوة التي وجهت إليها بعد حصول المنظمين على موافقة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في حكومة تصريف الأعمال، بالإضافة إلى التنسيق مع عدة وزارات، من بينها وزارة الإعلام.

وبعد تأكيد الشركة في بيانها أن "الهدف الأساسي من الحدث هو التأكيد على تحقيق العدالة والعودة إلى سجن صيدنايا بروح الانتصار"، أشارت إلى أن "وضع بوستر (ملصق دعائي) في الفعالية جاء بناءً على طلب الرابطة من أجل التغطية الإعلامية وإجراء المقابلات الصحفية، وتم طلب تقديم ضيافة مجانية للحضور".

من بين الانتقادات التي وجهت للفعالية، كان تساؤل الصحفية، وفا مصطفى، حول كيف توقع منظمو الفعالية أنهم سيساعدون أهالي المعتقلين في البحث عن أبنائهم المفقودين أو تقديم الدعم لهم، مشيرةً إلى أن شهادات الأشخاص الذين حضروا الفعالية ذكروا أنه سُمح للحضور بالدخول إلى السجن الذي يُفترض أنه هناك توافق على إغلاقها، داعية إلى إيقاف "الأخطاء الفردية من هذا النوع، والكوارث التي تحصل" في سجون ومعتقلات النظام السابق.

من جانبه، كتب الإعلامي، بهاء دبوس، في منشور على منصة "فيسبوك" معلقًا على الفعالية بالقول: "ألم يخطر ببالكم أن طريقة تعاملكم مع أكثر قضية حساسة للسوريين فيها تسفيه وإهانة لآلام وتضحيات المعتقلين وذويهم، الذين لا يملكون إجابات تشفي صدورهم عن مصيرهم حتى الآن؟!"، مضيفًا أن "النوايا الطيبة لم تعد مُبررة، عليكم التفكير بكل خطوة مليّا قبل اتخاذها، خاصة في مواضيع حساسة كهذه".

كما وجه دبوس في منشوره نقدًا لحكومة تصريف الأعمال السورية معتبرًا أن تعاطيها "الضعيف مع هذا الملف هو من أكبر الثغرات والمآخذ عليها حتى الآن"، مطالبًا الحكومة بإعادة "النظر في اعتباراتكم وتعاونوا على الأقل مع الوفد الذي التقيتم به قبل أيام، لإدارة هذا الملف، لصالحكم وصالح هذه القضية".

كما أعاد مصعب الياسين التذكير في منشوره بأنه "لأيام طويلة كانت الكثير من الأمهات تنتظر خبرًا عن أولادهن المفقودين داخل أقبية سجن صيدنايا"، مضيفًا أنه "اليوم وبعد أيام قليلة يتحول السجن لمركز للدعاية والإعلان والعراضات"، خاتمًا منشوره بالقول: "يستمر مسلسل طمس الأدلة وتخريب مسارح الجرائم في أكثر في المعتقلات والسجون".

كذلك رأى الصحفي معتز العنتابي أنه "غير مفهوم ومعيب بحق أي إدارة تبحث عن ثقة السوريين بشكل عام وأهالي المعتقلين بشكل خاص، ألا تصدر قرارًا قاطعًا بإغلاق المكان أمام كل الأشخاص، ومنع تحويل باحاته لمكان تقام فيه الفعاليات إلا بعد ضبط كل تفصيل فيها".

في حين وصف مراسل "التلفزيون العربي"، إبراهيم تريسي، الفعالية في منشور بالقول: "استغلت بعض الشركات وربما حتى بعض الفرق التطوعية هذا الحدث من أجل الدعاية، المنظمون -مع احترامي لهم-  لم يخرجوا من عباءة المناسبات الشبيبية الخطابية، مشهد شبيه جدًا بمشاهد اللقاءات والتجمعات الخطابية المليئة بالصراخ والأخطاء اللغوية التي كنا نشهدها في زمن البعث".