ترامب والنفوذ الروسي.. تاريخ من العلاقات الغامضة
20 أكتوبر 2024
للرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري الحالي للسباق الرئاسي، دونالد ترامب، روابط توصف بالغامضة مع روسيا، وقد سلطت صحيفة لوفيغار الفرنسية الضوء بدقة على تلك الروابط الغامضة من خلال مقابلة مع الكاتب والصحفي المتخصص في الشؤون الروسية والمرحلة السوفياتية، ريجيس جونتي، مؤلف كتاب "ترامب في قبضة الروس"، حيث استعرض حقائق وأسرارًا، وصفتها لوفيغارو بالمثيرة، عن علاقة ترامب بروسيا.
يؤكد جونتي منذ البداية أن ترامب جرى "تجنيده" من قبل الخدمات السوفييتية، ثم الروسية، منذ 40 عامًا، مع التأكيد على أن هذا لا يعني أن ترامب "عميل لروسيا أو شخصًا يتقاضى أجرًا مقابل المعلومات التي يقدمها أو العمل الذي يقوم به لخدمة قوة أجنبية"، وإنما المقصود هو ما يسميه الجواسيس الروس: "جهة اتصال سرية".
ويستند جونتي ـ الذي كان مراسلًا في تبليسي لإذاعة فرنسا الدولية وصحيفة لوفيغارو وفرانس 24 ـ في هذا الزعم على ما يقول إنها معلومات "نقلها إليه ضباط أو ضباط سابقون في المخابرات الأميركية (سي آي إبه)".
حمض ترامب النووي الاجتماعي - السياسي يجعل منه شخصًا يجد في روسيا نوعًا من النموذج أو الحليف
وبحسب جونتي، فإن "جهة الاتصال السرية" بالنسبة لجواسيس المخابرات الروسية (كي جي بي، ثم إف إس بي) عبارة عن شخص تتم تنميته، بتقديم خدماتٍ له ودعمه، مقابل أفعال تخدم المصالح الروسية.
وبالنسبة لترامب على وجه التحديد، فإن الأمر يتعلق، حسب جونتي، باتخاذ مواقف في السياسة الخارجية تخدم مصالح الكرملين، مثل إضعاف حلف شمال الأطلسي (الناتو) وعدم دعم الأوروبيين أو الدول التي تعدّها موسكو ضمن نطاق نفوذها، لا سيما أوكرانيا، التي استكثر ترامب في أحدث تصريح له اليوم الأحد مستوى الدعم الأميركي لها قائلًا: "أعتقد أن زيلينسكي هو واحد من أعظم مندوبي المبيعات الذين رأيتهم على الإطلاق، كلما جاء إلى واشنطن تمنحه 100 مليار دولار. من الذي حصل على هذا القدر من المال في التاريخ؟ لم يحدث ذلك من قبل، فلو كنت رئيسًا، لما كانت هذه الحرب اندلعت في المقام الأول، وإذا فزت في الانتخابات المقبلة سأنهيها قبل تنصيبي رئيسًا".
ترامب الحليف الأبدي للروس
يقول جونتي: "حمض ترامب النووي الاجتماعي-السياسي" يجعل منه شخصًا يجد في روسيا نوعًا من النموذج أو الحليف، في حبه للدول القوية ورفضه للديمقراطية وسيادة القانون".
وحول الزيارة التي نظمتها المخابرات الروسية لترامب إلى موسكو في تموز/يوليو 1987، قال جونتي: "إن الملف مثير للإعجاب وموثق جيدًا بفضل التحقيقات التي أجرتها السلطات والصحافة الأميركية"، مردفًا أن العقل المدبر لهذه "العملية النموذجية للكي جي بي"، كما وصفها أحد كبار المسؤولين السابقين في وكالة الأمن القومي الأميركية الذي عمل 30 عامًا على روسيا، هي ابنة السفير السوفييتي الجديد حينذاك في الولايات المتحدة، ناتاليا دوبينينا، التي كانت ـ كما سيتضح بعد بضع سنوات ـ ضابطًا في الكي جي بي تحت غطاء الأمم المتحدة، وهي من نسّقت الرحلة وبدعم من منظمة حكومية مسؤولة عن السياحة تسمى "أنتوريست"، وكانت تعرف بأنها عش للجواسيس السوفييت.
ويضيف جونتي قائلًا "إنه بعد بضعة أسابيع من عودته، دفع دونالد ترامب نحو 100 ألف دولار لشراء صفحة في 3 من أكبر الصحف الأميركية لنشر (رسالة مفتوحة) يدعو فيها إلى التوقف عن تمويل الدفاع عن دول الناتو ولم يكن ليُسعد موسكو أكثر من ذلك".
شبكة إعلامية للحكومة الروسية شكلت شبكات من أميركيين وغيرهم من أجل التأثير على الناخبين الأميركيين للتصويت للمرشح الجمهوري #دونالد_ترامب.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) September 7, 2024
اقرأ أكثر: https://t.co/4frnWGiICW pic.twitter.com/V2EMPXZ4Rf
أموال ترامب وعلاقتها بالمافيا الحمراء أو السوفييتية
يتحدّث جونتي عن علاقات وثيقة بين ترامب والمصالح الاقتصادية لما تسمى "المافيا الحمراء"، التي ظهرت في نيويورك في نهاية حقبة الاتحاد السوفييتي، بقيادة "كي جي بي" الذي كان مرتبطًا بها ارتباطًا وثيقًا، حيث يؤكد جونتي أن أموال "المافيا الحمراء قد تدفقت فعلًا وبغزارة في مشاريع العقارات والكازينوهات الخاصة بترامب، خاصةً عندما كان على وشك الإفلاس".
وبالنسبة لهذه النقطة ذكر جونتي أن صحفًا سلطت الضوء على دور "دويتشه بنك" في عالم ترامب، وكيف استمرت في إقراضه المال، متحدثًا عن مثلث غامض بين ترامب وهذا البنك والمصالح الروسية، التي سمحت بتزويد رجل الأعمال بالأموال في أوقات إفلاسه.
حملة ترامب 2015
بخصوص تُهَم الاتصالات الطويلة الأمد للمرشح الجمهوري مع الروس في حملته عام 2015، وعن الخط المباشر بين الكرملين وترامب، وتُهم التدخل المباشر من روسيا في الحملة عبر الاختراق الإلكتروني للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، يقول جونتي "إن التدخل الروسي كان نتيجةً للمصادفات ولا يرقى إلى تواطؤ".
مضيفًا: "إنّ فوز ترامب في تلك الانتخابات يعود إلى تغير المجتمع والسياسة الأميركية، وإلى شخصية دونالد ترامب نفسه والعبقرية التي يمتلكها لجذب الجماهير" مؤكدا أن الروس "دعموا حملته من خلال إغراق منصات التواصل الاجتماعي بتعليقات تشوّه حملة هيلاري كلينتون".
حكم ترامب شهر عسل بالنسبة للعلاقات الأميركية الروسية
ردّ جونتي على السؤال المتعلق بتطبيع العلاقات الأميركية مع روسيا على حساب أوكرانيا وربما حتى الناتو، في حال عودة ترامب إلى السلطة في 2025، بالقول "إنّ الولاية الأولى لترامب شهدت تسليحًا معتدلا لأوكرانيا، وهو ما كانت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما ترفضه دائمًا"،
وفسر جونتي ذلك بنفوذ ما كان يُسمى آنذاك "الكهول في الغرفة" مثل وزير الدفاع جيمس ماتيس أو مستشار الأمن القومي جون بولتون، وهو ما جعل ترامب يشعر بإحباط حقيقي من ذلك وهو يبدو اليوم مصممًا بشدة على حصوله على إدارة عليا موالية له تماما، بدعم من "مشروع 2025" لـ"مؤسسة هيريتيج" الفكرية المحافظة.
وينتهي جونتي إلى القول: "إن ما يثير الانتباه في هذه العقود الأربعة التي تم خلالها تدريب ترامب من قبل السلطة والخدمات الأمنية الروسية هو ثبات مواقفه تجاه روسيا؛ فهو يكرر اليوم كلمةً كلمة ما كان ما يقوله في عام 1987 عن الناتو أو عندما قال أخيرا إن روسيا لا يمكن أن تخسر حربًا أو أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتصرف كأنه "مندوب مبيعات" عندما يذهب للبحث عن الدعم في الولايات المتحدة الأميركية".