تدخل سياسي يمس الحريات الأكاديمية.. حاكمة نيويورك تلغي إعلان وظيفة للدراسات الفلسطينية
27 فبراير 2025
أثار قرار حاكمة ولاية نيويورك كاثي هوكول، بإزالة إعلان توظيف أستاذ الدراسات الفلسطينية من موقع جامعة نيويورك(CUNY) موجة واسعة من الجدل في الأوساط الأكاديمية والسياسية الأميركية.
فقد أدانت نقابة هيئة التدريس والموظفين بكلية "هنتر كوليدج"، القرار، معتبرةً إياه "تعديًا على الحريات الأكاديمية"، في حين بررت السلطات الإجراء بأنه يأتي في إطار مكافحة "معاداة السامية".
حذف الإعلان لا يعكس فقط الخلاف المحيط بمنصب الدراسات الفلسطينية، بل يسلط الضوء أيضًا على التداخل المتزايد بين السياسة والحياة الأكاديمية في الولايات المتحدة
إعلان الوظيفة وإزالته بعد الضغوط السياسية
كان الإعلان، الذي نُشر على موقع كلية "هنتر كوليدج"، وهي إحدى الكليات المكونة لجامعة نيويورك، يتضمن البحث عن أستاذ متخصص في الدراسات الفلسطينية، وأوضح الإعلان أن الجامعة تسعى إلى استقطاب باحث ذو خلفية تاريخية، يتناول قضايا فلسطين من منظور نقدي، يشمل مواضيع مثل الاستعمار الاستيطاني، الإبادة الجماعية، حقوق الإنسان، الفصل العنصري، الهجرة، الدمار البيئي والبنية التحتية، الصحة، العرق، النوع الاجتماعي، والجنس. كما أكد الإعلان على "انفتاح الكلية على مناهج نظرية ومنهجية متنوعة في تدريس المادة".
لكن لم يدم هذا الإعلان طويلًا، إذ أمرت هوكول إدارة الجامعة بإزالته فورًا وإجراء "مراجعة شاملة للوظيفة" لضمان عدم الترويج لنظريات معادية للسامية في الفصول الدراسية"، وفقًا لتصريح متحدث باسمها لصحيفة "نيويورك بوست".
📌 انتقد أكاديميون وحقوقيون ونشطاء إدارة جامعة كولومبيا بعد أن أعلنت أستاذة القانون "كاثرين فرانك" أن إدارة الجامعة ضغطت عليها للتقاعد بسبب انتقاداتها الصريحة لإسرائيل، ودعمها للاحتجاجات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين في الحرم الجامعي.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 14, 2025
📌 قالت فرانك إن الجامعة تحولت إلى بيئة "سامة… pic.twitter.com/bgeT7wnMDZ
وفي بيان مشترك، أيد كل من مستشار جامعة نيويورك فيليكس ماتوس رودريغيز، ورئيس مجلس الأمناء ويليام تومسون جونيور،هذا القرار، مؤكدين أن "لغة الإعلان كانت مثيرة للانقسام والاستقطاب، ولا تتناسب مع توجهات الجامعة"، وفق تعبيرهم.
تعدٍ على الحريات الأكاديمية
أثار القرار غضب أعضاء هيئة التدريس والموظفين، حيث نددت نقابة هيئة التدريس بهذه الخطوة، ووصفتها بأنها انتهاك صارخ لحرية الأكاديميين في كلية "هنتر كوليدج".
وفي رسالة مفتوحة موجهة إلى حاكمة ولاية نيويورك ومستشار الجامعة، كتبت النقابة: "نحن نعارض معاداة السامية وجميعأشكال الكراهية، لكن هذه الخطوة مضرة وغير مجدية. ما حدث هو تجاوز واضح للسلطة، وإلغاء مجال أكاديمي بالكامل يعتبر انتهاكًا خطيرًا للحريات الأكاديمية".
جامعة #كولومبيا تتجاهل الاعتداء الذي جرى على مظاهرة الطلبة الداعمة لـ #فلسطين في حرمها.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 23, 2024
تفاصيل أكثر: https://t.co/z78QMD7Qxo pic.twitter.com/wqBLL4DpX9
خلفية التوتر
يأتي هذا القرار في سياق تصاعد الاهتمام بالدراسات الفلسطينية في الجامعات الأميركية، خاصة بعد الاحتجاجات الطلابيةالتي شهدتها الجامعات عقب السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 والعدوان الإسرائيلي المستمر على غزة. لكن رغم توسع هذا المجال الأكاديمي، فإن الإعلان عن هذه الوظيفة في جامعة نيويورك أثار ردود فعل عنيفة من جماعات يهودية ومؤيدة لإسرائيل،التي اعتبرت أن وصف الاحتلال الإسرائيلي بأنه "استعمار استيطاني" أو "فصل عنصري" يُعد ترويجًا لمعاداة السامية، وفق ادعاءها.
من بين هذه الجماعات، منظمة "أوقفوا معادة السامية"، التي وصفت الإعلان بأنه "جزء من حملة كراهية ضد اليهود داخل جامعة نيويورك، وجاء في منشور على حسابها بمنصة "إكس"، إنه يعكس "خطابًا معاديًا للسامية" داخل الجامعة.
أبعاد سياسية
يذكر أن جامعة نيويورك كانت في قلب التوترات السياسية خلال العام الماضي، حيث أصبحت بؤرة للاحتجاجات الطلابية الداعمة لفلسطين، مما أدى إلى اعتقال عشرات الطلاب وضغوط من إدارة الجامعة والحكومة المحلية لقمع تلك التحركات.
وكانت هذه التوترات قد بلغت ذروتها في أيلول/سبتمبر من العام الماضي، عندما قدم القاضي السابق في ولاية نيويورك،جوناثان ليبمان، تقريرًا إلى حاكمة الولاية، أشار فيه إلى "عدد مثير للقلق من الحوادث المعادية للسامية داخل مجتمع الجامعة"، داعيًا إلى إصلاحات واسعة في كيفية تعامل الجامعة مع مزاعم معاداة السامية.
غير أن هذا التقرير أثار انتقادات من نشطاء يهود مناهضين للصهيونية، ومنظمات مثل "الصوت اليهودي من أجل السلام"،التي أكدت أن "معاداة الصهيونية ليست معاداة للسامية"، وأن الحكومة الأميركية تدعم الإبادة الجماعية في غزة بينما تسعىإلى إسكات الأصوات التي تنتقد إسرائيل".
#فيديو | احتجاجات طلبة الجامعات الأميركية تتصاعد وتتسع رقعتها تضامنًا مع #غزة.. ماذا يريدون؟ وكيف جابهتهم إدارات الجامعات والشرطة؟ pic.twitter.com/m4Wmm7deC4
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) April 25, 2024
ما بين حرية التعبير والمصالح السياسية
حذف الإعلان لا يعكس فقط الخلاف المحيط بمنصب الدراسات الفلسطينية، بل يسلط الضوء أيضًا على التداخل المتزايد بين السياسة والحياة الأكاديمية في الولايات المتحدة. فمع استمرار القمع ضد الأصوات المؤيدة لفلسطين داخل الجامعات، تتزايد التساؤلات حول مدى استقلالية المؤسسات الأكاديمية في مواجهة الضغوط السياسية.
وبينما تبرر حاكمة ولاية نيويورك موقفها بأنه "مكافحة لمعاداة السامية"، يرى معارضوها أن القرار يأتي استجابة لضغوط سياسية ومصالح انتخابية، أكثر من كونه إجراءً أكاديميًا نزيهًا.
وتبقى القضية مفتوحة على مزيد من الجدل، حيث ستحدد الأسابيع القادمة ما إذا كانت جامعة نيويورك ستعيد النظر في موقفها، أم أنها ستواصل الخضوع للضغوط السياسية المتزايدة ضد تناول الدراسات الفلسطينية في المؤسسات الأكاديمية الأميركية.