تعزيزات عسكرية وعقوبات اقتصادية.. أوروبا تستعد لمقارعة ترامب
28 يناير 2025
لا يبدو أن الأوروبيين سيقفون مكتوفي الأيدي أمام سياسات ترامب وإجراءاته العقابية، ففي موقفٍ صريح أعلنت فرنسا على لسان وزير خارجيتها جان نويل بارون أنّ الاتحاد الأوروبي قرّر الرد على أي رسوم جمركية تفرضها إدارة ترامب على واردات الدول الأعضاء في الاتحاد. وبالتزامن مع هذا الإعلان قامت الدنمارك في إجراءٍ عملي بتعزيز وجودها العسكري في منطقة القطب الشمالي، ردًّا على أطماع ترامب في جزيرة غرينلاند.
فرنسا تمثّل رأس الحربة:
تعهّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب طيلة حملته الانتخابية بمعالجة العجز المتفاقم في الميزان التجاري بين بلاده وحلفائها الأوروبيين، ولن يتحقق ذلك حسب ترامب إلّا بإحدى طريقتين، الأولى هي فرض رسوم جمركية عالية على الواردات الأوروبية بنسبة تتراوح ما بين 10 إلى 20%، أما الطريقة الثانية فتتمثل في إقبال الأوروبيين على شراء الطاقة الأميركية من نفط وغاز، على ما في ذلك من تكلفة كبيرة بسبب تكاليف النقل.
وعلى الرغم من أنّ ترامب لم يتخذ قرارًا حتى اللحظة بفرض الرسوم الجمركية التي توعّد بها على الواردات الأوروبية، إلّا أنّ دول الاتحاد الأوروبي فضّلت استباق الخطوة بتلويحها باتخاذ إجراءات عقابية مشابهة، في مؤشر على رفضها الرضوخ لتهديدات ترامب.
أوروبا تواجه تحديين هما التحدي الأميركي والصيني حسب رئيس الوزراء الفرنسي
وفي هذا الصدد كشف وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، الثلاثاء 28 كانون الثاني/يناير الجاري، في حديث مع إذاعة SUD Radio أنّ دول الاتحاد الأوروبي "سترد على أي رسوم جمركية تفرضها عليها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب"، ويعكس هذا التصريح مستوى التصعيد الذي يمكن أن تصل إليه الأمور بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين، وهنا يتم الحديث عن سيناريو حرب تجارية قد لا يخرج منها أيّا من الطرفين رابحًا، بل من المرجح أن يكان المنافس الصيني أكبر مستفيدٍ منها.
يبدو من تصريح بارو أن الأوروبيين أعدّوا العدة لحماية مصالحهم التجارية في وجه سياسات ترامب الاقتصادية التي لا تقيم اعتبارًا إلا لحسابات الربح والخسارة وتضع المصالح التجارية الأميركية فوق أي اعتبار سياسي أو ديبلوماسي.
تجدر الإشارة إلى أنّ فرنسا قادت منذ وقتٍ مبكّر حملة تنسيق الجهود الأوروبية للرد على تهديدات ترامب الاقتصادية، حيث سبق لرئيس وزرائها فرانسوا بايرو أن صرّح الأسبوع المنصرم قائلًا إنه يجب على "باريس والعواصم الأوروبية ككل أن تقف في وجه الرئيس ترامب وسياساته، وإلا فستواجه السحق".
كشف وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، الثلاثاء 28 كانون الثاني/يناير الجاري، في حديث إذاعي أنّ دول الاتحاد الأوروبي "سترد على أي رسوم جمركية تفرضها عليها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب"
وأضاف بايرو أنّ "الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة ترامب قررت البدء في شكلٍ جديدٍ من أشكال الهيمنة السياسية الشديدة، من خلال الدولار، ومن خلال سياستها للقطاع الصناعي، ومن خلال قدرتها على الاستحواذ على استثمارات وأبحاث العالم"، مردفًا القول "إذا لم نفعل شيئًا، فإن مصيرنا سيكون بسيطًا للغاية، سوف نتعرض للهيمنة، وسوف نُسحق، وسوف نصبح مهمشين"، وحول طبيعة الرد الأوروبي على مثلِ هذا الخطر "الوجودي" اعتبر بايرو أن القرار" يقع فقط على عاتق الشعب الفرنسي وعلى كاهل أوروبا، لأنه من الواضح أنه من دون أوروبا لا يمكننا أن نفعل أي شيء".
وذهب بايرو إلى أبعد من ذلك عندما قال إن فرنسا وأوروبا تواجهان حاليًا تحديين هما التحدي الأميركي والصيني"، مشيرًا إلى أن قوة الصين الاقتصادية في تعاظم، حيث "تجاوز فائضها التجاري في كانون الأول/ديسمبر الماضي حاجز الألف مليار دولار".
الدنمارك تعزز دفاعاتها في القطب الشمالي:
دفعت الدنمارك بمزيد من التعزيزات العسكرية في منطقة القطب الشمالي، وبلغت قيمة تلك التعزيزات الجديدة أكثر من ملياريْ دولار، وجاءت هذه الخطوة ردًّا على أطماع ترامب في جزيرة غرينلاند ذات الموقع الاستراتيجي حيث تقع بين الولايات المتحدة وأوروبا، وفي ظلّ الذوبان المتوقع بشكلٍ كامل للجليد في القطب الشمالي ستتضاعف أهميتها الاستراتيجية، حيث ستتحول منطقة القطب الشمالي إلى ممر رئيسي لسفن الشحن فضلًا عن الثروات الطاقوية والمعدنية الكبيرة فيها.
دفعت الدنمارك بمزيد من التعزيزات العسكرية في منطقة القطب الشمالي، وبلغت قيمة تلك التعزيزات الجديدة أكثر من ملياريْ دولار، وجاءت هذه الخطوة ردًّا على أطماع ترامب في جزيرة غرينلاند ذات الموقع الاستراتيجي حيث تقع بين الولايات المتحدة وأوروبا
ومن المتوقع أن تصل 3 سفن دانماركية بالإضافة لطائرات مسيرة طويلة المدى إلى مياه القطب الشمالي حول جزيرة غرينلاند.
يشار إلى أنّ جزيرة غرينلاند، وعلى الرغم من تبعيتها لحكم التاج الدانماركي، إلا أنها تتمتع بحكمٍ ذاتي، ومع تعبير ترامب المتواصل عن سعيه لضم الجزيرة بادرت الدانمارك وجزر فارو وغرينلاند إلى توقيع اتفاقيات للردع والدفاع المشترك.
وكان ترامب قد أكّد في أكثر من مرة أنّ الاستحواذ على غرينلاند "ضرورة مطلقة للأمن القومي الأميركي والعالمي" وفق تعبيره.
وردًّا على عرض ترامب شراء الجزيرة قال رئيس وزراء غرينلاند ميوتي بوروب إيغيدي، إنّ جزيرة غرينلاند "ليست للبيع، فهي ملك لشعب غرينلاند"، مضيفًا "نحن لسنا للبيع ولن نكون للبيع أبدًا، لن نخسر نضالنا الطويل من أجل الحرية".