ترحيب فلسطيني ورفض إسرائيلي.. القمة العربية تعتمد الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة
5 يمشي 2025
اختتمت في العاصمة المصرية القاهرة، أمس الثلاثاء، أعمال القمة العربية الطارئة لبحث التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وخاصة الأوضاع في قطاع غزة. واعتمد القادة العرب الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة، حيث أكد القادة المشاركون رفضهم خطة تهجير الفلسطينيين من القطاع التي تقدم بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل.
بيان القمة
أكد البيان الختامي للقمة العربية أن هناك "بديلًا واقعيًا" لمخططات تهجير الفلسطينيين من غزة، مشيرًا إلى أن أي محاولة لفرض واقع جديد من خلال التهجير القسري أو ضم الأراضي الفلسطينية ستؤدي إلى تصعيد الصراعات في المنطقة وتقويض فرص الاستقرار.
تتضمن الخطة المصرية مرحلتين أساسيتين، حيث تقدر تكلفة المرحلة الأولى بـ20 مليار دولار، على أن تستمر لمدة عامين، بينما تبلغ تكلفة المرحلة الثانية 30 مليار دولار وتمتد لعامين ونصف
شدد البيان على أهمية استكمال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بمختلف مراحله، مع إدانة استخدام إسرائيل للحصار كأداة للضغط السياسي والتجويع الجماعي ضد المدنيين الفلسطينيين. كما دان قرار حكومة بنيامين نتنياهو القاضي بوقف دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، محذرًا من التداعيات الكارثية التي قد تترتب على استمرار الحصار.
ودعا البيان الختامي مجلس الأمن الدولي إلى نشر قوات حفظ سلام دولية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، لضمان حماية الفلسطينيين من الاعتداءات المستمرة، ووقف سياسات الاستيطان ومصادرة الأراضي التي تنتهجها إسرائيل في الضفة الغربية. وشدد البيان على الدور "الحيوي الذي لا بديل له" لوكالة "الأونروا" في دعم اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، القدس، وقطاع غزة، مؤكدًا ضرورة استمرار عمل الوكالة في ظل التحديات الإنسانية المتزايدة.
موقع @palestineultra النص الكامل للخطة المصرية لإعادة الإعمار واليوم التالي في #غزة.https://t.co/p1om5jGLlt
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) March 4, 2025
تفاصيل الخطة المصرية
نشر موقع "ألترا فلسطين"، التفاصيل الكاملة للخطة المصرية، التي جاءت من 91 صفحة، وتوضح الأسس التي تقوم عليها المبادرة التي قدمها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال أشغال القمة العربية.
مراحل إعادة الإعمار وتكاليفها
تتألف الخطة المصرية من قسمين رئيسيين؛ الأول يُعرف بالسياق العام، ويمتد من الصفحة 4 حتى الصفحة 18، فيما يغطي التقرير الفني تفاصيل إعادة الإعمار من الصفحة 22 إلى الصفحة 91.
تتضمن الخطة مرحلتين أساسيتين، حيث تقدر تكلفة المرحلة الأولى بـ20 مليار دولار، على أن تستمر لمدة عامين، بينما تبلغ تكلفة المرحلة الثانية 30 مليار دولار وتمتد لعامين ونصف. وتطمح الخطة إلى إنهاء عمليات إعادة الإعمار بالكامل بحلول عام 2030، مع ضمان توفير الاحتياجات الأساسية لسكان غزة خلال تلك الفترة.
الإسكان المؤقت وإشراك الفلسطينيين في الإعمار
تشير الوثيقة إلى الدمار الواسع الذي لحق بالبنية التحتية في غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي، مؤكدةً على رفض أي محاولات لتهجير السكان، وضرورة تمكينهم من البقاء على أرضهم.
اقترحت مصر تخصيص مواقع للإسكان المؤقت في عدة مناطق داخل القطاع، بما في ذلك رفح، خانيونس، دير البلح، غزة، وشمال القطاع، لضمان استيعاب النازحين مؤقتًا ريثما تنتهي عمليات إعادة الإعمار. وتشدد الوثيقة على أهمية مشاركة الفلسطينيين، بمن فيهم العمال العاطلون عن العمل، في كافة مراحل المشروع، سواءً من حيث وضع الخطط أو تنفيذها، لضمان تحقيق فائدة اقتصادية مباشرة للمجتمع المحلي.
الإدارة المؤقتة لغزة خلال مرحلة الإعمار
تناولت الخطة المصرية أيضًا آلية إدارة القطاع خلال فترة إعادة الإعمار، مقترحةً تشكيل هيئة مستقلة من التكنوقراط، غير المرتبطين بأي فصيل سياسي، لتولي مسؤولية إدارة غزة لمدة ستة أشهر. وستعمل هذه اللجنة تحت إشراف الحكومة الفلسطينية، بهدف تمهيد الطريق أمام عودة السلطة الفلسطينية لممارسة دورها الكامل داخل القطاع.
البيان الختامي للقمة العربية في القاهرة يؤكد وجود بديل لتهجير غزةhttps://t.co/02kb2QM2u0
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) March 4, 2025
معالجة قضية فصائل المقاومة
أما بشأن فصائل المقاومة الفلسطينية، فتشير الوثيقة إلى إمكانية التعامل مع هذه المسألة بشكل جذري، من خلال "إزالة الأسباب التي أدت إلى نشأتها"، عبر تقديم رؤية سياسية واضحة تعيد الحقوق لأصحابها. وتربط الخطة حل هذه القضية بتقدم عملية السلام، والتي تشمل التفاوض على قضايا الحل النهائي، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي المحتلة عام 1967. وتعتبر الوثيقة أن تحقيق هذه الشروط سيشكل أساسًا لإنهاء جميع أشكال المقاومة، والدخول في فترة انتقالية للسلام يتم الاتفاق على تفاصيلها بين الطرفين.
ترحيب بخطة إعادة الإعمار
من جهتها، رحّبت حركة حماس بخطة إعادة إعمار غزة التي اعتمدتها القمة العربية الطارئة في القاهرة، مؤكدةً على ضرورة توفير جميع مقومات نجاحها. وثمّنت الحركة جهود مصر في التحضير لعقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة، مشيدةً بمواقف القادة والزعماء العرب الرافضة لخطط الاحتلال لتهجير الشعب الفلسطيني ومشاريع الضم والتوطين، والداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في الحرية وتقرير المصير.
كما أكّدت حماس تأييدها لتشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لمتابعة ملف الإغاثة وإعادة الإعمار وإدارة غزة كجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية. ودعت القادة العرب إلى اتخاذ مواقف حاسمة للتصدي لانتهاكات الاحتلال، والتأكيد على أن المسجد الأقصى خط أحمر، مشددةً على ضرورة إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في أسرع وقت ممكن لبناء المؤسسات الوطنية الفلسطينية التي تعبّر عن تطلعات الشعب في الحرية والاستقلال.
رؤية السلطة الفلسطينية
أعلن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، خلال كلمته عن رؤية السلطة الفلسطينية لمستقبل قطاع غزة وإعادة إعماره. أشاد عباس بالخطة المصرية التي وصفها بالخطة "المشتركة المصرية-الفلسطينية-العربية لإعادة إعمار القطاع". داعيًا الرئيس الأميركي دونالد ترامب لدعم هذه الجهود. كما أعلن عن استحداث منصب نائب لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين، وأصدر عفوًا عامًا عن جميع المفصولين من حركة فتح. وأكد عباس استعداد السلطة لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في غزة والضفة والقدس الشرقية العام المقبل، شرط توفر الظروف المناسبة، مشيرًا إلى أن إسرائيل كانت قد رفضت سابقًا إجراء الانتخابات في القدس.
رفض للخطة
رفضت إسرائيل الخطة العربية لإعادة إعمار غزة التي أقرتها القمة العربية في القاهرة، معتبرة أنها "لا تعالج الواقع بعد هجوم 7 أكتوبر" وتكرر مواقف قديمة دون إدانة حماس. واتهمت الخارجية الإسرائيلية السلطة الفلسطينية ووكالة "الأونروا" بـ"الفساد والفشل"، ورفضت أي دور لهما في مستقبل غزة. كما دعت إسرائيل إلى دعم خطة ترامب لتهجير سكان غزة، زاعمة أنها تمنح الفلسطينيين "خيارًا حرًا"، واتهمت الدول العربية باستخدام الفلسطينيين كأداة سياسية ضدها.
وكرَّر المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية مزاعم أن "حماس هي من تمنع أي فرصة للأمن بالنسبة لإسرائيل وجيرانها"، مضيفًا أن "من أجل تحقيق السلام والاستقرار، لا يمكن أن تبقى حماس في السلطة".
في أول تعليق رسمي، إسرائيل تعلن رفضها الخطة العربية وتؤكد تمسكها بالتهجيرhttps://t.co/xHH1Qaa9V1
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) March 4, 2025
معوقات تنفيذ الخطة
أحد العوائق الرئيسية لتنفيذ الخطة المصرية، هو غياب التمويل الإقليمي والدولي لإعادة إعمار غزة إذ بقيت حماس القوة المسيطرة، ما يضع تحديًا كبيرًا أمام إعادة تأهيل القطاع المدمر. كما أن غموض الخطة بشأن كيفية إدارة غزة عمليًا، خاصة في ظل عدم وجود آلية واضحة لنقل السلطة وإدارة الأمن، يثير تساؤلات حول مدى فاعلية هذا المقترح وقدرته على الصمود أمام الحقائق السياسية والميدانية.
إذ أن الخطة لا تقدم تفاصيل حول الجهة التي ستتولى إدارة مهمة الحوكمة، لكنها أشارت إلى أنها ستعتمد على خبرات الفلسطينيين داخل غزة وخارجها للمساهمة في إعادة إعمار القطاع والتعافي في أسرع وقت ممكن.
بالإضافة لذلك، فإن الرفض الإسرائيلي الصريح للخطة المصرية ولعودة السلطة الفلسطينية إلى غزة والتشبث بهدف "القضاء" على حماس، والتمسك بخطة ترامب الداعية لتهجير الفلسطينيين من غزة، يكشف عن توجه أمني وسياسي واضح أصبحت جزءًا أساسيًا من السياسات الإسرائيلية الحالية.