ترامب يكرر دعوته لتهجير الفلسطينيين من غزة.. أفكار سامة تفتقر إلى رؤية سياسية
28 يناير 2025
أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب التأكيد على رغبته في نقل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مناطق "أكثر أمانًا" وفق زعمه، مشيرًا إلى أن لقاءه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيتم قريبًا في واشنطن.
وكان ترامب قد أثار الجدل عقب تصريحات أطلقها يوم السبت الماضي، اقترح فيها تهجير سكان غزة، التي شهدت حربًا طويلة استمرت لأكثر من 15 شهرًا، وأدت إلى تحويل القطاع إلى ما وصفه بأنه 'أرض مدمرة' أو 'موقع هدم' على حد قوله.
تأتي تصريحات ترامب في سياق استمرار النقاشات حول الحلول الممكنة للأزمة في غزة، التي تعاني من أوضاع إنسانية متدهورة نتيجة الحرب التي شهدتها. ومع تأكيد الرئيس الأميركي على ضرورة إيجاد "مناطق آمنة للفلسطينيين"، خارج القطاع وفق ادعائه
وفي رد على سؤال حول هذه التصريحات، قال ترامب للصحافيين أثناء وجوده على متن الطائرة الرئاسية، مساء الاثنين 27 يناير/كانون الثاني الجاري: "أود أن أنقلهم إلى مناطق يستطيعون العيش فيها دون اضطرابات، ثورات أو عنف"، وأضاف: "عندما تنظر إلى قطاع غزة، ستجد أنه كان جحيمًا لسنوات عديدة.. هناك دائمًا عنف مرتبط بهذه المنطقة".
لقاء قريب مع نتنياهو وحوارات مع قادة إقليميين
وفيما يتعلق بحل الدولتين، أوضح ترامب أنه سيلتقي قريبًا بنتنياهو، وقال: "سألتقيه في المستقبل القريب، وسيأتي إلى هنا للقائي".
وأشار إلى أنه أجرى محادثات في الأيام الأخيرة مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اللذين عارضا سابقًا تهجير الفلسطينيين.
🚨 مشروع تهجير جديد.. ترامب يدعو #الأردن و #مصر لاستقبال سكان #غزة على مدى طويل الأمد.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 26, 2025
📌 دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب كلاً من الأردن ومصر إلى استقبال أعداد كبيرة من سكان قطاع غزة، وأشار #ترامب إلى أن هذا الاقتراح يمكن أن يكون حلاً مؤقتًا أو طويل الأمد.
📌 وقال ترامب: أفضل… pic.twitter.com/ytIn5G3h3O
وعن الرئيس المصري، قال ترامب: "آمل أن يأخذ البعض منهم"، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة قدمت الكثير من الدعم لمصر، وأضاف: "أنا متأكد من أنه سيساعدنا".
كما أعرب عن ثقته في أن الأردن سيتعاون أيضًا في هذا الشأن، قائلًا: "إنها منطقة معقدة كما يقولون، لكنني أعتقد أن الملك عبد الله سيفعل ذلك".
إعادة النظر في الوضع بغزة
تأتي تصريحات ترامب في سياق استمرار النقاشات حول الحلول الممكنة للأزمة في غزة، التي تعاني من أوضاع إنسانية متدهورة نتيجة الحرب التي شهدتها. ومع تأكيد الرئيس الأميركي على ضرورة إيجاد "مناطق آمنة للفلسطينيين"، خارج القطاع وفق ادعائه.
هذه التصريحات أثارت جدلًا واسعًا بشأن مصير سكان غزة والمشاريع المحتملة في المنطقة، خاصةً وأن هذه الفكرة تعكس توجهات اليمين الإسرائيلي المتطرف التي لطالما طُرحت على مدار العقود الماضية.
وفي هذا السياق، اعتبر الصحفي بيتر بومونت، في تقرير أعده لصحيفة "الغارديان"، أن تصريحات ترامب تعتبر "سامة"، وتفتقر إلى رؤية سياسية متماسكة.
مشيرًا إلى أنه منذ حرب عام 1967، عندما سيطرت إسرائيل على قطاع غزة الذي كان تحت الإدارة العسكرية المصرية، ظهرت مقترحات إسرائيلية بين الحين والآخر تدعو إلى إعادة توطين سكان القطاع في مصر. ومع بداية العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، أُعيد طرح الفكرة عبر ورقة سربتها جهات أمنية إسرائيلية خلال الأسابيع الأولى من العدوان، تشير إلى خطة لإخلاء سكان القطاع إلى شبه جزيرة سيناء، وإنشاء "منطقة عازلة" تمتد لعدة كيلومترات داخل الأراضي المصرية لمنع عودتهم.
لكن مصر رفضت هذه المقترحات مرارًا وتكرارًا. وأكدت القاهرة أن إسرائيل، باعتبارها قوة احتلال، تتحمل المسؤولية القانونية تجاه القطاع. كما شددت مصر على أن أي محاولة لترحيل الفلسطينيين إلى أراضيها ستكون سياسة غير مقبولة ومرفوضة شعبيًا، خاصة في ظل تعاطف الشعب المصري مع القضية الفلسطينية تاريخيًا، على الرغم من مواقف بعض النخب السياسية.
🎥 #شاهد.. آلاف النازحين يعودون لشمال قطاع غزة بعد انسحاب جيش الاحتلال من محور نتساريم. pic.twitter.com/xgNMJ3IKMJ
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 27, 2025
أما الأردن، الذي يستضيف بالفعل ملايين الفلسطينيين، فقد أوضح هو الآخر رفضه لمثل هذه الأفكار. ويعود ذلك إلى مخاوف تاريخية من أن الفلسطينيين الذين يُهجّرون لن يتمكنوا من العودة إلى وطنهم، كما حدث في نكبة 1948.
افتقار للرؤية المتماسكة
بحسب تحليل بيتر بومونت، فإن تصريحات ترامب تتناقض مع القانون الدولي الإنساني الذي يحظر الترحيل القسري للسكان. ويشير الكاتب إلى أن هذه الفكرة تعكس افتقار إدارة ترامب لأي سياسة متماسكة تجاه الشرق الأوسط، خاصةً أن ترامب يسعى لعقد صفقة كبيرة بين السعودية وإسرائيل تتضمن تطبيع العلاقات. إلا أن الرياض، بحسب بومونت، تصر على إحراز تقدم حقيقي نحو إقامة دولة فلسطينية، مما يجعل أي تحرك يُنظر إليه كتطهير عرقي في غزة، وهو ما سيكون عائقًا كبيرًا أمام تحقيق هذا الهدف.
بحسب بومونت، هذه التصريحات قد تزيد من تعقيد الأوضاع السياسية في المنطقة بدلًا من أن تساهم في حلها.