ترامب وخصوم واشنطن.. مشهد دولي معقد ومأزق مرتقب

تبدو ولاية دونالد ترامب الثانية مليئة بالتعقيدات على صعيد الملفات الخارجية المهمة، خاصةً تلك المرتبطة بخصوم الولايات المتحدة الأميركية. وأشارت وكالة "رويترز"، في مقال تحليلي، إلى أن الأسلوب الذي انتهجه ترامب في التعامل مع خصوم واشنطن في ولايته الأولى لا يبدو الآن مجديًا. 

وكان ترامب قد اعتمد في تعامله مع خصوم واشنطن على أسلوب متناقض، حيث أبدى صداقة علنية مع روسيا وكوريا الشمالية، في حين مارس ضغوطًا كبيرة على الصين وإيران سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي.

لكن الأمور تبدو مختلفة الآن نتيجة التغيرات التي طرأت على الساحة الدولية منذ انتهاء ولاية ترامب الأولى، وخاصةً بعد غزو روسيا لأوكرانيا في عام 2022، حيث يبدو خصوم الولايات المتحدة أكثر قوة ووحدة مما كانت عليه علاقتهم بين عامي 2016 - 2020. 

دانيال راسيل، معهد سياسة آسيا في العاصمة واشنطن، "المعضلة التي يواجهها ترامب، الذي أعرب عن رغبته في (التفاهم مع روسيا) ويحاول الضغط على الصين في التجارة، هي أن شراكة موسكو مع بكين تحد من استعداد روسيا للتعاون مع واشنطن ومن ضعف الصين أمام الضغوط الأميركية"

وشهدت السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا في العلاقات بين الصين وروسيا، حيث وقع الرئيس الصيني شي جين بينغ، والروسي فلاديمير بوتين، اتفاقيات عديدة أُطلق عليها "شراكة بلا حدود". كما قدّمت بكين، بطرق مختلفة، دعمًا اقتصاديًا كبيرًا لموسكو أتاح لها مواصلة حربها في أوكرانيا. وخلال مكالمة هاتفية بينهما بعد تنصيب ترامب رئيسًا، اقترح شي وبوتين تعميق شراكتهما الاستراتيجية. 

وفي حزيران/يونيو 2024، وقعت روسيا اتفاقيات شراكة استراتيجية مع كوريا الشمالية، ثم مع إيران يوم الجمعة الفائت. 

وتشكل هذه الدول تحالفًا رباعيًا وصفه السفير الأميركي في الصين خلال إدارة بايدن بـ"التحالف غير المقدس"، بينما يرى محللون أنه قد يمثل خسارة لنفوذ واشنطن وحلفائها.

ورأى دانيال راسيل، من معهد سياسة آسيا في العاصمة واشنطن، أن: "المعضلة التي يواجهها ترامب، الذي أعرب عن رغبته في (التفاهم مع روسيا) ويحاول الضغط على الصين في التجارة، هي أن شراكة موسكو مع بكين تحد من استعداد روسيا للتعاون مع واشنطن ومن ضعف الصين أمام الضغوط الأميركية". 

ولعبت بكين دورًا بارزًا في صمود روسيا أمام العقوبات الغربية المكثفة، عبر شراء النفط منها وتوفير السلع ذات الاستخدام المزدوج، وهي اتهامات نفتها الصين. وفي المقابل، دعمت كوريا الشمالية المجهود الحربي لروسيا في أوكرانيا عبر تزويدها بالجنود والأسلحة. كما حققت تقدمًا ملحوظًا في برنامجها الصاروخي النووي. وفي هذا السياق، يخشى الخبراء من أن تُعيد إيران إطلاق جهودها لتطوير سلاح نووي. 

وكان مايك والتز، مستشار ترامب للأمن القومي، قد قال في مقابلة مع "فوكس نيوز" في تشرين الثاني/نوفمبر الفائت: "الصين تشتري النفط من إيران بأسعار زهيدة، وإيران تستخدم ذلك لإرسال صواريخ وطائرات مسيرة إلى روسيا، التي تضرب البنية التحتية الحيوية في أوكرانيا". 

كما وصف وزير الخارجية الأميركي الجديد، ماركو روبيو، خلال جلسة تأكيد تعيينه الأسبوع الماضي، الصين بأنها "أخطر تهديد" تواجهه الولايات المتحدة، متهمًا موسكو وطهران وبيونغ يانغ بنشر "الفوضى وعدم الاستقرار".

زاك كوبر، من معهد "أميركان إنتربرايز": فريق ترامب يريد فصل روسيا وكوريا الشمالية وإيران عن الصين، مما يعني التمييز بين هذه التهديدات بدلاً من الإشارة إلى أنها مترابطة

ويرى زاك كوبر، من معهد "أميركان إنتربرايز"، أن فريق ترامب سيحاول إبعاد هذه الدولة عن الصين، موضحًا: "يبدو أنهم يريدون فصل روسيا وكوريا الشمالية وإيران عن الصين، مما يعني التمييز بين هذه التهديدات بدلاً من الإشارة إلى أنها مترابطة". 

وأشار إلى أن الخطوة المحتملة في هذا السياق هي عقد إدارة ترامب اتفاقيات مع كل من بيونغ يانغ وموسكو، مؤكدًا أن هذا الأمر لن يكون سهلًا، إذ قد لا تكون لدى هذه الدول، وخاصةً كوريا الشمالية، دوافع كثيرة للتعامل مع الولايات المتحدة.

مع ذلك، قد تعيد بعض الدول النظر في هذه العلاقة، مثل إيران التي أشار نائب السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة في عهد بايدن، روبرت وود، إلى أنها قد تعيد النظر في علاقتها بروسيا واعتمادها عليها بعد تخلي الأخيرة عن حليفها بشار الأسد، مضيفًا: "لو كنت مكان إيران ونظرت إلى كيف تخلت روسيا عن الأسد، لشعرت بقلق كبير".