1. سياسة
  2. سياق متصل

تسويات اللحظة الأخيرة تحسم تشكيل الحكومة في لبنان

10 فبراير 2025
نواف سلام يوقع مرسوم تشكيل الحكومة اللبنانية (رويترز)
حوراء دهينيحوراء دهيني

بعد أقلّ من شهر على تكليفه، وقبل عشرة أيّام من انتهاء المهلة المفترضة لخروج الجيش الإسرائيلي من جنوبي لبنان، خرجت تشكيلة الحكومة التي وضعها  نوّاف سلام إلى النور، وهي أوّل حكومة في لبنان منذ العام 2022، والحكومة تتألّف من 24 وزيرًا، حيث شاركت فيها معظم القوى السياسية الممّثلة في مجلس النواب، بالإضافة إلى شخصيات مستقلة اختارها رئيسا الجمهورية والحكومة، فيما كان لافتًا غياب التيار الوطني الحر عن الحكومة للمرة الأولى منذ عام 2008، كما ضمّت الحكومة الجديدة أسماء خمس نساء  الأمر الذي يحصل للمرة الأولى في تاريخ لبنان.

وفور تسلّمه لائحة التشكيلة الحكومية، وقّع رئيس الجمهورية، جوزاف عون، على استقالة حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي، وفي الموقف الأول له بعد تشكيل الحكومة، اعتبر الرئيس نواف سلام أنّ الإصلاح هو الطريق الوحيد للإنقاذ الحقيقي، وأنّ الحكومة ملتزمة بتطبيق القرار 1701 حتّى انسحاب آخر جندي إسرائيلي من الأراضي اللبنانيّة، وإعادة الإعمار، وهي ستعمل لاستعادة الثقة بين الدولة والمواطن وبين لبنان ومحيطه العربي والمجتمع الدولي.

تذليل العقبات في الساعات الأخيرة

بعد أيام فقط من فشل الوصول إلى تسوية، بسبب الاعتراض على اسم الوزير الخامس لمياء المبيض، المخصص لحزب الله وحركة أمل "الثنائي الشيعي"، وما رافقه من أجواء تشاؤم انتشرت بين اللبنانيين، تغيّرت الأمور بشكل دراماتيكي لتخرج الحكومة من بين الركام.

شاركت معظم القوى السياسية الممثّلة في البرلمان في تشكيل الحكومة، كما ضمّت الحكومة الجديدة أسماء خمس نساء  الأمر الذي يحصل للمرة الأولى في تاريخ لبنان

لعلّ أبرز ما حصل الأسبوع الفائت كان تصريحات المبعوثة الأميركيّة الجديدة مورغان أورتاغوس التي وصلت إلى لبنان، نهار الجمعة، وأثارت الكثير من الصخب والسخط، حيث نقلت معارضة بلادها مشاركة حزب الله في الحكومة اللبنانية، كما شكرت إسرائيل على هزيمتها الحزب في الحرب الأخيرة، ما استدعى من رئاسة الجمهوريّة إصدار بيان يؤكّد أنّ كلام أورتاغوس يعبّر عن وجهة نظرها والرئاسة غير معنيّة به، ما أوحى أن الملف الحكومي يزداد تعقيدًا وأنّ عمليّة التأليف تبتعد عن مسارها. لكنّ عوضًا عن ذلك حُلّت جميع العقد وتمّ تأليفها في اليوم التالي.

وزارة الماليّة وإبقاؤها مع الثنائي الشيعي كانت أحد أهم أسباب عرقلة تشكيل الحكومة، فبعد إصرار الثنائي الشيعي على الحصول على وزارة الماليّة، علت بعض الأصوات المستنكرة باعتبار أن ذلك يضرب مبدأ المداورة للوزارات السيادية بين الطوائف الأساسية بحسب ما وعد سلام نفسه، لكن رغم ذلك كانت عقدة وزارة الماليّة أوّل العقد التي تمّت تسويتها، ليكون توزير ياسين جابر المقرّب من حركة أمل لوزارة المال أوّل الأمور التي حسمت خلال عمليّة التأليف.

كان تمثيل بعض الأسماء في الحكومة من النقاط التي تسببت في تأخير عملية التشكيل، حيث برزت محاولات داخلية وخارجية لإعادة النظر في آلية تمثيل القوى السياسية الشيعية، رغم سيطرتهما الكاملة على المقاعد الشيعية في مجلس النواب، وكونهما الفاعلين الأساسيين في المشهد السياسي الشيعي. وبعد مشاورات مكثفة، تم التوصل إلى صيغة تقضي بحصول حركة أمل وحزب الله على أربعة وزراء محسوبين عليهما دون أن يكونوا منتمين حزبيًا بشكل مباشر

كان الوزير الخامس آخر الملفات التي تمّ البت بها في الحكومة، حتّى تمّ الاتفاق أخيرًا على اسم فادي مكي ليكون وزير التنمية الإداريّة. كما أن من بين الملفات التي حُسمت في الساعات الأخيرة كان منصب نائب رئيس الحكومة، حيث دفع نواف سلام باتجاه تعيين الوزير السابق طارق متري، المعروف بخبرته في الأوساط الدولية، والذي تولّى مهام بارزة، من بينها منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بين عامي 2012 و2014. في المقابل، كان هناك طرح آخر لصالح ميشال المر، رئيس مجلس إدارة محطة MTV، بدعم من القوات اللبنانية، ما أدى إلى نقاش إعلامي واسع حول الأسماء المطروحة. وفي النهاية، نجح سلام في تثبيت اسم متري لهذا المنصب.

تحدّيات الحكومة الحكومة وشكل البيان الوزاري؟

تتجه الأنظار اليوم نحو جنوب لبنان، والوجود الإسرائيلي في بعض النقاط العسكرية بعد 18 شباط/فبراير، رغم تداول الإعلام الإسرائيلي معلومات عن التوجه نحو الانسحاب الشامل إلاّ أن الجهة اللبنانيّة تتخوّف من عدم التزام إسرائيل ببنود الاتفاق، من ناحية أخرى يظلّ ملفّ إعادة الإعمار التحدي الأكثر راهنية الآن، خاصّة في ظلّ التدمير شبه الكلي لقرى الحافة الأماميّة، ووجود أكثر من 90 ألف مواطن نازح لحين اللحظة.

وإعادة الأعمار يشمل ملفات أبعد من الوحدات السكنية، وتتعدّاه إلى ضرورة البدء بحملات تشجير وتعبيد طرقات وبناء أرصفة وترميم بنى تحتيّة جرّاء التهشيم الذي تعرّضت له القرى في الجنوب. هذا طبعًا إلى جانب انتشار الجيش على الحدود وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانيّة إن كان لناحية سلاح حزب الله، أو السلاح المنتشر في المخيمات الفلسطينية، وقد بدأت بعض الزيارات الرسمية للاتفاق على آليّة نزع الأخير.

على ساحة التحديات الحكوميّة أيضًا يبرز ملف معالجة الحدود اللبنانية السوريّة، لناحية ضبط عمليات التهريب من الجهة اللبنانيّة، وحماية الأمن حيث تستمرّ منذ أيام معارك بين الجانب السوري والعشائر في البقاع. بجانب كل هذه الملفات ذات البعد الاستراتيجي هناك ملفات شديدة الإلحاح والراهنية والتأثير في حياة المواطن اللبناني، والتي تجعل الكثير من العقبات أمام مقدرة الحكومة على التصدّي لها، ويعدّ ضيق الوقت الممنوح للحكومة أبرزها. إذ إن ملفّ أموال المودعين وانهيار القطاع المصرفي بتأثيراته المتتابعة منذ العام 2019 يعود للواجهة مجدّدًا كونه سيعكس المسار الذي سترسمه الحكومة لنفسها لناحية السياسة المالية والمصرفيّة، بالإضافة إلى ضرورة معالجة انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية.

عقب التشكيل صرّح العديد من الوزراء عن استعداد الحكومة للتحديات الراهنة، فوزير العمل تحدّث عن تصدّي وزارته لملف زيادة فرص العمل ورفع الأجور وتحسين شروط العقود، ووزير الصناعة أكّد على ضرورة تطوير الصناعة ورفع حجم الصادرات لإحداث تغيير إيجابي في ميزان المدفوعات. ملفّات عديدة أخرى تتعلق بالقطاع التربوي وقانون الانتخابات النيابية على الحكومة أن تضطلع بمعالجتها. كل هذه الأمور تضع لبنان أمام منعطف حاسم، يبقى أن الحكومة ورغم تأليفها لم تزل أمام عقبة أساسيّة في مسارها، تدور حول البيان الوزاري وكيفيّة صياغته، دون أن يسبّب الحساسيات لدى أي من المكوّنات اللبنانيّة، ويمكّنها من نيل ثقة المجلس النيابي لمباشرة العمل بسرعة وفعالية.

الأيّام القادمة تحمل للبنان الكثير، فبعد ولادة الحكومة العيون شاخصة الآن على المسار المرسوم لهذا العهد، بين اليد الممدودة دوليًّا إلى لبنان والتحديات الكبيرة، والمآزق المحيطة به من جهتي الحدود، والأوزار التي يحملها النظام اللبناني نفسه بتركيباته ومكوناته، هل ستنجح الأقطاب في افتتاح عهد جديد؟ أمّ أنّ الوضع أصعب من أن نتفاءل بحدوث ذلك؟

كلمات مفتاحية

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة

image

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة

أول مئة يوم من حكم ترامب الجديد.. ارتباك داخلي واضطراب في النظام العالمي

تسبب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منذ مجيئه إلى البيت الأبيض 20 كانون الثاني/يناير في ولاية رئاسية ثانية، بحالة من الإرباك والفوضى كادت تقلب النظام العالمي رأسًا على عقب

TEST TEST TEST

test test final

image

test 3

سياق متصل

وقف إطلاق النار في لبنان يهتزّ... الجيش اللبناني يلتزم بالـ"ميكانيزم" وقلق من تسخين جديد للجبهة