تشكيل حكومة جديدة في لبنان يصطدم بالصراع على حقيبة وزارة المالية

مضى نحو ثلاثة أسابيع على تكليف الرئاسة اللبنانية القاضي، نواف سلام، بتشكيل حكومة جديدة لخلافة حكومة تصريف الأعمال التي يقودها، نجيب ميقاتي، منذ أكثر من عامين، دون أن تظهر أي بوادر يمكن أن تقود إلى اقتراب موعد الإعلان عن الحكومة، خاصة بعد التقارير التي تحدثت عن تمسك الثنائي الشيعي بحقيبتي المال والصحة، وسط إصرار سلام على الالتزام بالمعايير التي وضعها لتشكيل الحكومة المرتقبة.

وبعد فراغ في منصب رئاسة الجمهورية دام لنحو 25 شهرًا، انتخب البرلمان اللبناني قائد الجيش، العماد جوزاف عون، رئيسًا للجمهورية في التاسع من الشهر الجاري، وبعد أيام من اختيار عون لهذا المنصب، كلفت الرئاسة اللبنانية سلام بتشكيل حكومة جديدة بعد حصوله على 84 صوتًا في الاستشارات النيابية، والتي رأى كثيرون أن اختيار رئيس محكمة العدل الدولية لرئاسة الحكومة يعني دخول لبنان "منعطفًا تاريخيًا مهمًا يعوّل عليه لإفرازه واقعًا جديدًا"، وفقًا لتقرير سابق لموقع "الترا صوت".

وكان سلام قد أكد بعد اللقاء الذي جمعه بالرئيس عون، أول أمس الأربعاء، على أنه لن يتراجع "عن المعايير التي اعتمدها لتشكيل الحكومة، وأبرزها فصل النيابة عن الوزارة، والاعتماد على الكفاءات، وتوزير أشخاص غير مرشحين للانتخابات"، مضيفًا أنه من "أنصار المرونة في التعاطي مع الجميع، وسأواجه الصعوبات وإخرج الحكومة إلى النور قريبًا"، وهو ما اعتبره أنه سيؤدي إلى "استعادة الدعم العربي والثقة الدولية".

تصطدم محاولات القاضي، نواف سلام، المكلف بتشكيل حكومة جديدة في لبنان بإصرار حركة أمل على تولي حقيبة وزارة المالية، الأمر الذي يعرقل حتى الآن التوصل لصيغة توافقية تؤدي إلى الإعلان عن الحكومة المرتقبة

وبحسب ما نقلت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية، فإن حكومة سلام ستكون مؤلفة "من 24 وزيرًا لأن حكومة الــ30 وزيرًا وحكومة الوحدة الوطنية والمجلس النيابي المصغّر غير عملية"، معتبرًا أنه لا يمكن "تشكيل حكومة أقل من ذلك، كي يكون لكل وزير حقيبة واحدة"، وتابع مشددً على أنه "لا يوجد وزارة حكر على طائفة كما لا يوجد وزارة ممنوعة على طائفة"، قبل أن يشير إلى أن "الشائعات حول تشكيل الحكومة تزداد يومًا بعد يوم"، مما يفرض على اللبنانيين "التحلي بالصبر لتفادي البلبلة".

لكن الأمور تبدو أكثر تعقيدًا بالنسبة لسلام في ظل التقارير التي تحدثت عن تمسك حركة أمل بحقيبة المال. وهذه الحركة يقودها رئيس مجلس النواب، نبيه بري، مهندس اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل الذي دخل حبز في 27 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وأنهت واحدة من أعنف الحروب التي خاضها لبنان مع إسرائيل منذ ستينيات القرن الماضي.

كما أن حزب الله، الذي يشكل مع الحركة تحالفًا برلمانيًا، متمسك هو الآخر بحقيبة الصحة. وهنا لا يجب تجاهل باقي الفرقاء السياسيين، بما فيهم القوات اللبنانية، وكتلة النواب التغييريين، وباقي الأطراف السياسية التي تصر على "تمثيل وزاري وازن"، وفقًا لموقع "العربي الجديد".

وضمن هذه الأجواء التي تبدو أنها تعرقل جهود سلام لتشكيل حكومة جديدة في أقرب وقت ممكن، نقلت وكالة رويترز عن خمسة مصادر مطلعة قولها إن واشنطن تضغط على كبار المسؤولين اللبنانيين لمنع حزب الله أو حلفائه من تولي حقيبة وزارة المالية في الحكومة المقبلة، وأضافت المصادر ذاتها التي تحدثت شرط عدم الكشف عن هويتها أن واشنطن نقلت رسائل إلى عون وسلام تفيد بأنه "لا ينبغي لحزب الله أن يشارك في الحكومة المقبلة".

ووفقًا لما نقلته رويترز عن ثلاثة مصادر لها اطلاع مباشر، فإن "السماح لحزب الله أو حركة أمل بترشيح وزير المالية من شأنه أن يضر بفرص لبنان في الحصول على أموال أجنبية للمساعدة في تلبية فاتورة إعادة الإعمار الضخمة الناجمة عن حرب العام الماضي"، وذلك في إشارة إلى حجم الهائل الذي خلفه العدوان الإسرائيلي على لبنان، والذي طال كافة الأراضي اللبنانية، خاصة في جنوب وشرق البلاد، فضلًا عن ضاحية بيروت الجنوبية، المعقل الرئيسي للحزب في العاصمة اللبنانية.